سهيلة زين العابدين حمّاد
نشر في جريدة المدينة يوم السبت
الموافق 28/7/2018م
الموافق 28/7/2018م
لقد أعطى الله عزّ وجل الوصية أهمية كبرى، وقد
خصّها بعشر آيات، وفي أربع مواضع من آيات الإرث يعطي الله جل شأنه الأولوية للوصية قبل
توزيع التركة فقال:(من بعد وصية يوصى بها) ولا يحتاج المتأمل إلى أكثر من نظرة خاطفة
ليرى هذا، فنجد آيات الإرث تبدأ ب:
خصّها بعشر آيات، وفي أربع مواضع من آيات الإرث يعطي الله جل شأنه الأولوية للوصية قبل
توزيع التركة فقال:(من بعد وصية يوصى بها) ولا يحتاج المتأمل إلى أكثر من نظرة خاطفة
ليرى هذا، فنجد آيات الإرث تبدأ ب:
(يُوصِيكُمُ
اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ) [النساء:11]وتنتهي بِ:(وَصِيَّةً
مِّنَ اللَّهِ)[النساء: 12] قد كتب الله عزّ وجل علينا الوصية بنفس الصيغة التي كتب علينا
بها الصلاة والصيام والقتال (كُتِبَ
عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ
لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى
الْمُتَّقِين)[البقرة:180]
وأكّد على أهمية الوصية،
وعلى حرمتها في الآية التي بعدها:(فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ
فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ)
وعلى حرمتها في الآية التي بعدها:(فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ
فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ)
يقول الشيخ عبد الرحمن
الدوسري في تفسير هذه الآية:” والخطاب في هذه الآيات لعموم المؤمنين كآية
القصاص، فقد أعقبها بقوله:(كُتِبَ عَلَيْكُمْ)بكاف الخطاب والضمير الجماعي، يعني:
فرض عليكم يا معشر المؤمنين المسلمين إذا حضر أحدكم أسباب الموت وعلاماته إِنْ
تَرَكَ خَيْرًا وهو المال الكثير عرفًا، يعني: إن كان عنده مال كثير يتركه للورثة
فإنِّي فرضت عليكم الْوَصِيَّةُ فرضًا محتمًا(لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ
بِالْمَعْرُوفِ)أي بشيء من هذا الخير على الوجه المعروف الذي لا يستنكر قلته بالنسبة
إلى هذه الثروة ولا كثرته الضارة بالورثة، وقد حدده النبي صلى الله عليه وسلم
كتفسير لهذا المعروف بهذه الآية في قوله لسعد بن أبي وقاص في الحديث المشهور:”
الثلث والثلث كثير، إّنك إن تذر عيالك أغنياء خير من أن تذرهم
عالة يتكففون الناس، وقوله تعالى:(حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)يعني هذا الذي
كتب عليكم من الوصية حقًّا مفروضًا محتمًا وجوبه على المتقين لعذابي. وقد أكد الله
أمر هذه الوصية تأكيدًا أعظم من تأكيده لفريضة القصاص قبلها وفرضية الصيام بعدها،
لأنّه ختم آيات القصاص، وآية وجوب الصيام بقوله(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)بصيغة
الترجي الذي لا يكون إلّا فيما وقعت أسبابه، ولهذا الختام شأن عظيم، ولكنه ختم آية
الوصية بما هو أعظم منه، حيث قال:(حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) ثم أكّدها الله بما
بعدها من إثم التبديل، وهي آية محكمة بلا شك ولا ريب. ومن العجب العجاب أن يجري
اختلاف بين علماء المسلمين في فريضة هذه الوصية وحتميتمها مع وضوح نصها، ويقول الإمام أبو زهرة في تفسير هذه الآية:” ولقد أكّد سبحانه
طلب الوصية، فقال تعالى:(حقًا على المتقين)وحقًا في الآية مفعولًا لفعل محذوف يقدر
بما يناسب القول، أو الحكم، فيقدر مثلًا يجعلها الله حقًا، أو أوجبه حقًا على
المتقين. وإنّ اقتران حكم الوصية الدّال على وجوبها للوالديْن والأقربين يومئ إلى
أنّها محكمة لا تُنسخ لأنّ الله تعالى لا يؤكد حكمًا جرى في علمه المكنون أنّه
سينسخه ذلك التأكيد، وهو يدل على الوجوب ويؤكده، وذكر الوجوب على المتقين للإشارة
إلى أنّهم الذين يطيعونه اتقاء غضب الله سبحانه وتعالى ابتغاء رضوانه، وإلى أنّهم
يُسارعون بإجابته، وأنّهم ينفذون في دائرة المعروف غير المنكور.”[زهرة
التفاسير:1/546]
الدوسري في تفسير هذه الآية:” والخطاب في هذه الآيات لعموم المؤمنين كآية
القصاص، فقد أعقبها بقوله:(كُتِبَ عَلَيْكُمْ)بكاف الخطاب والضمير الجماعي، يعني:
فرض عليكم يا معشر المؤمنين المسلمين إذا حضر أحدكم أسباب الموت وعلاماته إِنْ
