سهيلة زين العابدين حمّاد
السبت 21/5/2016

   بيّنتُ في الحلقة الماضية أنّ من العقبات التي
ستواجهنا عند تطبيق الركيزة الأولى للرؤية لما يراه بعض علمائنا من عدم مشروعية
الحفاظ على الآثار النبوية، لأنّها في رأيهم مدعاة للبدع والشرك، ممّا أدى إلى هدم
وطمس الكثير منها، مستندين على رواية غير صحيحة في سندها ومتنها، لتناقضها مع
الآيات القرآنية[21من الأحزاب،و125من البقرة]وكذلك تتناقض مع:

1.   
(إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ
فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ
بِهِمَا)[البقرة:158]فإن كان جل شأنه جعل ما قامت به أمنا هاجر، وهي تبحث عن ماء
لرضيعها إسماعيل عليه السلام ركنًا أساسيًا من أركان الحج، هل تعد الصلاة في
الأماكن التي صلى فيها خاتم الأنبياء والمرسلين المطلوب منّا اتباع سنته مدعاة
للبدع والشرك؟

2.   
قَالَ
لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ
سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ)هذا التابوت شأنه عظيم ومقامه كريم وكان عند بني
إسرائيل يقدمونه بين أيديهم في حروبهم، فلا يقاتلون أحداً من أعدائهم إلا ويكون
معهم، وقد أخبر تعالى عن محتوياته بأنّ فيه سكينة إلهية وآثار نبوية وهي التي قال
عنها:(وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ
الْمَلآئِكَةُ)[القرة:248]

ثانيًا: ضعفها من حيث الإسناد، فأحد
رواتها سليمان بن مهران الأعمش معروف بتدليسه، ومعمر بن راشد توجد وقفة عند روايته
عن الأعمش.

ثالثًا: من دلائل وضع الرواية التي
اعتمد عليها بعض علمائنا في عدم مشروعية الحفاظ على الآثار النبوية الآتي:

1.   
فقد ثبت في صحيح البخاري، في كتاب الصلاة:” باب
المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها عليه الصلاة والسلام”
أنّ ابن عمر كان يتحرى تلك المواضع.{صحيح البخاري: حديث رقم 469}.وابن عمر عالم
وفقيه، فلا يمكن أنّه يأتي فعلاً فيه شبهة، فهو تحرى المواضع التي صلى فيها النبي
الكريم للصلاة اقتداءً وأسوة به، ولم يتحراها لزيارتها ولو كان قال سيدنا عمر هذه
المقولة لما خالفه ابنه، ولما سكت سيدنا عمر عن مخالفته له إن فعلها في حياته،
وحديث عُتبان بن مالك يؤكد ذلك، لأنّ لو في ذلك شبهة أو حرمة لبين الرسول(ص)لعتبان
ذلك، ولرفض الصلاة في بيته ليتخذ عتبان من المكان الذي صلى فيه عليه الصلاة
والسلام مصلى لهما. وبسند الإمام الأزرقي إلى ابن جريج، فيما يخص مصلى
النبي(ص)بمسجد الخيف، أخبره أنّه رأى أشياخًا من الأنصار يتحرون مصلى النبي(ص)أمام
المنارة قريبًا منها، ولم يزل الناس وأهل العلم يصلون هنالك”
ويعلق فضيلة الشيخ عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان عضو
هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية على هذه الرواية قائلًا:” بهذا
المفهوم الواضح البعيد عن الغلو والمبالغة، أو التجافي والتقصير والإهمال تعامل
المسلمون في الصدر الأول مع الآثار النبوية، وكل ما يتصل بها، أو بالصحابة الكرام
رضي الله عنهم، حافظوا على تدوين كل أثر يتعلق بهم وبتاريخهم، استشعارًا لأهميته،
ويبقى ذخرًا باقيًا للأجيال القادمة التي لم تحظ بمشاهدتها.”

للحديث
صلة.

المصدر
: جريدة المدينة
http://www.al-madina.com/node/678679/%

 

 

Leave a Reply