التعصيب بالذكور في الإرث(2)

سهيلة زين العابدين حمّاد

سبت 30/1/2016م

أتابع الحديث عن الروايات التي أعتمدها علماء الفرائض في التعصيب في الإرث.

ما ورد  في ميراث البنتين

ما أخرجه الترمذي وابن ماجة وأبو داود وأحمد، عن عبد اللّه
بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد اللّه قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع، بابنتيها
من سعد إلى رسول اللّه(صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللّه هاتان ابنتا سعد
بن الربيع قتل أبوهما معك يوم أُحد شهيداً،  وإنّ عمّهما أخذ مالهما فلم يدَع
لهما مالاً، ولا تُنكحان إلاّ ولهما مال، قال:  يقضي اللّه في ذلك، فنزلت آية
الميراث فبعث رسول اللّه(صلى الله عليه 
وسلم)  إلى عمّهما  فقال: أعط ابنتي سعد الثلثين وأعط أُمّهما
الثمن وما بقي فهولك.[سنن الترمذي، باب ما جاء في ميراث البنات رقم 2092; سنن ابن
ماجة: باب فرائض الصلب رقم 272; سنن أبي داود: باب ما جاء في ميراث الصلب رقم 2891;ومسند
أحمد: الحديث 14384.

هذه الرواية موضوعة للأسباب التالية:

أولًا:سكوته
عليه الصلاة والسلام
عن استيلاء الأخ على أموال أخيه المتوفى، بقوله لأرملته(ارجعي
فلعل الله سيقضي فيه)وحاشا لرسول الله أن يسكت عن أمر كهذا.

ثانيًا:يزعم أنّ النبي اعتبر قوله تعالى(فوق اثنتين)يعني(اثنتين فما فوق)وهذا الفهم
من النبي حجة عند من يرى هذا الرأي، لا بل إن صح يدحض كل رأي آخر، لولا أّننا أمام
حكم يقول به الإمام ابن عباس، ذكره الفخر الرازي في تفسيره: “الثلثان فرض الثلاث
من البنات فصاعدا لقوله تعالى
)فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك(وكلمة إن في اللغة
للاشتراط، أي أن أخذ الثلثين مشروط بكونهن فوق اثنتين، ثلاثاً فصاعداً، وذلك ينفي
حصول الثلثين للبنتين”.أهـ.

وهذا حكم يعارض تماماً حكم النبي في خبر سعد بن الربيع المزعوم. فهل يعقل أن
يجيز الإمام ابن عباس لنفسه أن يعارض أو يخالف النبي في حكم أقره وقرره؟

وهل يُعقل أنّ الرسول صلى الله عليه وسلّم يحكم بالثلثيْن للبنتيٌن خلاف ما
نصّت عليه الآية (فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك)

وهل يُعقل أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم لا يفهم مقصد الآية، وابن عباس يفهمه؟

ثانيًا: ابن كثير روى هذه الرواية وفيها أنّ لسعد بن الربيع
بنات وليس فيها ذكر للأُم والعم.[جامع المسانيد والسنن، حديث رقم24]

ثالثاً: أخرج أبو داود هذه الرواية في سننه، وفيها
مكان  بنتا سعد بن الربيع، بنتا ثابت بن قيس.[ حديث رقم 2891]

رابعًا: القول إنّ الآية(11)من سورة النساء نزلت بسبب هذه الحادثة،
وهي لا تتحدث عن التعصيب، ولا ذكر، ولا إشارة  فيها إلى العم، الاختلاف في سبب نزولها وهذا
يكشف عن عدم  ضبط الراوي فتارة ينقل الواقعة في بنتي سعد بن الربيع وأُخرى في
بنتي ثابت بن قيس وإن كان الصحيح هو الأوّل، لأنّ المقتول  في غزوة أُحد، هو
سعد بن الربيع، و أمّا ثابت بن قيس فقد استشهد فـي يوم اليمامة.[السنن الكبرى: باب
فرض الابنتين.

للحديث صلة.

Suhaila_hammad@hotmail.com

 

Leave a Reply