سهيلة زين العابدين حمّاد
السبت 20/1/2018م

توقفتُ في الحلقة الماضية عند أكذوبة الأخوان بأنّ
حكم الأُمويين والعباسيين، ثم العثمانيين يمثل دولة الخلافة الإسلامية كدولة قوية ترعى الشؤون؛ فتحفظ الدين والعرض والنفس والمال، وتحمي الثغور؛
إذ
نجدهم 
يُزوِّرون الحقائق التاريخية مصوّرين أنّ نظام دولة الخلافة في كل مراحله
جعل الدولة الإسلامية قوية مهابة من الكافرين، وأنّ نظام الحكم في الإسلام”
الخلافة لا غير”،

وأنّ المسلمين كانوا طَوَالَ عهد
خلافتهم أقوياء بربهم أعزاء بدينهم، إذا قالوا قولة دَوَّت في جنبات الدنيا، وإذا
فعلوا فعلًا أدخل الرعب في قلوب الكافرين”
فُتعلى كلمة الله في الأرض، أي هي الطريقة العملية
الشرعية لإقامة الإسلام وتطبيقه في الداخل وحمل دعوته إلى العالم. ولا يتحقق ذلك
إلّا بأن تكون الحاكمية لله وحده والسيادة لشرعه.

 ولو رجعنا إلى تاريخ دولة الخلافة في عصورها
الثلاث (الأموي، والعباسي، والعثماني) نجد الآتي:
1.   
الدولة الأموية(41- 132ه/ 662- 750م) رغم أنّها حقّقت
توسعًا ونهضة كبيريْن لكن فترة حكمها كانت مليئة بالثورات والقلاقل مثل ثورتي
الحسين بن علي رضي الله عنه، وعبد الله بن الزبير، وانتهت بمقتلهما، وكذلك ثورات
الخوارج.
2.   
 الدولة العباسية(132-
656ه/750-1258م) ما مضى 6 أعوام على حكمها إلّا وعبد الرحمن الداخل أعلن  قيام الدولة الأموية بالأندلس، وسلطة
الخليفة 
العباسي
لم تكن على نمط واحد، وإنّما تفاوتت، ممّا جعل المؤرخين يُقسِّمون مدة الخلافة
العباسية إلى عصور ثلاثة، تختلف ملامح كل عصر منها عن سواها بمقدار ما كان للخلفاء
من سلطان، هي:
العصر الأول(132 -232ه)وفيه كان الخلفاء يتمتعون بالسلطة في الدولة
الإسلامية ماعدا الأندلس، ودول أخرى بدأت تستقل استقلالًا تامًا كالأدارسة، أو
استقلالًا شبه تام كالأغالبة والطّاهرية والزيادية.
العصر الثاني(232 -590ه): وفيه ضاعت السلطة من أيدي الخلفاء، وآلت
إلى:
أ‌.      
الأتراك(232-
334ه) مع ملاحظة أنّ هذا العصر يشمل عهد صحوة الخلافة خلال خلافة المعتمد
والمعتضد، وعهد الاضطراب، وسلطة نساء القصر بعد هذه الصحوة، وعهد إمرة الأمراء في
السنين العشر الأخيرة منها.
ب‌.  
البويهيين(
334- 447ه)وقد شمل سلطان العراق وفارس والأهواز وكرمان.
ج‌.   
السلاجقة(447-
590)وقد شمل حكمهم العالم الإسلامي كله ما عدا الأندلس ومصر وشمال إفريقية.
العصر الثالث:(590- 656ه) وفيه
استعاد الخلفاء العباسيون السلطة، ولكن في منطقة بغداد وما حولها، وظلوا كذلك حتى
دهم التتار العالم الإسلامي، ودمروا صورًا ضخمة من حضارته، وقتلوا الخليفة
العبّاسي، وأنهوا أسرة بني العبّاس.[د.أحمد شلبي:التاريخ الإسلامي والحضارة
الإسلامية، 4/23،24.]
وفي العصريْن الثاني والثالث قامت
أيضًا الدولة الطولونية في مصر(254- 292ه)، ثمّ قامت الدولة الأخشيدية(323- 358ه /945-969م)،وقامت
