4-قضايا الأمة العربية والإسلامية

وردّت مصر الأمانة إلى أهلها فعلام الجدال؟(1)

سهيلة زين العابدين حمّاد

السبت 16/4/2016

 

                                خريطة تنصيف الحدود الإقليمية البحربية للمملكة العربية السعودية ومصر طبقًا لاتفاقية قانون البحار لعام 1982م  الصادرة من الأمم المتحدة ، وهذه الخريطة معتمدة لدى الأمم المتحدة

 لا أُخفي عليكم لم أكن أريد  التحدث عن ما أثير من إشاعات وبلبلة حول جزيرتي
تيران وصنافير على إثر اتفاقية رسم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، المترتب
عليها إقامة جسر الملك سلمان الذي يربط السعودية بمصر، ولكن تسارع الأحداث وتطورها
داخل المجتمع المصري خاصة ، بتمكن أعداء مصر والسعودية في الداخل والخارج، من
إحداث بلبلة في مصر، وتشكيك في القيادتيْن السعودية والمصرية، وتوتير العلاقات
بينهما لعزل مصر، وإفساد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تمت بيْن البلدين أثناء
الزيارة التاريخية لخادم الحرميْن الشريفيْن الملك سلمان لمصر، لأنّ في اتحاد
هاتيْن البلدين إفشال مشروع التفتيت والتقسيم للبلاد العربية، وفي مقدمتها
السعودية ومصر، رأيتُ من واجبي كمؤرخة  أنْ
أُبيِّن الحقائق التاريخية التي توصلتُ إليها بعد بحث ومتابعة.

 إنّ مصر ردّت
الجزيرتيْن لأصحابها، ولم تُفرِّط ولا في حبة رمل من ترابها، ولم تستول على حقوق
غيرها.

  فهاتان الجزيرتان
حجازيتان بدليل تبعيتهما لمملكة الحجاز في العهد العثماني، وكانت ضمن طريق الحج،
وعندما حرّر الملك عبد العزيز رحمه الله الحجاز من الحكم العثماني، وتمكّن من
توحيد معظم الجزيرة العربية غيّر المسمى من مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى مسمى
المملكة العربية السعودية  عام 1932م.

  وقبل أن أبيّن بالوثائق المصرية والأمريكية
والبريطانية والتركية والعربية ما يُثبت أنّ الجزيرتيْن سعوديتيْن، أريد أن أوضح
حقيقة قد غابت عن البعض، وهي: أنّ ليس الملك سلمان الذي تطوّع في الجيش المصري عام
1956م للدفاع عن مصر، ومستعدًا للتضحية بحياته من أجلها يقبل على نفسه شراء أرض
مصرية، وليس الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي التحق بالجيش المصري ليضحي بحياته من
أجل بلده، وهو الذي حمل روحه على كفه في 30 يونيه 2013م لحماية مصر وسيادتها وشعبها
أن يُفرّط في حبة رمل من أرض مصر، وقد حسم الخلاف في لقائه مع مختلف الفئات من
الشعب المصري يوم الأربعاء13/4/2016م، فذكر أنّه في يونيه عام 2014م، أي عقب توليه
رئاسة الدولة  طلب في مذكرة   من
وزارة الخارجية، ووزارة الدفاع والاستخبارات المصرية بالبحث في الأرشيف السري  لكل منها عمّا يُثبت أنّ هاتين الجزيرتين
مصريتيْن، وجاءه الرد من كل تلك الوزارات بعدم وجود ما يُثبت ذلك، وأنّ ترسيم
الحدود تمّ طبقًا للقرار الجمهوري رقم(27)عام(1990)المثبت في الأمم المتحدة بأنّ
جزيرتي تيران وصنافير سعوديتين[1]،

وقد تمّ سؤال كل من له علاقة بالموضوع[2]،
وأكدوا أنّ الجزيرتيْن السعوديتيْن.

    وتأكيدًا لما ذكره الرئيس السيسي، فقد ذكر
الدكتور جمال  شقرة أستاذ التاريخ الحديث
والمعاصر بجامعة عين شمس في برنامج على مسؤوليتي الذي  أذيع على الهواء مباشرة  على قناة صدى البلد في(10)إبريل عام (2016)أنّه
كان ضمن اللجنة القومية العليا للبحار التي شاركت في رسم الحدود البحرية السعودية
المصرية، وقد كُلِّفته اللجنة بالبحث في الوثائق الأمريكية والبريطانية والتركية
والعربية عمّا يُثبت أنّ جزيرتي تيران وصنافير مصريتيْن فلم يجد، كما بيّن  في وثيقة لوكيل الخارجية المصرية في الستينيات
من القرن الماضي أنّ في ديسمبر عام(1928)استفسرت وزارة الحربية من  الخارجية المصرية عمّا إن كانتا هاتيْن
الجزيرتيْن تابعتيْن لمصر لترسل لمصلحة الحدود رفع  العلم المصري عليهما ، وإليك صورة الخطاب
 
