سهيلة زين العابدين حمّاد
السبت 20/1/2018

   القول إنّ نظام الحكم في الإسلام، هو نظام الخلافة لا غير” قول يُغاير
الحقائق التاريخية الثابتة، فلا يوجد نظام خلافة نسير عليه، ولم يُطلق”
خليفة” إلّا على سيدنا أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه، باعتباره خليفة رسول
الله، والذين تولوا الحكم بعده(عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم) كان يُطلق على
الواحد منهم ” أمير المؤمنين” وأطلق المؤرخون المسلمين مصطلح “الخلفاء
الراشدون” على الأربعة الذين حكموا بعد وفاة رسول الله  للتمييز بينهم وبين من تولى الحكم بعدهم؛ إذ
اتسمت فترة حكمهم بالعدل وإشاعة الفضائل والقيم الخلقية، والتطبيق الأمثل للشريعة
الإسلامية.

 فالأربعة
الذين تولوا الحكم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليهم وسلّم تولى كل واحد منهم
الحكم بطريقة غير التي تولاها الذي قبله. وعلى المسلمين أن يختاروا من هذه الطرق
ما يناسب عصورهم وظروفهم، فالرسول صلى الله عليه وسلّم

 لم يحدد من يتولى حكم الدولة الإسلامية بعده،
وإنّما أعطى بعض الإشارات، كقوله عند مرضه” مروا أبا بكر فليصل
بالنّاس”، فسيدنا أبو بكر
رضي الله عنه تولى الخلافة بالانتخاب، وعمر بن الخطّاب رضي
الله عنه
عهد له أبو بكر رضي الله عنه بالحكم من بعده، بينما سيدنا عثمان رضي الله عنه  تمّ انتخابه من الستة الذين رشحهم عمر بن
الخطّاب رضي الله عنه لتولي الحكم من بعده، وهم: عثمان بن عفّان، وعلي بن أبي طالب
وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوّام وطلحة بن عبيد الله،
وعبد الله من عمر رضي الله عنهم، وتنازل عبد الرحمن بن عوف

رضي الله عنه
عن المنافسة، وقد وضع سيدنا عمر أسس وقواعد
الانتخاب، والتقت وجهات النظر حول عثمان وعلي رضي الله عنهما، وانحصر الأمر بينهما
إلى أن اجتمعت الأغلبية على عثمان رضي الله عنه، ففاز بها.
أمّا علي رضي الله عنه، فهناك من بايعه إثر
استشهاد عثمان
رضي الله عنه حتى لا تتسع دائرة الفتنة، وخذله نفر من المسلمين، ومنهم
من أنكر عليه الحكم.
وبعد استشهاد علي رضي الله عنه عنه على يد عبد الرحمن بن ملجم تمت البيعة لابنه الحسن الذي
قضى ما يقارب السبعة أشهر في الحكم، ثمّ تنازل عنه لمعاوية بن أبي سفيان  الذي عمل على التوصية بالخلافة- خلال حياته-
لابنه يزيد. وبعد وفاة معاوية أصبح ابنه يزيد هو الحاكم، وقد  رفض بعض الصحابة من ضمنهم الحسين بن علي رضي
الله عنه ذلك، وقرر الدعوة لنفسه رافضًا تحوّل الحكم إلى حكم وراثي، مما أدى إلى نشوب
معركة كربلاء التي استشهد فيها الحسين بن على يد عبيد الله بن زياد، وبعد وفاة يزيد
تولى ابنه معاوية مقاليد الحكم وراثيًا، ولكنه أعلن رفضه للأمر، وقرر الانعزال
وترك الأمر شورى بين المسلمين. وفي تلك الأثناء كانت البيعة قد تمت لعبد الله بن الزبير في العراق، إلا أنّ مروان بن الحكم تم اختياره من قبل الأغلبية خليفة
للمسلمين، ومن بعده ابنه عبد الملك بن مروان والذي خرج عليه عبد الله بن الزبير في الحجاز، ونشبت معارك قادها
رجل عبد الملك بن مروان الحجاج بن يوسف الثقفي انتهت باستشهاد عبد الله بن الزبير بجوار الكعبة لينتهي بذلك الأمل في عودة الحكم إلى شورى بين المسلمين. وبعد
هذه الصراعات الدموية يُعتبر بداية تولي معاوية بن أبي سفيان الحكم هي بداية تحويله من
الانتخاب إلى حكم وراثي منحصر في أسر حاكمة تتنافس فيما بينها عليه، ومن المغالطات
التاريخية الكبرى للأخوان  اعتبار حكم
الأمويين والعباسيين، ثُم العثمانيين يمثل “دولة الخلافة الإسلامية”،
وأنّها
الكيان التنفيذي لأحكام
الإسلام، ترعى الشؤون؛ فتحفظ الدين والعرض والنفس والمال، وتحمي الثغور، وتزيل
العوائق والحواجز من أمام تبليغ رسالة الإسلام.
وهذا ما سأبيّنه في الحلقة القادمة إن شاء الله.
للحديث صلة.
المصدر : جريدة المدينة http://www.al-madina.com/article/555756/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%83%D8%B0%D9%88%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89-%D9%84%D9%84%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-(2)

Leave a Reply