سهيلة زين العابدين حمّاد
السبت 2/12/2017

 أواصل
الحديث عن فتوى الفقيه المالكي “أحمد بن عرضون” بحق السعاية للزوجة، و”السعاية
مأخوذة من فعل سعى يسعى سعيًا وسعاية، أي قصد وعمل وكسب لعياله كما في
“القاموس”، ومنه قوله تعالى: ﴿وأنّ ليس للإنسان إلا ما سعى، وأنّ سعيه
سوف يرى﴾ وحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام:”الساعي على الأرملة والمسكين
كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل، الصائم النهار”[د. حسن العبادي: عمل
المرأة في سوس]

والسعاية اصطلاحًا هي:” ما يعطيه الساعي
مقابل عمله الذي قام به من أجل تكوين أو تنمية رأسمال، أو هي النصيب الذي يستحقه
الساعي أو السعاة مقابل المجهود الذي بذلوه من أجل تكوين وتنمية مال معين بقدر
يناسب مجهوده
 وقد كانت
فتوى” ابن عرضون”
إحياءً لفتوى
عمر بن الخطّاب رضي الله عنه في تظلّم حبيبة بنت زريق التي عتّم عليها الفقهاء من
القرن الأول الهجري إلى آخر القرن العاشر الهجري، وقد أحياها في زمن لم يكن يذكر
فيه مثل هذا الاجتهاد المخرج للمرأة من وضعها الدوني، بل غاية ما وجد صون عرضها و
شرفها تحت زوج يحميها ويقوم عليها، أمّا أن يتحدث عن أموالها وتدبير شؤونها، فلم
يكن أحد يجرؤ على ذلك،
وقد أخذ بهذه الفتوى أهل سوس في جنوب المغرب و أطلقوا عليها حق ”
تامازالت” واللفظة الأمازيغية تعني “حق السعاية و الجهد و العمل” .
و أضحى لها حضور قوي في فتاويهم وأقضيتهم

.
وقد عارضه في هذه الفتوى عدد من الفقهاء المعاصرين
له “واعتبروها فتوى شاذة، وأنّ الفرائض قد قسمها المولى بنفسه من فوق سبع
سموات. فلم يبق فيها نظر ولا اختيار إلّا  أنّ” المهدي الوزاني” في نوازله
المسماة ” المعيار الجديد الجامع المعرب من فتاوى المتأخرين من علماء المغرب
” ينتصر للفتوى ويرد على منتقدي “ابن عرضون” في أنّهم لم يفهموا
مراده من القسمة، وأنّه ليس المقصود منها نقض الفرائض وأحكام الارث و التطاول على
تركة الهالك، بل معناه أنّ الذين يخدمون الثروة يأخذون منها بحسب جهدهم وعملهم،
وما بقي فهو للورثة والزوجة منهم، وكل ذلك داخل في ما شرط في آيات المواريث من
تصفية التركة قبل القسمة، من ديون  ووصية.
  ويبدو أنّ هذا الرأي قد وجد
طريقه إلى التطبيق من طرف بعض الجهات القضائية، فقد ذهبت محكمة الاستئناف بالرباط
في قرارها رقم 244 الصادر بتاريخ 04/04/2000 بشأن الملف العقاري عدد 6323/1999 إلى
أنّ “الكد والسعاية من لدن المرأة سواء في البادية أو الحاضرة المعتبر
للتعويض عنه، هو المترتب من عمل مكتسب وافر على الحاجيات الشخصية. يصب في ثروة
مادية أنشئت أثناء الحياة الزوجية. وهو نفس ما تمّ تأكيده من طرف المجلس الأعلى
بصراحة ووضوح كبيرين حيث جاء في أحد قرارته وهو يناقش الحجج المعتمدة من قبل
القرار المطعون فيه ما يلي : ” كما أنّ قولها (يقصد المحكمة المصدرة للقرار)
بأنّ السند الفقهي والقضائي للكد والسعاية يخص الزوجة العاملة في البوادي ولا
ينطبق عمل بالزوجة القاطنة بالمدينة رغم كدها وسعايتها في تكوني الثروة مع زوجها
هو حكم مخالف لمقاصد الشريعة الإسلامية، لأنّ الفقهاء لا يفرقون بين المرأة
البدوية والحضرية في استحقاق ذلك، بل يضعون “العمل والكد والسعاية” هو
المعيار لاستحقاق الزوجة لبدل الكد والسعاية، كما نجد أنّ أحكام المادة(49)من
مدونة الأسرة المغربية تنطبق على كل واحد من الزوجين حالة تحمله أعباء وتقديمه
مجهودات من أجل تنمية أموال الأسرة.
هذا ونجد
المشرّع التونسي فرض على الطليق نفقة الجراية للزوجة لتضررها من الطلاق، فهو ملزم
يدفع نفقة لطليقته
ﻋﻠﻰ ﻗﺩﺭ ﻤﺎ ﺍﻋﺘﺎﺩﺘﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻴﺵ ﻓﻲ ﻅلّ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ
ﺍﻟﺯﻭﺠﻴﺔ ﺒﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺴﻜﻥ
،
وإذا رفض دفعها يُسجن، ويلتزم ورثته بدفعها بعد وفاته، إلى أن تتوفى، أو تتزوج، أو
تجد عملًا يغنيها عن نفقته.
والسؤال الذي يطرح نفسه: أين فقهاء المشرق العربي
الذين أخذوا بفتوى بعض الفقهاء في” الحبس الزوجي” المخالفة للقرآن
الكريم. من فتوى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه الذي حكم بحق السعاية للزوجة عملًا
بما جاء في القرآن الكريم، بل نجدهم عتّموا عليها، بينما أخذ بها فقهاء المغرب
العربي؟؟
 وعند
الطلاق أو وفاة الزوج كيف يضيع حق الزوجة في مال زوجها إن أسهمت بكدها وسعيها
ومالها في تنميته، وكذلك حقها في ملكية بيت الزوجية إن أسهمت بمالها في بنائه
لمجرد أنّ البيت مكتوب باسم الزوج، ولا يؤخذ بقولها مشاركتها بمالها في بنائه، وقد
تكون أرض البناء ملكها، وحوّلتها باسم الزوج لأنّ بنك التنمية العقاري لا يُقرض
الزوجة، بينما هي التي تدفع أقساطه؟؟؟؟؟!!!
البريد اليكتروني: Suhaila_hammad@hotmail.com

Leave a Reply