خاص بمدونة الدكتورة سهيلة زين العابدين حمّاد
حجاب المرأة المسلمة بين جواز كشف الوجه ووجوب تغطيته!(7)

د. سهيلة زين العابدين حمّاد
8/1/2016

أواصل تفنيدي للأدلة العشرين التي أوردها الدكتور العريفي على
وجوب تغطية الوجه

الدليل السادس

 إنّ الله تعالى رخص للمرأة العجوز الكبيرة الطاعنة في السن أن
تضع من ثيابها (يعنى ان تكشف حجابها وتخفف على نفسها من الخمار والجلباب ))
كما
بين الله تعالى انها اذا احتجبت فهو خير لها اذا كانت لا ترجوا نكاحا ولا تكون هنا جاذبية ،فقال سبحانه(الْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا
فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ
بزينة)[1]
ثم قال(وأن يستعففن خيرًا لهن)

  يعنى المرأة الكبيرة
في السن يجوز لها أن تكشف وجهها لأنّه قد يشق عليها لبس الجلباب ولبس الحجاب

فاذا كانت هذه قد اذن الله لها أن
تكشف وجهها فلو جاء واحد وقال: كل النساء سيكشفن وجوههن نقول

إذن المرأة الكبيرة في السن اذن الله
تعالى لها ان تكشف ماذا؟؟
!!

إذا كانت لم تكشف وجهها لأنّ كل النساء سيكشفن وجوههن إذن أن
تكشف أي شيء؟؟

معناها: أنّ النساء الاصل ان يسترن
وجوههن وهذا إذن لها بكشف وجهها .

تفنيد الدليل السادس

هذا القول خاص بمفهوم الدكتور العريفي، ولم نجده ، في تفسير
هذه الآية في كتب التفسير، ولنقرأ ما كتبه بعض المفسرين في تفسيرهم لهذه الآيات،
ولنبدأ بِ:

تفسير ابن كثير

  “وقوله : (والقواعد
من النساء)  
قال سعيد بن جبير ، ومقاتل
بن حيان 
، وقتادة ، والضحاك 
هن اللواتي انقطع عنهن الحيض ويئسن من الولد(اللاتي
لا يرجون نكاحًا) 
أي : لم يبق لهن تشوف إلى
التزويج ،(
 فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة ) أي : ليس عليها من الحرج في التستر كما على غيرها من النساء .


 ثُمّ أورد الإمام ابن كثير هذه الرواية في
تفسيره لهذه الآية : وقال 
السدي  
كان شريك لي يقال له
: ” مسلم  ، وكان مولى لامرأة حذيفة بن
اليمان ، فجاء يوما إلى السوق وأثر الحناء في يده ، فسألته عن ذلك ، فأخبرني
أنّه خضب رأس مولاته – وهي امرأة حذيفة 
– فأنكرت ذلك . فقال: إن شئت أدخلتك عليها؟ فقلت: نعم. فأدخلني
عليها، فإذا امرأة جليلة، فقلت : إن مسلما حدثني أنه خضب رأسك؟ فقالت نعم يا بني،
إنِّي من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحًا، وقد قال الله في ذلك ما سمعت.
 

فهذه امرأة حذيفة بن اليمان جعلت مولاها(مسلم) يُخضّب لها
شعرها بالحناء، أي كشفت له شعرها ، وجعلته يلمسه ويضع عليه الخضاب، وعند سألتْ كيف
سمحت لمولاها بذلك ، استدلت بالآية الكريمة.

وهذه الرواية لها دلالتها، وهي أنّ معنى قوله تعالى (الْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا
فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ
بزينة) ليس المرخّص  للقواعد كشف وجوههن،
كما يقول الدكتور العريفي ، وإنّما المرّخص لهن كشف رؤوسهن ،وعدم لبس الجلباب ،
وهذا معنى أن (يضعن ثيابهن)

تفسير الطبري:

يقول تعالى ذكره : واللواتي قد قعدن عن الولد من الكبر من
النساء ، فلا يحضن ولا يلدن ، واحدتهن قاعد
( اللاتي لا يرجون نكاحا )يقول
: اللاتي قد يئسن من البعولة ، فلا يطمعن في الأزواج(
 فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن )  يقول : فليس عليهن حرج ولا إثم أن يضعن ثيابهن، يعني جلابيبهن،
وهي القناع الذي يكون فوق الخمار، والرداء الذي يكون فوق الثياب ، لا حرج عليهن أن
يضعن ذلك عند المحارم من الرجال ، وغير المحارم من الغرباء غير متبرجات
بزينة”

