سهيلة زين العابدين
حمّاد
السبت 27/1/2018م

 يقول الفقهاء للمعتدة على وفاة زوجها السكنى في
بيت الزوجية مدة العدة، وهذا يُخالف آية: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ
مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ
غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي
أَنفُسِهِنَّ)
[البقرة:240] فالله جل شأنه يقول حولًا كاملًا من حدوث الوفاة،
والفقهاء يقولون أربعة عشر وعشرة أيام
لقولهم بالناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، فالآية 234 من سورة البقرة نسخت هذه
الآية، هي وآية المواريث، كما ذكر مفسرون منهم الإمام الطبري.

   ولنقرأ معًا ما كتبه
في تفسيره  لهذه الآية:”
وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندنا قراءة من قرأه رفعًا،
لدلالة ظاهر القرآن على أنّ مقام المتوفى عنها زوجها في بيت زوجها المتوفى حولًا
كاملًا كان حقًا لها قبل نـزول قوله:(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ
وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
وَعَشْرًا)[ البقرة:234]، وقبل نـزول آية الميراث، ولتظاهر الأخبار عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم بنحو الذي دل عليه الظاهر من ذلك, أوصى لهن أزواجهن بذلك قبل
وفاتهم، أو لم يوصوا لهن به.”

      وأنا أسأل: لو سلّمنا جدلًآ بالنسخ كيف آية
تنسخ آية أخرى قبل نزولها، فالآية(234) من سورة البقرة نزلت قبل الآية(240) من
السورة ذاتها، فكيف تنسخها؟ وأؤكد أنّه لا يوجد ناسخ ومنسوخ في القرآن الكريم
،والنسخ لشريعة موسى عليه السلام، و
الوصية
بالسكن حولًا كاملًا يبدأ من وفاة الزوج لا علاقة له بعدة الحول التي كانت تُفرض
على الأرملة في الجاهلية، فالإسلام لم يقر تشريعًا جاهليًا، ثم ينسخه، كما يقول
بعض المفسرين، فعدة سنة ليست في شريعة موسى عليه السلام، التي ينطبق عليها النسخ
والإنساء الوارد في آية(
مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ
مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ)
[البقرة:106] حتى يقرها الإسلام مبدئيًا ثم ينسخها
بأربعة أشهر وعشرة أيام، ويؤكد قولي هذا قوله تعالى في آية(234) بعد ذكر مدة العدة
أربعة أشهر وعشرا(فإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا
فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) بينما لم يقل في الآية (240) بعد قوله
(متاعًا إلى الحوْلِ من غير إخراج)(فإذا بلغن أجلهنّ)إشارة إلى مدة العدة سنة، كما
يقول بعض المفسّرين، ولكنّه قال(متَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ ۚفَإِنْ
خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِن
مَّعْرُوفٍ) أي خرجن من بيوتهن قبل انقضاء الحول.
  وعند قراءتنا
لتفسير الإمام أبي زهرة لهذه الآية نجده لم يتطرّق إلى أي نسخٍ؛ إذ يقول:”
إنّ الذين يتوفون ويذرون أي يتركون أزواجًا، والمراد الزوجات؛ لأنّ كلمة الزوج
تطلق على الذكر والأنثى – فرض الله وصية لهؤلاء الزوجات متاعًا أي انتفاعًا
مستمرًا إلى نهاية الحول، أي حتى يحول الزمن، ويجئ الوقت الذي مات زوجها فيه(غير
إخراج) أي ينتفعن بالإقامة في مسكنهن الذي كن يسكن فيه في حياة أزواجهن من غير
إخراج منه، ويصح أن يُقال غير مخرجات منه… وقد عبّر عن حق الانتفاع بالسكنى سنة
بعد الوفاة بأنّه وصية، وبأنّه متاع، أمّا التعبير بأنّه وصية، فلأنّه حق يُثبت
بعد وفاة الزوج في ماله لا على أنّه ميراث، بل على أنّه وصية أوجبها الله سبحانه
وتعالى بموجب الفرقة بالوفاة، فهو يثبت من غير أن يكون له أثر في قدر ميراثها في
تركة زوجها..”
[زهرة التفاسير:2/ 847].
 وسياق الآية يشير أنّ هذه الوصية في حال توفر
للزوجة المتوفي عنها زوجها سكن غير السكن الذي كانت تسكن فيه في حياة زوجها[انظرالبقرة:
240]
فهذه دلالة عن على وجود سكن آخر لديها، فخرجت من سكن زوجها
المتوفى، فإن لم يكن لديها سكن غير سكن زوجها المتوُفى أين تسكن؟
في هذه الحالة على الزوج أن يوصي قبل وفاته بأن يكون السكن
لزوجه بعد وفاته طوال حياتها، صيانة لها من التشرّد، ولكنّ الفقهاء حرّموا الوصية
للوارث، رغم ورودها في آية(240) فماذا تفعل المسكينة؟ أين تعيش؟ وقد تكون كافحت مع
زوجها، وأسهمت بمالها وكدها وسعيها في بناء هذا البيت؟ أليس لها حق الكد والسعاية؟
 
هذ بعض من حقوق المرأة التي انتقصها بعض الفقهاء، ومنها فيه مخالفات صريحة
لنصوص قرآنية.
المصدر  : جريدة المدينة
http://www.al-madina.com/article/558653/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%82%D9%87%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B3%D9%83%D9%86%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AA%D8%AF%D8%A9-%D9%84%D9%88%D9%81%D8%A7%D8%A9-%D8%B2%D9%88%D8%AC%D9%87%D8%A7


Leave a Reply