الدولة الفاطمية في تونس، ثم في مصر(358- 567ه /969-1171م)وقامت دولة المرداسيين
في حلب(414-472ه/1023-1079م)، ودولة البوريون في دمشق(497- 549ه /1103-1154م)والدولة
الزنكية في الموصل والجزيرة، وسوريا، ومصر(521- 660ه /1127-1262م)والدولة الأيوبية
في مصر وسوريا (564- 648ه/1169-1250)ودولة المماليك في مصر
وسوريا(648-923ه/1250-1517م)وكذلك  في
الهند وأندونيسيا.
3.   
الدولة
العثمانية(
(1923 –1299م قامت على الاحتلال، فالعثمانيون من الأتراك المغول قدموا من
أواسط آسيا الصغرى، وخاضوا حروبًا ومعارك حتى تمكنّوا من تكوين دولتهم، ولو كان
هدفهم نُصرة الإسلام، لما حاربوا لغة القرآن بفرض سياسة التتريك والعزلة على
ولاياتهم العربية منها وغير العربية، و
في ظل حكمهم، وليس بعد سقوطه وقعت
الولايات العثمانية في البلاد العربية والإسلامية في أيدي الاحتلال البريطاني
والفرنسي والهولندي والأسباني والبرتغالي
باستثناء الحجاز التي حفظها الله لأنّ بها الكعبة
المشرفة والحرميُن الشريفيْن، وإن كانت الخلافة كما يدعون تحفظ الدين والعرض
والنفس والمال والثغور لماذا لم تحمهم الخلافة العثمانية؟
فأين
هي دولة الخلافة القوية الموحدة أمام
كل هذه الصراعات الدموية والانقسامات التي شهدتها
الدولة عبر تاريخها التي غرّر بها الأخوان شباب الإسلام لقتال بني أوطانهم وتدمير
بلادهم،
وإشاعة الفوضى فيها والقيام بعمليات إرهابية تحت شعار وهمي، هو
تكوين” دولة الخلافة الإسلامية” لتحقيق هدفهم في الوصول إلى السلطة؛ إذ أقاموا
دعوتهم على:1. حديث موضوع، 2. فتاوى تكفيرية تكفر الشعوب والحكومات لتبرير قتالها
وإسقاطها
مع أنّ الإسلام لم يُبح قتال غير
المسلمين إلّا إذا قاتلونا
.3. تزييف في الحقائق التاريخية مستغلين جهل المسلمين بتاريخهم.4. التحالف مع أعدائنا لتحقيق أهدافهم السلطوية.5. التغرير بشبابنا، مستغلين ترويج الخطاب الديني المُفسّر من قبل البشر لدولة الخلافة.
والسؤال
: هل القوى الكبرى الطامعة في بلادنا ستدعهم يكوِّنون دولة إسلامية موحدة تشمل
البلاد العربية والإسلامية؟ إنّها تستغل دعوتهم في تفتيت وتقسيم البلاد العربية
وتدميرها وإشاعة الفوضى فيها لتتمكن منها، وستقضي على الأخوان بعد انتهاء مهمتهم.
         على
علماء الأمة أن يهبّوا لإنقاذ أمتهم من الدّمار الشامل بتصويب الخطاب الديني
المفسّر من قبل البشر، وليبدأوا ببيان عدم صحة  حديث دولة الخلافة،
متنًا وسندًا، مع تأكيد الحقائق التاريخية بعدم صحته.
المصدر: جريدة المدينة http://www.al-madina.com/article/556679/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%83%D8%B0%D9%88%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89-%D9%84%D9%84%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-(3)

Leave a Reply