سهيلة زين العابدين حمّاد
السبت 3/ 9/ 2016

أواصل الحديث عن القيود التي وضعها الخالق جل
شأنه لتقييد تعدد الزوجات، ورغم هذا نجد الإمام الطبري يقول في  تفسير قوله تعالى:(وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى
فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى )أي: إذا كان تحت حجر أحدكم يتيمة وخاف ألا يعطيها
مهر مثلها، فليعدل إلى ما سواها من النساء، فإنهنّ كثير، ولم يضيق الله عليه.”
بينا نجد 
الشيخ محمد رشيد رضا يقول :” فمن تأمل الآيتين علم أنّ إباحة تعدد
الزوجات في الإسلام أمر مضيق فيه أشد التضييق كأنّه ضرورة من الضرورات التي تباح لمحتاجها
بشرط الثقة بإقامة العدل، والأمن من الجور.
وإذا تأمل المتأمل مع هذا التضييق ما يترتب على
التعدد في هذا الزمان من المفاسد جزم بأنّه لا يمكن لأحد أن يربي أمة فشا فيها
تعدد الزوجات، فإنّ البيت الذي فيه زوجتان لزوج واحد لا تستقيم له حال، ولا يقوم
فيه نظام، بل يتعاون الرجل مع زوجاته على إفساد البيت كأن كل واحد منهم عدو للآخر،
ثم يجيء الأولاد بعضهم لبعض عدو، فمفسدة تعدد الزوجات تنتقل من الأفراد إلى البيوت،
ومن البيوت إلى الأمة.”
وما دمنا بصدد إصدار مدوّنة للأحوال الشخصية،
اقترح أن تضم المدونة فصلًا عن التعدد، بوضع هذه الضوابط بحيث لا يتم إلّا بتوفرها،
وبإذن من قاضي محكمة الأحوال الشخصية:

1.   
علم ورضا الزوجة الأولى وأولادها بالزواج الثاني.
2.   
 أن تكون الزوجة الثانية أرملة
لها أولاد يتعهد بكفالتهم .
3.   
أن تكون لديه القدرة المالية على الإنفاق على الزوجتيْن وأولادهما مع
تعهده بالقسط بين أولاده وأولاد الزوجة الثانية، وبالعدل بين الزوجتيْن.
4.   
 وأن لا يكون فارق السن كبيرًا بينه وبين الزوجة
الثانية.
أمّا اشتراط
البعض أن يقدم الزوج ما يُثبت أنّه يريد التعدد لإشباع رغباته الجنسية، فهذا شرط
يتعارض مع سبب التعدّد الذي من أجله أباحه الله لحل مشكلة اجتماعية إنسانية، هي
رعاية الأرامل والأيتام، فالمرأة لها رغبات جنسية مثل الرجل، ويوجد نساء لديهن
رغبات جنسية جامحة، فهل  يعني هذا يُباح
لها تعدد الأزواج إرضاءً لرغباتها؟ بالطبع لا، فالإنسان مسؤول عن كبح جماح رغباته
ونزواته، ولا يطلق لها العنان كالحيوان؛ لذا أوجد الله حد الزنا لكل من الرجل
والمرأة مساويًا بينهما في الحد.
     وإن
قال البعض إنّ اشتراط القانون وجود مسوغ شرعي حتى يأذن القاضي للمتزوج بالتعدُّد ليس
من حق القاضي؛ إذ لا يحق له التدخُّل بأمور خاصة بين الزوجين، أقول لهم: كيف قبلتم
تطليق القاضي الزوجة بدون موافقة الزوج، بل وبدون علمه، وبدون علم وموافقة الزوجة
في دعاوى التطليق لعدم الكفاءة في النسب، لعادات وأعراف قبلية جاهلية لا تمت
للإسلام بصلة؟
كما أُعطيَ للقاضي حق فسخ عقد الزواج إن ثبت له
وقوع الضرر على الزوجة لتعليق الزوج، أو هجره، أو لإدمانه، آو لعدم قيامه بواجبات
الإنفاق، أو بواجبات المعاشرة الزوجية، فعلامَ الاعتراض على إصدار تشريع يُعطي
للقاضي الإذن للمتزوج بالتعدد؟
المصدر : جريدة
المدينة
http://www.al-madina.com/node/695925/%D8%AA%D9%82%D9%86%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%88%D8%AC%D8%A7%D8%AA-3.html?weekly

Leave a Reply