فأجابت الخارجية المصرية آنذاك:”ليس لهما ملفات في الوزارة.”
أمّا
الوثيقة التي نشرها الدكتور
صبري العدل أستاذ
التاريخ
والباحث في تاريخ سيناء ،
وهي رد وزارة  الخارجية بعد استفسار من من وزارة المالية عالتي جاء في ردها  بأنّ الجزيرتيْن ضمن الحدود المصرية،
فهو مجرد كلام مرسل غير موثق بوثيقة، فإن كانت وزارتي الحربية والبحرية والخارجية المعنيتيْن
بهذا الأمر فقط. ليس لديهما علم بذلك –  فلم
يكن قد تأسس جهاز المخابرات المصرية  بعد [3] – ليس لديهما ما يُثبت
مصرية
الجزيرتين، فهل تعلم بذلك وزارة المالية؟

 فرَد وزارة المالية لا يعتد به في هذا المقام،
لأنّه غير موثق، فهي ليست جهة ذات اختصاص ،ولهذا لم تأخذ به وزارة الحربية
والبحرية، فلم ترفع العلم المصري على الجزيرتيْن، بدليل ما نشرته جريدة الأهرام في
1/12/1950
أنّ إسرائيل طامعة في جزيرة قاحلة لا يُرى
عليها علم،وهذا من أسباب احتلال مصر للجزيريتين ورفع العلم المصري عليهما في 12/
1/ 1950م، لحمايتهما من الاحتلال الإسرائيلي لهما.
وهذة صورة خطاب الخارجية المصرية الموجة لوزارة الحربية والبحرية آنذلك المتضمن ما ذكرتة وزارة المالية بشأن الجزيرتين، فلم ترفق به وثائق تثبت ماذكرته:
للحديث
صلة.

 


[1]   نشرت الجريدة الرسمية في
عددها الصادر في 18 يناير عام 1990 هذا القرار بشأن خطوط الأساس التي تقاس منها
المناطق البحرية المصرية.وورد  في مواده
التي نشرتها الجريدة الرسمية المصرية، إنّ قرار المادة الاولى يقضي بالآتي:
“يبدأ قياس المناطق البحرية الخاضعة لسيادة وولاية جمهورية مصر العربية بما
فيها بحرها الإقليمي من خطوط الأساس المستقيمة والتي تصل بين مجموعة النقاط
المحددة بالإحداثيات الواردة في المادة الثانية” . بينما قالت المادة الثانية
إنّ “الإحداثيات المشار إليها بالمادة الأولي وفقا للمسند الجيوديسي (مسقط
ماركيتور) هي:
1- في البحر المتوسط وفقا للمرفق رقم 1 الذي
يعتبر جزءً لا يتجزأ من هذا القرار.
2- في البحر الأحمر وفقا للمرفق رقم 2
والذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من هذا القرار”. وتابع القرار في مادته الثالثة
قائلا: “تعلن قوائم الإحداثيات الواردة بالمادة الثانية من هذا القرار وفقا
لقواعد المعمول بها في هذا الصدد ويخطر بها الأمين العام للأمم المتحدة”، على
أنّ ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية في 9 يناير 1990”. [[ انظر صورة هذا
القرار في  جريدة الوطن الصادرة في 11
إبريل عام 2016، الرابط اليكتروني:
http://www.elwatannews.com/news/details/1089011
هذه النقاط البحرية  المنشورة في الصفحات من (44- 47 ) من
الجريدة  الرسمية التي نشرت القرار، والتي
بموجبها  تمّ ترسيم الحدود البحرية
المصرية، فأصبحت جزيرتا تيران وصنافير ضمن الحدود البحرية السعودية، وذلك طبقًا لما
ذكره الرئيس عبد الفتاح السيسي في لقائه بمختلف فئات الشعب يوم الأربعاء الموافق
13 إبريل 2016م
وهنا أسأل : هذا القرار نشر في الجريدة الرسمية
المصرية في العدد 3 في 18 يناير عام 1950م ، فلماذا لم يعترض آنذاك المعترضون
اليوم على هذا الترسيم؟ ولماذا لم يتهموا آنذاك الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك
ببيعه الجزيرتيْن للسعودية؟
وأين الدكتور حازم حسني الأستاذ بكلية الاقتصاد
والعلوم السياسية بجامعة القاهرة من هذا القرار عند صدوره؟ وإذا كان هذا القرار
-على حد قوله- ” لا علاقة له بتحديد الأراضي الخاضعة للسيادة المصرية، وإنما
هو يحدد فقط “المناطق البحرية الخاضعة لسيادة وولاية جمهورية مصر العربية بما
فيها بحرها الإقليمي ، فكيف تمّ ترسيم الحدود البحرية السعودية على النقاط البحرية
المذكورة في هذا القرار؟
هذا يؤكد لنا أنّ الحملة المثارة الآن على ترسيم
الحدود البحرية السعودية المصرية المستهدف منها :
أولًا: إسقاط الرئيس عبد الفتاح السيسي لأنّه
أفشل مخطط تقسيم وتفتيت مصر والبلاد العربية، وأنّ وجوده على كرسي الرئاسة المصرية
سيعرقل كل محاولات التقسيم، وأنّ قراراته سيادية يراعي فيها مصلحة  مصر وشقيقاتها العربيات، وأنّه  في غضون سنوات قليلة سينقل مصر إلى مصاف الدول
المتقدمة.
ثانيًا: إحداث قطيعة بين مصر والسعودية ليتمكّن
مخططو ومنفذّو التقسيم من إسقاط الدولتيْن معًا بعزلهما عن بعضهما البعض، ليسهل
تقسيمها وتفتيتهما، ومن ثَمّ تفتيت باقي الدول العربية من الخليج إلي المحيط.
 