تَرَكَ خَيْرًا وهو المال الكثير عرفًا، يعني: إن كان عنده مال كثير يتركه للورثة
فإنِّي فرضت عليكم الْوَصِيَّةُ فرضًا محتمًا(لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ
بِالْمَعْرُوفِ)أي بشيء من هذا الخير على الوجه المعروف الذي لا يستنكر قلته بالنسبة
إلى هذه الثروة ولا كثرته الضارة بالورثة، وقد حدده النبي صلى الله عليه وسلم
كتفسير لهذا المعروف بهذه الآية في قوله لسعد بن أبي وقاص في الحديث المشهور:”
الثلث والثلث كثير، إّنك إن تذر عيالك أغنياء خير من أن تذرهم
عالة يتكففون الناس، وقوله تعالى:(حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)يعني هذا الذي
كتب عليكم من الوصية حقًّا مفروضًا محتمًا وجوبه على المتقين لعذابي. وقد أكد الله
أمر هذه الوصية تأكيدًا أعظم من تأكيده لفريضة القصاص قبلها وفرضية الصيام بعدها،
لأنّه ختم آيات القصاص، وآية وجوب الصيام بقوله(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)بصيغة
الترجي الذي لا يكون إلّا فيما وقعت أسبابه، ولهذا الختام شأن عظيم، ولكنه ختم آية
الوصية بما هو أعظم منه، حيث قال:(حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) ثم أكّدها الله بما
بعدها من إثم التبديل، وهي آية محكمة بلا شك ولا ريب. ومن العجب العجاب أن يجري
اختلاف بين علماء المسلمين في فريضة هذه الوصية وحتميتمها مع وضوح نصها، ويقول الإمام أبو زهرة في تفسير هذه الآية:” ولقد أكّد سبحانه
طلب الوصية، فقال تعالى:(حقًا على المتقين)وحقًا في الآية مفعولًا لفعل محذوف يقدر
بما يناسب القول، أو الحكم، فيقدر مثلًا يجعلها الله حقًا، أو أوجبه حقًا على
المتقين. وإنّ اقتران حكم الوصية الدّال على وجوبها للوالديْن والأقربين يومئ إلى
أنّها محكمة لا تُنسخ لأنّ الله تعالى لا يؤكد حكمًا جرى في علمه المكنون أنّه
سينسخه ذلك التأكيد، وهو يدل على الوجوب ويؤكده، وذكر الوجوب على المتقين للإشارة
إلى أنّهم الذين يطيعونه اتقاء غضب الله سبحانه وتعالى ابتغاء رضوانه، وإلى أنّهم
يُسارعون بإجابته، وأنّهم ينفذون في دائرة المعروف غير المنكور.”[زهرة
التفاسير:1/546]
والذي أود
التأكيد عليه أنّ القرآن لا ينسخ نفسه ولا تنسخه السنة، فهو ثابت في اللوح المحفوظ
منذ الأزل، فآية(مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا
أَوْ مِثْلِهَا)[البقرة:106]لا تعني نسخ القرآن بالقرآن أو بالسنة” كما فهمها
بعض المفسِّرين، ووُجد بموجب هذا الفهم الخاطئ للآية ما يُسمّى بالناسخ والمنسوخ
في القرآن الكريم، مع أنّ المقصود بالآية أنّ ما ينسخه القرآن من الشرائع السماوية
السابقة للإسلام(الشريعة اليهودية)، يأتي بمثلها،
أو بخير منها، فالقول بالناسخ والمنسوخ في القرآن يلغي أزلية حفظه في اللوح
المحفوظ، ويلغي الثوابت في القرآن الكريم، كالوصية للوالديْن والأقربين من الورثة، وذلك بالقول
بنسخها بآية الميراث، وحديث” لا وصية لوارث”؛ إذ كيف ينسخ الرسول صلى
الله عليه وسلم ما أقرّه الخالق جل شأنه؟، وكذلك القول بنسخ آيات حرية الدين
والمعتقد، كآيتي(لا إكراه في الدين) و(لكم دينكم ولي دين)
التأكيد عليه أنّ القرآن لا ينسخ نفسه ولا تنسخه السنة، فهو ثابت في اللوح المحفوظ
منذ الأزل، فآية(مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا
أَوْ مِثْلِهَا)[البقرة:106]لا تعني نسخ القرآن بالقرآن أو بالسنة” كما فهمها
بعض المفسِّرين، ووُجد بموجب هذا الفهم الخاطئ للآية ما يُسمّى بالناسخ والمنسوخ
في القرآن الكريم، مع أنّ المقصود بالآية أنّ ما ينسخه القرآن من الشرائع السماوية
السابقة للإسلام(الشريعة اليهودية)، يأتي بمثلها،
أو بخير منها، فالقول بالناسخ والمنسوخ في القرآن يلغي أزلية حفظه في اللوح
المحفوظ، ويلغي الثوابت في القرآن الكريم، كالوصية للوالديْن والأقربين من الورثة، وذلك بالقول
بنسخها بآية الميراث، وحديث” لا وصية لوارث”؛ إذ كيف ينسخ الرسول صلى
الله عليه وسلم ما أقرّه الخالق جل شأنه؟، وكذلك القول بنسخ آيات حرية الدين
والمعتقد، كآيتي(لا إكراه في الدين) و(لكم دينكم ولي دين)
للحديث صلة.
جريدة المدينة
https://www.al-madina.com/article/583322/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B5%D9%8A%D8%A9-(1)