سهيلة زين العابدين حمّاد
نُشر في جريدة المدينة يوم السبت في 13/10/2018م

توقفتُ في الحلقة
الماضية عند صدور فتاو تخالف القرآن الكريم مخالفة صريحة،فهل تُعتبر توقيع عن الله
عز وجل، مثل:

1. نسخهم لآية الوصية بدعوى أنّ آيات المواريث نسختها، ولحديث موضوع
” لا وصية لوارث، وأقول حديث موضوع لقوله تعالى:(
كُتِبَ
عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ
لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِين
)[البقرة:180]
وأكّد على أهمية الوصية،
وعلى حرمتها في الآية التي بعدها:(
فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ
فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ)
قد كتب الله عزّ وجل علينا
الوصية بنفس الصيغة التي كتب علينا بها الصلاة والصيام والقتال، فكيف بعد كل هذا
يلغونها؟
2. الخطأ في مفهوم الحور العين
    الصورة التي صوّرها خطابنا الديني للحور العين
بأنّهنّ نساء يفوق جمالهن الوصف وعد الله بتزويجهن لأصحاب الجنة
من الرجال
، واستغلت الجماعات الإرهابية المسلحة
هذه الصورة في التغرير بالشباب، ودفعهم لقتال من كفروهم من المسلمين، وقيامهم
بعمليات انتحارية، فهم يُقاتلون ليس في سبيل الله، ولكن من أجل إشباع شهواتهم في
الدنيا والآخرة. في الدنيا باغتصاب من يقع في أيديهم من نساء وفي الآخرة الفوز
بحور العين، والمتأمل في الآيات الوارد فيها الحور العين وسياقها ودلالتها نجد أنّ
القرآن لم يحدد ماهيتهم، فجاء في وصفه لهم (كأمثال اللؤلؤ المكنون) فلم يحدد هنا
ماهيتهم، بينما حدّد ماهيتهن عند وصفه لنساء الجنة بقوله (كأنّهن بيض مكنون)أمّا
قوله:(
وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ)[الدخان:54]تعدَّت
بالباء. فانتقل المعنى من الزوجية الدنيوية إلى الأُنْس بالجمال الذي هو قمة
ما نعرف من اللذات، ولا علاقات جنسية في الآخرة؛ لأنّنا سنُخلق خَلْقًا جديدًا غير
هذا الخَلْق الذي نعيشه، بدليل أنّك تأكل في الجنة ولا تتغوَّط، وهذا المعنى هو
الذي يتفق مع حال أبينا آدم وأمنا حواء عليهما السلام، فكانا زوجيْن في الجنة،
ولكنهما لم يتناسلا إلّا عندما خرجا منها، ف
عندما  وَسْوَسَ إِلَيْهِ
الشَّيْطَانُ ظهرت سوآتهما أي كانتا مخفية غير ظاهرة ، وظهرت تمهيدًا لخروجهما من
الجنة.
3. فهم الخاطئ لآيات المواريث، من ذلك خطأهم في
فهم قوله تعالى:(فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ
اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ
)ففهموها
إن كانتا اثنتين وما فوق، وبسبب هذا الخطأ في الفهم، وأخطاء أخرى أوجدوا العول

الذي ليس له ذكر في القرآن الكريم، ولا في الأحاديث النبوية، فلم  لم يكن موجودًا في عهد النبوة، والذي استغله
مخططو إلحاد شباب الإسلام في دفع بعض شبابنا إلى الإلحاد بقولهم له ” هذا
ربكم لا يعرف العمليات الحسابية التي يعرفها تلميذ الابتدائية( تعالى الله عمّا
يصفون)
4. مفهومهم الخاطئ للأسرى وملك اليمين، وإباحة
الأسيرات بلا زواج وتحويلهن إلى جوار مع أنّ الله جل شأن لم يبح معاشرة الأَمَة من
قبل مالكها إلّا بعقد زواج في قوله تعالى:(
وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُم)[النور:32]
5. الفتوى بقتل المرتد، وهذا مخالف لقوله تعالى:
·      
(إِنّ الّذِينَ
آمَنُواْ ثُمّ كَفَرُواْ ثُمّ آمَنُواْ ثُمّ كَفَرُواْ ثُمّ ازْدَادُواْ كُفْراً
لّمْ يَكُنْ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً)[النساء:137]وهذه
الآية تبين أنّه مهما كفر الإنسان لا عقاب دنيوي له، وإلا لكان مناسبًا في هذه
الآية ذكر حكم الردة أكثر من غيرها، لأنّ هناك ردة  متكررة يفترض أن يزيد فيها العقاب ويكون أشد من
الردة لمرة واحدة، إلّا أنّ الله عاقبهم بعدم مغفرة الله وعدم هدايته لهم، وقد دلت
الآية على أنّ الإنسان قد يؤمن ثم يكفر ثم يؤمن وهكذا،  ولو كان هناك حد ردة  لمّا حصل الكفر لأكثر من مرة ، ثم الإيمان أكثر
من مر
ة، لأنّه سيعدم الكافر في أول ردة له.
·      
﴿وَقُلِ
الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ)
[الكهف: 29]وهذه الآية أيضًا تفيد العموم فللإنسان حرية العقيدة في أي وقت سواء دخل
الإسلام أم لم يدخل.
·      
(لَكُمْ
دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)
·      
(وَلَوْ شَاءَ
رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ
النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)[يونس:99]
   وأخيرًا أقول إنّ كلمة
التوقيع عن رب العالمين جرأة على الخالق جل شأنه لا أقبلها، ولا أدري كيف قبلها
واستحسنها العلماء من القرن 8ه/13م إلى يومنا هذا؟
  نحن نقدر علماء الدين
ونُجلهم، ولكن لا يصل إلى درجة تقديسهم، وتقديس فتاواهم باعتبارها توقيع عن رب
العالمين!
Suhaila_hammad@hotmail.com
المصدر : جريدة المدينة https://www.al-madina.com/article/592899/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%88%D9%89-%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%8A%D8%B9-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%B9%D8%B2-%D9%88%D8%AC%D9%84-(3)

Leave a Reply