د. سهيلة زين العابدين حمّاد
السبت 18/3/2017


   أدعوا
المعارضين على تعيين عميدة لكلية الطب بجامعة الطائف، واعتبارهم أنّ في ذلك  اتباعًا لمنهج التغريب، أنّ يقرأوا الكتب
التاريخية القديمة مثل كتب

:ابن سعد:” الطبقات الكبرى، الإمام النووي: “تهذيب
الأسماء”، والخطيب البغدادي: “تاريخ بغداد”، والسخاوي: “الضوء اللامع لأهل القرن التاسع”، فقد أورد أكثر
من (1070) ترجمة لنساء برزن في ذلك القرن، معظمهن من المحدثات الفقيهات، وابن حجر
في” الإصابة”
ذكر أكثر من خمسمائة امرأة، وفي تقريب التهذيب ذكر(824) امرأة مِمَّن اشتهرن بالرواية حتى مطلع
القرن الثالث الهجري
.كما أورد  في كتابه
“المعجم المؤسس للمعجم المفهرس” كثيرًا من شيخاته اللاتي أخذ عنهن
العلم، وعن اشتراكه في السماع عن الشيوخ مع بعضهن، ووصف بعضَهُنَّ بأنَّها مصنِّفة
وهي عائشة بن عبدالله الحلبية
“. كما أورد الإمام “الذهبي” قبله في كتابه “معجم
شيوخ الذهبي” كثيرًا من شيخاته، وكان يقول عن بعضهن “توفِّيَتْ شيخَتُنا
. وكذلك الإمام ابن تيمية
ذكر كثيرًا من شيخاته، بالإضافة إلى مؤلفين كثر ذكروا النساء في كتب التراجم
والطبقات
 ككتاب أسد الغابة في معرفة الصحابة” لابن الأثير، و”سير
أعلام النبلاء” شمس الدين الذهبي، ومن الكتب المعاصرة: “أعلام النساء
لرضا كحّالة”، و”الحركة العلمية النسائية تراث غابت شمسُه” لمصطفى
عاشور، وغيرها سيجدون قوائم  أسماء  لعالمات محدثات وفقيهات ومفتيات وقاضيات تعلّمن
من رجال، وعلّمن رجال، وأجزن كبار العلماء في مختلف العصور، أمثال: الأئمة الزهري،
والشافعي وابن حنبل، وابن حزم، وابن تيمية، وابن القيم، والسخاوي، وابن عساكر،
والذهبي، والسيوطي، والخطيب البغدادي، وغيرهم كثير، فهذا الجانب المشرق من تاريخ
المرأة المسلمة الذي يبرز دورها في بناء الحضارة الإسلامية مُعتّم عليه من قبل المحدّثين
والمؤرخين المعاصرين الذين تجاهلوها في مؤلفاتهم، وكذلك واضعوا مناهج التاريخ في
جميع المراحل الدراسية بما فيها تخصص تاريخ في جامعاتنا، والتزامًا مني
بالأمانتيْن العلمية والتاريخية رأيتُ من واجبي كمؤرخة أن أسلط الضوء على هذا الجزء
المشرق من تاريخ المرأة المسلمة المُعتّم عليه، ليزول اللبس عن المعارضين، ولترتاح
ضمائرهم أنّ الإسلام أجاز تعليم النساء للرجال قبل الغرب، لأنّه يوافق الفطرة
الإنسانية، والإسلام  دين الفطرة.

   إنّ الدراسة التاريخية لعملية تدوين الحديث تبين
أنّ أهم جامعي الحديث في القرون الأولى حصلوا على الإجازات في الحديث عن النساء
المحدثات. فكثير من النساء العالمات بالسنة كانت لهن مجالسهن العامة حيث يعلمن
ويعطين دروسًا في الحديث للطلبة الذين يحصلون على إجازاتهم مباشرة منهن
. وتذكر جوامع الحديث مثلًا في الأغلب أسماء الرجال، مع أنّ النصوص
القديمة تثبت أنّ علوم الحديث كانت ثمرة لمشاركة قوية وناجحة لعمل مشترك بين
العلماء والعالمات المسلمات
.ونجد
في كثير من المخطوطات التاريخية لكثير من العلماء أسماء لنساء عالمات درسن ودرّسن في
حلقات دراسية، ولم يكن هناك إبعاد لهن وكن يحضرن بصفتهن طالبات ومعلمات
.ولقد اشتهرت إلى غاية القرن العاشر الهجري النساء العالمات المعروفات
أمثال المسندات اللواتي يصادقن على صحة متن الحديث. ونجد أسماءهن في مخطوطات
شهادات الإجازات التي يسلمن لطلبتهن الذين يحضرون دروسهن حيث توجد توقيعاتهن.
وبقيت النساء العالمات يعطين الإجازات علنًا حتى بداية العهد العثماني.[د. أسماء
المرابط:
دور النساء في
بناء الحضارة الإسلاميةج2، مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام،
الرابطة المحمدية للعلماء- المغرب]
ففي
صدر الإسلام كانتْ أمهات المؤمنين وعدد من كبار الصحابيات رضوان الله عليهنّ من
روَّاد الحركة العلميَّة ، كما امتدَّ عطاء المرأة المسلمة في المجال العلمي
والتعليمي عبر العصور، فظهرت الفقيهة والمُحدِّثة والمفتية، والطبيبة، والشاعرة
والناقدة الأدبية، وعالمة الفلك والرياضيات التي يَقْصِدُها طلاب العلم، ويأخذ
عنها بعض أساطين العلماء
.
ولكن بعد القرن العاشر الهجري، وعندما أصبحت وظيفة العلماء رسمية. بدأ عدد النساء
العالمات ينقص تدريجيًا، وبدأ تهميشهن شيئًا فشيئا، وكان هذا التهميش من أسباب التراجع
الحضاري للمسلمين.
المصدر : جريدة المدينة

http://www.al-madina.com/article/514353/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1

5 Comments

Leave a Reply