4-قضايا الأمة العربية والإسلامية

كيف تهزم نفسك دون مجهود؟

By 17 أبريل، 2016فبراير 16th, 2021No Comments

د. لميس جابر
الجمعة 15-04-2016 

كيف تهزم نفسك دون مجهود؟ كيف تكسر إرادتك في وقت قياسي؟ كيف
تقدم وطنك للخونة والمجرمين على طبق من فضة؟ كيف تنصر أعداءك على نفسك في غمضة
عين؟ كيف تشطب على إنجازاتك وتتناسى تضحياتك ودماء إخوتك وأبنائك وتعطى الأمريكان
القبضة ليضربوك الضربة القاضية؟ حتى تنجح عزيزي المواطن المصري اتبع هذه
التعليمات، فهي سهلة للغاية..

أعط ظهرك للحائط.. اجلس في الحجرة المظلمة بمفردك
واكتب على «تواصلاتك» ضد بلدك دون معرفة، ودون فهم، ودون بحث عن حقائق وبلا أي
تردد.. لأنه هكذا تكون شابًا ثوريًا.. الحقيقة لا تهم ولكن المهم هو التفرد في
التشكيك وفى السباب والتخوين وادعاء المعرفة بلا أى بيّنة.. بعد هذه الخطوة اتبع
بدقة خطوات كل الخونة سواء من كانوا من بني وطنك أو الذين ينتشرون حول مصر من
جهاتها الأربع يقبضون باليورو والدولار لإسقاطها.. ردد خلف البرادعي وأبلة فاهيتا
بلا أي تفكير «الاختفاء القسري».. «المعتقلات».. «التعذيب في السجون».. ضع يديك على
عينيك وتعامَ عن المنطق وثق في وطنية هؤلاء وخوّن رئيسك وإدارة حكومة مصر.. أعط
عقلك لغيرك وأغلقه مؤقتاً للصيانة وصدّق أن هناك سجناء رأى من الصحفيين، وتعامَ عن
قانون ازدراء الأديان الذي يعود بنا إلى العصور الوسطى.. لا تفكر لماذا تخطف
الشرطة المصرية المواطنين وهى قادرة على اتهامهم وتقديمهم للقضاء، تمادَ في تبعيتك
لغيرك، وشكّك في قضائك، واذهب إلى سفارة إيطاليا وندّد ببلادك وقل للعالم: لا
تأتوا إلى بلادي، لأنّ بها شرطة مجرمة تقتل الأجانب بعد أن تعذبهم.. وإذا سألك
أحد: ولماذا تفعل الشرطة ذلك؟ خُذ نفسًا عميقًا من الشيشة المشتعلة أمامك وردد
كلمات الإعلامي الشهير بكل ثقة وقل: الشرطة تعملها طبعاً ومن غير ليه؟ لا تفكر يا
عزيزي ولا للحظة واحدة.. لا تتعب نفسك ولا تجهد ذهنك، لأنّ «الفكر مرض» والعقل عبء
على صاحبه.. لا تتساءل ولا تشكك، فقط ردد بثقة ويقين لا تحاول أن تعرف أنّ حقل
الغاز الضخم في المتوسط سوف تتولى التنقيب فيه شركة إيطالية ولا تتذكر أن القنصلية
الوحيدة التي تعرضت لمحاولة تفجير كانت القنصلية الإيطالية، وأنّ هناك شركة
بريطانية شهيرة تريد القفز على كنز المتوسط الغنى.. لا يخطر على بالك أنّه ربما
يكون خلف مقتل هذا الشاب النكرة جهاز مخابراتي مثل ذلك الذي ألقى بثلاثة من
المصريين من الشرفات في قلب لندن ولم يطالب أحد شرطتهم ولم يتهمها أحد ولا حتى مصر
لأنّنا للأسف لا نرى العنصرية المقززة التي تنضح من بلاد هؤلاء الإنجليز.. عندما
تستيقظ صباحاً وتفتح صفحتك على الفضاء الخيالي وتعرف أن هناك شيئاً اسمه إعادة
ترسيم الحدود البحرية قد تم بإعادة جزيرتَي تيران وصنافير إلى أصحابهما في
السعودية.. انهض مسرعاً واصرخ مع الصارخين، فقد أصبحت بين ليلة وضحاها عالماً فى
الجغرافيا مثل «ملتبرون» وفلحوصاً في القانون الدولي وقوانين الملاحة الدولية
وغيورًاعلى حماية خليج العقبة.. لا تفتح كتاباً لتعرف أنّ هذا الخليج تحميه
القوانين وليس المدافع.. لا تبحث حتى على الإنترنت، فقط «شيّر» الخرائط عديمة
المعنى، قل إنّ الدولة العثمانية رسمت الحدود البحرية عام 1906 وهو ما لم يحدث لأن
فكرة المياه الدولية والإقليمية هي فكرة حديثة، والدولة العثمانية رسمت الحدود
البرية فقط.. شيّر مائة خريطة عديمة المعنى وردد خلف الإعلامي الشهير: هل من
المعقول أن ينام المصريون وهم يحتضنون صنافير وتيران ثم يستيقظون صباحاً فيجدونهما
قد ذهبتا لأحضان السعوديين؟ ردد فقد سُرق منك حي شبرا في غمضة عين، وتكلم بثقة لأن
التسعين مليوناً يعرفون هاتين الجزيرتين منذ أن كانوا في الحضانة.. ردد خلف أيمن
نور الذى لن تجمّله العمليات الجراحية وداخله كهف من الحقد والضغينة وقلة الشرف.
اسمع عندما احتلت إسرائيل قرية أم الرشراش في عام 1949 وبدأت في بناء ميناء إيلات
قرر النحاس باشا في يناير 1950 أن يضيّق عليهم الخناق، واتفق مع الملك عبدالعزيز
آل سعود على أن تسيطر مصر على الجزيرتين لحماية خليج العقبة قبل أن يتسلط عليه
الصهاينة، وقد تمت هذه السيادة فى 12 يناير 1950.. احتلت الجزيرتان في 1956، ثم
وُضعت بهما قوات حفظ السلام، ثم احتلتا مرة ثانية في 1967 وعادتا بعد «كامب ديفيد»
تحميهما قوات حفظ سلام وقوة شرطة صغيرة بتسليح خفيف، وآن الأوان الآن أن تعود
الجزيرتان إلى أصحابهما.. هذه هي القصة باختصار، لكن أرجوك لا تصدقني لأنك تسعد
بتصديق العكس.. رغم أنك هرولت إلى الشوارع والميادين تصرخ وتدعو السيسي لإنقاذك
وإنقاذ مصر، رغم أنك هرولت إلى الشوارع مع أربعين مليوناً تنادى السيسي رئيسًا،
رغم أنّك انتخبت السيسي وأنت تغنى على أنغام «تسلم الأيادي» و«بشرة خير» ورقصت له
في الشوارع أمام اللجان.. رغم كل هذا فقد قالوا لك إنّ السيسي خان وباع فأسرعت
تردد خلفهم وتسلم رأسك ورأس بلدك ووطنك لسياف السقوط. (إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ
الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) صدق
الله العظيم
.

نقلًا عن جريدة الوطن المصرية. http://www.elwatannews.com/news/details/1099139

 

Leave a Reply