ذسهيلة زين العابدين حمّاد
السبت 20/1/2018م

 قال
تعالى:(وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ  حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)[البقرة:241]
المتعة: اسم لمال يدفعه الرجل لمطلقته التي
فارقها
.ويرجع تقديرها إلى أحوال الزوج
المالية مع مراعاة العرف، أمّا حال الزوج فلقوله تعالى:(وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى
الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا
عَلَى الْمُحْسِنِينَ)[البقرة:236].
 وللأسف
الشديد نجد أنّ نفقة المتعة على الغالب لا تحصل عليها المطلقة

مع أنّه من المفروض
أن تستلمها عند استلامها صك طلاقها، رغم أنّه يُعطى للزوج حق منع زوجته من الدراسة
والعمل، وإن عملت يُعطى له حق أخذ جزءًا منه تحت ذريعة” الحبس الزوجي”
بمعنى أن يكون كل وقت الزوجة للزوج بحكم نفقته عليها، فإن أنفقت من هذا الوقت في
العمل، فيصبح راتبها من حق الزوج، ولكن نجد كثيرًا ما تحرم  المطلقة من نفقة المتعة، خاصة عندما يُطلب من
الزوجة بمخالعة زوجها عند تقدمها لطلب الطلاق لوقوع الضرر عليه رغم تضررها لمنعها
من الدراسة والعمل  في وقت نجد أنّ
المُشرِّع التونسي قد اجتهد في مفهوم نفقة المتعة، وفي مفهوم قوله تعالى:(فَإِمْسَاكٌ
بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)[البقرة:229]بفرضه جراية شهرية(الجِرَايَةُ
في المعجم الوسيط:الجاري مِنَ الرَّوَاتِب) للمطلقة المتضررة ماليًا من الطلاق
بجراية شهرية كعوّض مالي  لها تدفع لها بعد
انقضاء العدة وبالحلول على قدر ما اعتادته من العيش في ظلّ الحياة الزوجية بما في
ذلك المسكن. وهذه الجراية قابلة للمراجعة ارتفاعًا وانخفاضًا بحسب ما يطرأ من
متغيرات. وتستمر إلى أن تتوفى المطلقة أو يتغير وضعها الاجتماعي بزواج جديد، أو
بحصولها على من تكون معه في غنى عن الجراية
.
وهذه الجراية تصبح دينًا على التركة في حالة وفاة
المطلق وتصفى عندئذ بالتراضي مع الورثة أو عن طريق القضاء بتسديد مبلغها دفعة
واحدة يراعى فيها سنها في ذلك التاريخ، كلّ ذلك ما لم تخير التعويض لها عن الضرر
المادي في شكل رأس مال يسند لها دفعة واحدة» ولم يقم المشرع بتمييز على أساس
الوضعية المهنية للمطلّقة عند طلب الجراية، فاستحقاق المرأة المطلقة في طلب
التعويض المادي في قالب جراية أو رأسمال هو أمر ثابت ومستقر لا يمكن إسقاطه لغنى
المطلقة أو توفّر مورد رزق لها، ولأي سبب آخر. وإن كانت حالة المرأة المادية يمكن
مراعاتها عند تقدير التعويض المادي لها دون إمكانية اعتباره مسقطًا لحقها ذلك،
إلاّ في صورة طلب مراجعة جراية سبق تقديرها لأسباب لاحقة عن ذلك.[انظ:الفصل 32 من
مجلة الأحوال الشخصية التونسية]
فلماذا لا نأخذ باجتهاد المُشرِّع التونسي بفرض
جراية شهرية للمطلقة السعودية المتضررة ماليًا من الطلاق تطبيقًا لقوله تعالى:(تسريح
بإحسان)، واجتهادًا في مفهوم نفقة المتعة بما يوافق أحوال النساء في هذا العصر،
وذلك لتأمين حياة كريمة للمطلّقات، وحماية أعراضهن، وتخفيض نسبة الفقر في المجتمع
باعتبار الطلاق أحد أسباب ارتفاعها في مجتمعنا؛ إذ أثبتت إحدى الدراسات الاجتماعية
أنّ أغلب المستفيدات من الضمان الاجتماعي هن من المطلقات.
وقفة مع الأستاذ عبد الله خيّاط
 لقد ذكر الأستاذ عبد الله عمر خيّاط في مقاله
بعنوان” مع د. سهيلة” امنشور في عكاظ في 30/12/2017م أنّي اتهمتُ في
مقالي”حق السعاية للزوجة” الفقهاء
ّخالفوا آيات القرآن الكريم (للرجال نصيب مما اكتسبوا
وللنساء نصيب مما اكتسبن)[النساء: 32](وأنّ ليس للإنسان إلا ما سعى)[النجم: 39
]وأضاف
قائلًا:” وهو اتهام لا دليل له سوى
أنّ لها وجهة نظر خاصة بها
ولستُ أدري كيف يقول هذا القول، وقد ذكرتُ بعد هذه الآية حكم الفاروق رضي الله عنه
بنصف مال الحارث بن عمر لأرملته حبيبة بنت زريق، ثم توزيع النصف الباقي على الورثة
مع عدم إسقاطه حظّها من الإرث، وهذا يُسمي حق الكد والسعاية، فهل هذا الحق وجهة
نظر خاصة بي أم الفاروق رضي الله عنه حكم به بموجب الآيات التي أوردتها؟ أمّا
القول اتهام بلا دليل، أعطني دليلًا واحدًا أنّ فقيهًا من فقهاء المشرق قال بحق
الكد والسعاية للزوجة؟ ألم يقولوا بالحبس الزوجي، وأعطوا للزوج منعها من الدراسة
والعمل؟
وأخيرًا أقول لقد تربيت في بيت فقه
ودين وعلم، وأمضيتُ أربعين عامًا في دراسة علوم الدين من تفسير وحديث وعقيدة وفقه،
إلى جانب دراستي للتاريخ الإسلامي، وتخصص دقيق السيرة النبوية، ألا هذا يؤهلني
فيما أبحث فيه من قضايا فقهية؟
المصدر : جريدة المدينة http://www.al-madina.com/article/557655/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/%D9%86%D9%81%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B7%D9%84%D9%82%D8%A9!

Leave a Reply