سهيلة زين العابدين حمّاد
41/4/2018م
  
     

                                              

    
في هذه الحلقة أواصل الحديث عن إشكاليات نقد الخطاب المُنجز المُخالف
للخطاب الإلهي المُنزّل، ومن تلك المخالفات:
 مفهومه
للأسرى وملك اليمين


    ما ذخرت به كتب
التراث من أحكام استرقاق الأسرى، واستباحة الأسيرات غير المسلمات  يتنافى تمامًا مع ما جاء في القرآن الكريم، ومع
السنة الفعلية، فالرسول
e لم يُبح لنفسه استرقاق الأسيرات،
ولا استغلالهن جنسيًا،
والذي أحدث هذا اللبس في الفهم استرقاق الأسرى من
الموروثات لدى الأمم والحضارات السابقة للإسلام
، ولم
يستوعب المفسرون والفقهاء والمؤرخون تحريم الإسلام استرقاق الأسرى، واغتصاب
السبايا من النساء،
فليس هناك فرق بين الأسرى والرق في كتبهم، ويُفسّرون قوله
تعالى:(وما ملكت أيمانكم)أي الأسيرة التي تستعبد وتستمتع بمجرد ملك اليمين بالبيع
والشراء،
والذين ضموا أسرى الحروب إلى ملك اليمين  خالفوا 
ما جاء في القرآن الكريم عن الأسرى الذي تبيّنه الآية الكريمة(فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ
أَوْزَارَهَا)[محمد:4]
   فبعد انتهاء الحرب يكون الوضع بالنسبة للأسرى إما
إطلاق سراحهم بلا مقابل، أو طلب فدية، تشمل مالًا، أو تبادل الأسرى، ولم يتطرق
القرآن إلى استرقاق الأسرى لا من قريب ولا من بعيد
، والرسول
لم يسترق أحدًا من أسرى بدر، وغيرها.
    ولكن للأسف القول بنسخ هذه
الآية جعل بعض العلماء يُفتون باسترقاق الأسرى من قبيل المعاملة بالمثل، فآفتنا
القول بالناسخ والمنسوخ في القرآن الذي لا وجود له، ويلغي أزلية حفظ القرآن في
اللوح المحفوظ.
   أمّا ملك اليمين فقد
ورد هذا المصطلح في القرآن في(15)موضعًا
بكل صيغها، وقد فسرها كثير من المفسرين
والفقهاء والمحدثين والمؤرخين طبقًا لأفقهم المعرفي المتوفر لديهم آنذاك أنّها
تعني اسيرات الحرب،
مع أنّه لا علاقة لها بذلك، وإنّما تعني طبقًا
لسياق الآيات ومدلولاتها: الزوجان، أو الزوجة الكتابية، أو البنات والأولاد
والأطفال واليتامى، ممن هم تحت رعاية وإشراف ومسؤولية من تعهد برعايتهم.
ومن
الأخطاء الواضحة لبعض مفسرينا في فهم آيات ملك اليمين ما أورده الإمام الطبري في
تفسيره  لهذه الآية:”عن ابن عباس في
قوله:(والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم)كل امرأة
لها زوج فهي عليك حرام إلا أمة ملكتها ولها زوج بأرض الحرب, فهي لك حلال إذا
استبرأتها، وبني الفقهاء على هذا الفهم الخاطئ حكمًا فقهيًا خاطئًا، وهو بطلان
زواج الحرة بسبيها، ويجوز لمن تقع في أسره وطأها بلا عقد  زواج بعد استبرائها بحيضة واحدة، وإن كانت
حاملًا بعد وضعها، والأمة المتزوجة بيعها طلاقها” أمّا الروايات التي أخرجها
مسلم، عن نزول(
والمحصنات
من النساء إلا ما ملكت أيمانكم)في سبايا هوازن، وإباحة الله وطء المتزوجات منهن
بعد استبرائهن، من حيث المتن لا تتفق مع الآية(4)من سورة محمد التي لا تبيح
استرقاق الأسرى والسبايا، ومن حيث السند ففيها قتادة المعروف بتدليسه، فالآية لا
علاقة لها بأسيرات هوازن، إنّنا تتحدث عن المحرّمات من النساء، فهي معطوفة على ما
قبلها:(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ…)( والمحصنات من النساء إلا ما ملكت
أيمانكم)أي يحرم عليكم أيضًا المتزوجات من النساء إلّا زوجاتكم اللواتي ملكتم حق
وطأهن بعقد شرعي، فالآية لا علاقة لها بهوازن ولا أسيراتها.
كما أنّ منظومة المواريث
قائمة على مفاهيم خاطئة لآيات المواريث سبق أن أوضحتها في مقالات سابقة كما أنّ
هناك أخطاء أخرى في مفاهيم بعض الآيات لا يتسع المجال لذكرها سأوردها في مقالات لا
حقة إن شاء الله.
هذه نماذج من أخطاء خطابنا الديني المُنجز من قبل علمائنا الأوائل
الذي ينبغي تصحيحه.
Suhaila_hammad@hotmail.com

                                                                                                                                                         

Leave a Reply