[2] . من ضمن الذين تمّ سؤالهم الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون
القانونية وشئون مجلس الشعب الأسبق، فقد استعرض خلال اجتماع  الرئيس السيسي يوم الأربعاء 13 إبريل 2016م بممثلي
فئات المجتمع، الفرق بين مفهوم سيادة الدولة على أرضٍ ما وإدارتها لها، مستشهداً
على ذلك بالإدارة المصرية السابقة لقطاع غزة، ومؤكداً أنّ كافة الدلائل القانونية
والجغرافية والتاريخية تؤكد أنّ الجزيرتين سعوديتان ، وأنّ مصر قبلت بإدارتهما
وحمايتهما إلا أنّ السيادة عليهما سعودية.وأكد أنّ مبدأي التقادم ووضع اليد ليس
معمولاً بهما في القانون الدولي، وإنّما في القانون الخاص. وأوضح الدكتور مفيد
شهاب أنّ طول فترة الإدارة المصرية للجزيرتين أعطت للبعض انطباعًا خاطئًا بأنّهما
مصريتان.  وأنّه كان حريصًا أثناء دراسته
القانونية لملف جزيرتي صنافير وتيران على اتباع ذات المنهج الذي تم اتباعه في قضية
طابا، وأنّ الاتفاق الذي تم توقيعه جاء بناءً على دراسات وآراء اللجنة القومية
لترسيم الحدود والتي استمر عملها ست سنوات وبناء على اجتماعات مكثفة بين الجانبين
على مدى شهور طويلة. وأوضح أنّ الاتفاقية لن تدخل حيز النفاذ إلا بعد تبادل أوراق
التصديق بين مصر والسعودية وليس فقط من خلال تصديق البرلمان المصري عليها. ورداً
على استفسار الحاضرين، أوضح الدكتور مفيد شهاب أنّ المادة 151 من الدستور توضح
بجلاء الحالات التي يتعين فيها عقد استفتاء شعبي على إحدى المعاهدات وليس من بينها
اتفاقيات تعيين الحدود البحرية، بالإضافة إلى أنّ الدستور المصري لا يجيز بالأساس
إبرام معاهدات يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة كمبدأ دستوري ووطني
عام، فضلاً عن أنّ اللجوء للتحكيم الدولي يتم بناء على وجود نزاع ينشأ بين دولتين
بشأن موضوع ما، وهو ما لا يتوافر في حالة الجزيرتين اللتين تثبت الدلائل أنّهما
سعوديتان فضلاً عن أنّ تعيين الحدود البحرية تم وفقاً لخطوط الأساس التي سبق أن
حددتها وأودعتها مصر لدى الأمم المتحدة.[ المصدر جريدة الأهرام المصرية
http://gate.ahram.org.eg/News/906151.aspx]
 وهذا
ينفي التهم الباطلة الموجه لخادم الحرميْن الشريفيْن الملك سلمان أنّه أشترى
الجزيرتيْن، وأنّ الرئيس عبد الفتّاح السيسي باع الجزيرتيْن. هذا ما يروجه أعداء
مصر من الداخل والخارج. 
 
[3] . تأسس جهار المخابرات المصرية عام 1954م.

Leave a Reply