سهيلة زين العابدين حمّاد

السبت 11/6/2016

بيّنتُ في الحلقتيْن بعض الأدلة التي تُثبت عدم صحة الرواية التي استند عليها بعض علمائنا في عدم مشروعية الحفاظ على الآثار النبوية، وأواصل في هذه الحلقة بيان عدم صحتها:

1.   أنّ عمر بن عبد العزيز حفيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في توسعته للمسجد النبوي الشريف عام 91 هـ أدخل حجرة عائشة رضي الله عنها فيه(والمعروفة حالياً بـ “الحجرة النبوية الشريفة”، والتي تقع في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد)والمدفون فيها النبي(ص)وأبي بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، و تحريه المواضع التي خطها وصلى فيها النبي(ص)في المدينة المنورة وبنى فيها مساجد في فترة
ولايته على المدينة ليصلي الناس فيها اقتداءً بالنبي الكريم، وأورد مؤرخ المدينة المنورة عمر بن شبه النميري البصري(173- 262ه):” قال أبو غسّان، وقال لي غير واحد من أهل العلم من أهل البلد: أنّ كل مسجد من مساجد المدينة ونواحيها مبني
بالحجارة المنقوشة المطابقة، فقد صلّى فيه النبي(ص)، وذلك: أنّ عمر بن عبد العزيز حين بنى مسجد رسول الله(ص) سأل ــــ والنّاس يومئذ متوافرون ــــ عن المساجد التي صلى فيها رسول الله(ص)ثمّ بناها بالحجارة المنقوشة المطابقة…”، يقول
العلّامة الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود النّجار(578 ـــــــ 643ه)عن
المساجد المأثورة بالمدينة المنورة : ” فهذه الآثار كلها آثار بناء عمر بن عبد العزيز” وقد شهد ذلك عدد من الصحابة، وفي مقدمتهم أنس بن مالك رضي الله عنه(توفي سنة 93 هـ)وعبد الله بن بسر المازني(توفي سنة 96 هـ.)ومحمود بن لبيد الأنصاري(توفي 98هـ), ويوسف بن عبد الله بن سلام(توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز)وأبو الطفيل عامر بن واثلة(توفي سنة 100هـ) فهل نحن أفهم للدين منهم جميعًا؟ فعندما سُئل أحد علمائنا المعاصرين هذا السؤال: ما حكم الصلاة في مسجد في قبلته قبر؟ أجاب قائلاً: لا يجوز أن يوضع في المسجد قبر، لا في قبلته ولا خلف المصلين، ولا عن إيمانهم، ولا عن شمائلهم، وإذا دفن أحد في المسجد ولو كان هو المؤسس له فإنّه يجب أن يُنبش هذا القبر، وأن يدفن مع الناس.”، مع أنّه سبق وأن أراد بعض المفتنين تغيير وضع الحجرة النبوية بإخراج القبر الشريف المكرم من المسجد ، فلما سمع بذلك
المرحوم الملك خالد بن عبد العزيز غضب غضباً شديداً وثارت فيه الحمية الدينية وتكلم كلاماً رادعاً لصاحب ذلك الاقتراح الأثيم سمعه من كان حاضراً في المجلس، ولعل بعضهم لا زال على قيد الحياة.
2.   وهكذا تبيّن لنا عدم صحة الرواية التي سُلم بصحتها، وبموجبها هُدم الكثير من المساجد التي خطها وصلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم، ورُدم الكثير من الآبار والمواقع في مكة المكرّمة والمدينة المنورة، مثل الخندق الذي حفره الرسول صلى الله عليه وسلم وبعض الصحابة
ليكون طريِقًا للسيارات!
suhaila_hammad@hotmail.com
المصدر : جريدة المدينة http://www.al-madina.com/node/
 
 
 

Leave a Reply