سهيلة زين العابدين حمّاد
السبت 30/6/2018م

  كما
تبيّن في الحلقة الماضية عدم صحة أحاديث” لا نكاح إلاَّ بولي”،”

لا
تزوج
المرأة المرأة ، ولا المرأة
نفسها”. وما رواه
عروة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى
الله عليه وسلم ” أيما امرأة نكحت من غير
إذن مواليها
نكاحها باطل” وحديث لا تزوج
المرأة نفسها فإنّ الزانية هي
التي
تزوج نفسها” كما قالوا بأنّها غير مأمونة لنقصان عقلها وسرعة انخداعها وغيرها
التي استند عليها الذين حرموا المرأة البالغة الرشيدة من حق تزويج نفسها، وعرّضوها
لعضل وليها
.

  لقد رد الفقيه ابن الهمام في  فتح القدير، على  الأدلة التي ساقها الاتجاه
المعارض لحق
المرأة في  تزويج نفسها
وغيرها، حين
قال: “أمّا الآية فمعناها الحقيقي النهي عن منعهن من
مباشرة النكاح هذا هو حقيقة”
لا تمنعوهن أن ينكحن أزواجهن” وإذ
أريد بالنكاح العقد، وقد قيل للأزواج فإنّ الخطاب عام
في  أول الآية” وإذا طلقتم
النساء فلا تعضلوهن” أي لا تمنعوهن بعد انقضاء العدة أن يتزوجن،

ويوافقه
قوله تعالى(حتى تنكح زوجاً غيره)[البقرة:23]لأنّه حقيقة
إسناد الفعل
إلى الفاعل، أمّا الحديث فمعارض لحديث “الأيم أحق بنفسها” وإنّه

يترجح
حديث الأيم لقوة سنده، فحديث” لا نكاح إلا بولي” مضطرب في

إسناده
وفي وصله وانقطاعه
وإرساله، وقال الترمذي حديث فيه اختلاف
لذا فيقدم الصحيح” انتهى بتصرف.
   كما يؤيد حق المرأة في تزويج نفسها قوله صلى
الله عليه وسلم عندما أتته خنساء بنت خزام الأنصارية، تشكو أباها،
الذي لم يأذن لها
في الاختيار بين 
خطيبين، وزوّجها من أحدهما دون رضاها” لا نكاح له، انكحي من شئت”،
ورد  صلى الله عليه وسلم  نكاح أبيها، وأذن لها

في  الزواج
بمن ترغب رغمًا عن
وليها، وهو أبوها.
   كما يُستدل
بتطليق الرسول  صلى الله عليه وسلم
  بنت الصحابي الشهيد عثمان بن مظعون، عندما
أرغمها عمها
على الزواج من عبد الله بن عمر بن
الخطاب، وقال:” إنَّها يتيمة وإنَّها لا تنكح حتى تستأمر”، وقوله صلى

الله
عليه وسلم “الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن
في نفسها
وإذنها صمتها”،
متفق عليه، كما روي عن عائشة رضي الله
عنها” أنّ فتاة جاءت إلى النبي صلى الله
عليه وسلم
فقالت:” يا رسول الله  إن أبي زوجني
من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته”،
فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم  إلى أبيها وجعل الأمر إليها، فقالت: ” إنِّي
أجزت
ما صنع أبي ولكن أردت أن تعلم النساء
أن ليس للآباء من الأمر شيء”، وقيل
إنّ
لفظ النساء عام  في الثيب
والبكر.
كما قالوا إن كان لا يحق للأب التصرف
في شيء من مال الفتاة، ولو
قل
إلا بإذنها  فكيف له أن يتصرف

في
تزويجها بمن لا ترضاه ولا
ترغبه؟
 
وأمَّا قولهم بأنّها يسهل خداعها لنقصان عقلها؛ لذا وجب على الولي تزويجها،
فمردود
لكونه لم يَسْر على
التصرف في الحقوق المالية، وهناك أولى، ولكن بإجماع الفقهاء ليس
للأولياء عليها حق في التصرف في الحقوق
المالية
. 
 إنّ هذا القول يؤكد على إصدار أحكام فقهية مبنية
على مفاهيم خاطئة لآيات قرآنية وأحاديث نبوية ضعيفة أو موضوعة، كحديث نقصان عقول
النساء، والغريب أنّه يصدر من فقهاء يعلمون ويدركون أنّ النساء متساويات مع الرجال
في العبادات والحدود والقصاص والتعزيرات التي تسقط عن الصغار والمعتوهين والمجانين
لأنّهم دون الرجال والنساء عقلاً.
والذي أرجوه من وزارة العدل
التي أنصفت المرأة في عدة قرارات، وأعادت لها حقوقًا سُلبت منها عدة عقود أن تعيد
للمرأة حق الولاية على نفسها وولاية الزواج الذي أعطاه إيّاها الخالق، وحرمها منه
المخلوق
.
suhaila_hammad@hotmail.com

Leave a Reply