د. سهيلة زين العابدين حمّاد

الثلاثاء 25/4/2017م


     في
البداية لا يسعني سوى تقديم جزيل شكري وعظيم امتناني للقائمين والقائمات على جائزة
الأمير نايف بن عبد العزيز للمرأة المتميزة ، وصندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز ،
ولجنة التحكيم ، على منحي جائزة المرأة المتميزة في مجال البحوث والدراسات ،

ولا
أخفي على الجميع أنّي فوجئتُ بهذه الجائزة ، لأنّي لم أُرشح نفسي لها، ولأنّي لم
أقم بأبحاثي ودراساتي على مدى أربعين عامًا لأنال جائزة، ولكن لرسالة أسعى إلى تحقيقها،
وهي الإسهام قدر الاستطاعة في إصلاح مجتمعي خاصة والمجتمعات العربية والإسلامية
عامة، لتكون مجتمعاتنا تطبق صحيح الإسلام، فتكون قدوة ونموذجًا يحتذى لسائر
المجتمعات الإنسانية، وبذلك يتحقق الأمن الفكري الذي دعا إليه صاحب الجائزة صاحب
السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ـــــ طيّب الله ثراه – الذي أفتخر بمنحي
جائزة باسمه ، ولا أنسى مقولته ” لا قيمة للعمل الأمني إن لم يتحقق الأمن
الفكري”، فبحوثي ودراساتي ومؤلفاتي تنصب في تحقيق الأمن الفكري ، ولن يتحقق
هذا إلّا بتصحيح الخطاب الإسلامي المُنجز من قبل البشر من المفاهيم الخاطئة لبعض
الآيات القرآنية بتفسير بعضها طبقًا للموروثات الفكرية والثقافية الجاهلية، أو
باجتثثات الآيات من سياقها ودلالاتها، ومن تلك الأخطاء التي هدّدت أمننا الفكري
والمجتمعي والحياتي ، التي استغلها الأعداء في إشعال جذوة الإرهاب ، وجعل بلادنا
كتلة من النار ، وأصبح الشاب يفجر نفسه في مسجد أو كنيسة ليقتل أكبر عدد ممكن ، بل
أصبح الابن يقتل أباه وأمه ، والأخ يقتل أخوه لتكفيره لهم لأنّ هذا الخطاب نسخ
جميع الآيات المتعلقة بحرية الدين والعقيدة، والتعايش السلمي مع أصحاب الديانات
الأخرى ، وجعلوا علاقتنا بهم علاقة قتال إلى أن تقوم الساعة، بل نشر هذا الخطاب
الفتاوى التكفيرية ، فكفّروا الناس والمجتمع ، وحكموا عليهم بالردة، مجيزين قتل
المرتد، مع أنّه لا توجد آية قرآنية تنص على عقوبة دنيوية على المرتد فآية( إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا
كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا) [
النساء : 137] تبيّن عدم قتل المرتد، لأنّه لو كان حكم المرتد القتل، لما آمن ثم كفر،
ثم آمن وكفر، فعلى أساس جاء الحُكم البشري بقتل المرتد، وهو مخالف لهذه الآية
مخالفة صريحة وواضحة، واستغل مخططو الإرهاب وصانعوا ما يسمى بالجماعات الإسلامية
حكم  قتل  المرتد في قتل المسلمين بعضهم بعضًا حتى في
المساجد، بل قتل الآباء والأمهات والإخوة للحكم عليهم بالردة، فهذا نموذج ما ترتب  على خطأ   في فهم بعض
الآيات القرآنية، فهذا بعض ما ترتب على خطأ فهم آية( ما نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ
نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ
اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [ البقرة: 106] فالمقصود بالنسخ والإنساء،
هو نسخ شريعة موسى عليه السلام ، وليس نسخ القرآن لنفسه، كما فهمه بعض المفسرين
الذي ترتب عليه القول بالناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم ، وكما استغله مخططو
الإرهاب، كذلك استغله مخططو الإلحاد، بالقول لشبابنا أنّ الناسخ والمنسوخ في
القرآن يُلغي أزلية حفظ القرآن الكريم في اللوح المحفوظ، ويُلغى أنّ القرآن من عند
الله، فكيف يتحقق لنا الأمن ، ونحن باسم الإسلام يُكفر بعضنا البعض، ويُبيح قتل
الناس ، وهم في دور العبادة، بل قتل الآباء والامهات والإخوة والأخوات؟

إضافة إلى أخطاء في فهم الكثير من الآيات
المتعلقة بالمرأة وعلاقاتها الأسرية والزوجية، وأباحوا باسم الإسلام ممارسة الآباء
والأزواج والإخوة العنف ضد نسائهم وأولادهم وبناتهم، والمجال لا يتسع لذكر نماذج
من  ذلك، وبحوثي ودراساتي تناولت تلك
القضايا جميعها ، ولدي سلسلة تصحيح الخطاب الإسلامي المُنجز معدة للنشر، وأتمنى من
صاحبة السمو الملكي الأميرة جواهر بنت نايف بن عبد العزيز رئيس مجلس الأمناء
لجائزة الأمير نايف بن عبد العزيز للمرأة المتميزة ، ورئيسة مركز الأميرة جواهر
بنت نايف بن عبدالعزيز لأبحاث ودراسات المرأة في صندوق الأمير سلطان لتنمية المرأة
، وصندوق الأمير سلطان تبني نشرها ، وهذه السلسلة تهدف إلى  تحقيق الأمن الفكري الذي دعا إليه صاحب السمو
الملكي الأمير نايف بن عبد العزير – رحمه الله – ، وسعى إلى تحقيقه.
Suhaila_hammad@hotmail.com

Leave a Reply