سهيلة زين العابدين حمّاد
السبت 25/2/2017

 لم نكن
نتوقع أن يصل بنا برنامج الأمم المتحدة للتمكين الاقتصادي للمرأة إلى اعتبار
الاستغلال الجنسي للمرأة وتجارة الرقيق الأبيض أمرًا مشروعًا من خلال التوصية بتقنين
الدعارة كعامل من عوامل تمكين المرأة اقتصاديًا، وذلك بناءً على تقرير لجنة
الخبراء الذي ستعتمد عليه لجنة المرأة في إعداد الوثيقة التي ستطرح وتعتمد في
الجلسة ٦١
CSW61 التي ستعقد في نيويورك بعد أسابيع، ففي صفحة (16) من التقرير  وتحت عنوان العمل بالجنس يوصي بالآتي:الاعتراف بالدعارة كعمل للمرأة، والتأكيد
على حصول الداعرات على الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية وعدم التمييز ضدهن في
القوانين والسياسات الوطنية، واعتبار منظمات الدعارة مؤسسات شرعية، وعدم تجريم
العمل بالدعارة قانونيًا.”
وهنا نجد أنّ هذه التوصيات خالفت الآتي:

1.   
  الديانات السماوية(اليهودية
والمسيحية والإسلام)التي يشكل سكانها(55.2%)من سكان العالم، والهندوسية والبوذية
التي يشكل سكانها(22%) من سكان العالم، والتي جميعها يُحرّم الزنا.
2.   
  ما جاء في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة: “أنّنا
نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقَدْره وبما
للرجال والنساء والأمم كبريها وصغريها من حقوق متساوية.
3.   
 اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص
واستغلال دعارة الغير التي اعتمدت في 2/12/ 1949م، و بدء العمل بها في 25/7/1951،
وقد جاء في الديباجة: “لما كانت الدعارة، وما يصاحبها من آفة الاتجار
بالأشخاص لأغراض الدعارة، تتنافى مع كرامة الشخص البشري وقدره،
وتعرض للخطر رفاه الفرد والأسرة والجماعة”
 هذا وقد نصّت المادة الأولى على:” يتفق
أطراف هذه الاتفاقية على إنزال العقاب بأي شخص يقوم، إرضاء لأهواء آخر
:1
.
بقوادة شخص آخر أو غوايته أو تضليله، على قصد
الدعارة، حتى برضاء هذا الشخص،2
.باستغلال دعارة شخص آخر، حتى برضاء هذا الشخص.
      والمادة الثانية:” يتفق أطراف هذه
الاتفاقية، كذلك، على إنزال العقاب بكل شخص:1. يملك أو يدير ماخوراً للدعارة، أو
يقوم، عن علم، بتمويله أو المشاركة في تمويله،2. يؤجر أو يستأجر، كليًا أو جزئيًا،
وعن علم، مبني أو مكانًا آخر لاستغلال دعارة الغير.”
 فهذه
مواد صريحة تُجرّم الدعارة وتُعاقب من يملك أو يدير بيوت الدعارة أو يمولها معتبرة
الدعارة تتنافى مع كرامة الشخص البشري وقدره.        
4.   
المادة الرابعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:” لا يجوز
استرقاق أو استعباد أي شخص، ويحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعهما.”
وكذلك المادة الخامسة للإعلان:”لا يُعرّض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو
المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة.” وللفقرة(3)
من المادة(16)”الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع
بحماية المجتمع والدولة.” وتقنين الدعارة يُقوّض دعائم الأسرة، ويهدد أمنها.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تناقض
الأمم المتحدة ميثاقها واتفاقياتها، وفي هذا التوقيت بالذات؟
واضح أنّها مُسيّسة، فهي تُنفذ ما يُطلب منها
استكمالًا لتنفيذ مخطط تقسيم وتفتيت البلاد العربية وتدمير البنية الدينية
والقيمية والخلقية لمجتمعاتها بإشاعة الفاحشة فيها بتقنين الدعارة منتهزين الأزمات
الاقتصادية التي تمر بها الدول العربية حاليًا نتيجة تحويل الدول العربية خاصة
المحيطة بإسرائيل إلى كتل نارية بإثارة الثورات والحروب والقلاقل وتكثيف العمليات
الإرهابية فيها من جهة، وارتفاع نسبة البطالة والفقر والأمية لدى النساء العربيات
من جهة أخرى.
 فعلى المفكرين
والإعلاميين ومؤسسات المجتمع المدني في البلاد العربية والإسلامية، والوفود العربية
والإسلامية المشاركة في اجتماع الجلسة(61)التصدي بقوة لمنع إصدار تلك التوصيات لمخالفتها
للأديان ومناقضتها لميثاق الأمم المتحدة وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية
حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير.
Suhaila_hammad@hotmail.com




المصدر : جريدة المدينة http://www.al-madina.com/article/510821/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D9%88%D8%AA%D9%82%D9%86%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%BA%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9-!:
ملاحظة: هذا المقال  طرأت عليه بعض التغييرات عند نشره في جريدة المدينةلأنّ قسم التحرير وجد أنّ كلمة ”
دعارة” غير لا ئق نشرها في الجريدة، وترتب على هذا استبدال كلمة ”
دعارة” الواردة في مواد الاتفاقيات المشار إليها بكلمة “استغلال المرأة”
و”تجارة الرقيق الأبيض “

Leave a Reply