تفسير القرطبي

وجاء في تفسير القرطبي

“الرابعة : قرأ ابن مسعود، وأبي ، وابن عباس ( أن يضعن من ثيابهن ) بزيادة(من) قال ابن عباس:  وهو الجلباب . وروي عن ابن مسعود أيضا ( من جلابيبهن
) والعرب تقول : امرأة واضع ، للتي كبرت فوضعت خمارها . وقال قوم : الكبيرة التي
أيست من النكاح ، لو بدا شعرها فلا بأس ؛ فعلى هذا يجوز لها وضع الخمار .
والصحيح أنّها كالشابة في التستر ؛ إلا أن الكبيرة تضع الجلباب الذي يكون فوق
الدرع والخمار ، قاله ابن مسعود ، 
وابن جبير ، وغيرهما

فأين المعنى الذي ذكره الدكتور العريفي بإعطاء القواعد من
النساء رخصة كشف وجوههن؟


الدليل السابع

قال الله تعالى:( وَإِذَا
سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ
أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنّ)[2]

هذا نص لوجوب تغطية الوجه يعنى يقول
الله: وإذا سألتم أيها الصحابة أزواج رسول الله صلى الله عليه 

وسلم وسألتم نساء المؤمنين اللاتي لسن
لكم بأزواج سألتموهن متاعا أي:حاجة كيف تسألوهن؟

كيف تتكلم مع المرأة؟

قال الله تعالى :(فسألوهن من وراء حجاب)

يعنى : من وراء ستر بينكم وبينهن ولا تدخلوا عليهن
بيوتهن,,,لماذا يا رب؟

قال الله سبحانه :(ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن)

يعنى :محادثتك للمرأة من وراء حجاب من غير أن تراها هو أطهر
لقلبك وقلبها حتى لا تؤثر نظرة العين في القلب ولا يقع في قلب الرجل أو قلب المرأة
استملاح،  أو إعجاب بل يبقى القلب طاهراً
فلا

يكون للشيطان عليهما سبيل.

تفنيد الدليل السابع:

وأقول هنا: هذه
الآية خاصة بنساء النبي صلى الله عليه وسلم ،وليس نساء المؤمنين، والدكتور العريفي
أجتزأ الآية من سياقها ليعممها على نساء المؤمنين، ولكن عند قراءتنا للآية من
أولها سنجدها تتحدث عن نساء النبي رضوان الله عليهن، وهذا نصّها كاملًا:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ
إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ
إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا
مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي
مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ
مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ
وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ
تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ
اللَّهِ عَظِيمًا)[ الأحزاب : 53]

فهذه تبيّن أنّ عليهنّ تغطية وجوههن ، وكذلك لا
يتزوجن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان حكم هذه الآية يشمل جميع النساء
المسلمات، فهذا يعني أنّ عليهن لا يتزوجن إن طُلقن أو ترملن كنساء النبي صلى الله
عليه وسلم.

ولو كانت تغطية الوجه واجبة على المرأة المسلمة
، لما قال تعالى (
(إِنَّ مَثَلَ عِيسَى
عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ
فَيَكُونُ. الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ. فَمَنْ
حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ
أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ
ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ )
[3]

وأورد الإمام ابن كثير  في تفسيره لهذه الآية ، هذه الرواية : ” وقال أبو  بكر بن مردويه : حدثنا سليمان
بن أحمد ، حدثنا أحمد بن داود المكي ، حدثنا بشر بن 
[ ص: 55 ] مهران ، أخبرنا محمد بن دينار ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن جابر قال : قدم على النبي صلى الله عليه وسلم العاقب والطيب ، فدعاهما إلى
الملاعنة فواعداه على أن يلاعناه الغداة . قال : فغدا رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، فأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ، ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجيئا وأقرا
بالخراج ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” والذي بعثني بالحق لو
قالا لا لأمطر عليهم الوادي نارا
 قال جابر : فيهم نزلت ( ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا
وأنفسكم
 
) 
قال جابر :   (وأنفسنا وأنفسكم) رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب ) وأبناءنا)  الحسن والحسين (ونساءنا) فاطمة . 

وقال
البغوي في تفسيره لهذه الآية : “
أبناءنا أراد الحسن والحسين ، ونساءنا فاطمة . وأنفسنا عنى نفسه وعليًا رضي الله عنه والعرب تسمي ابن عم الرجل
نفسه.”

وذكرت كتب السيرة أنّه لم يخرج معه أحد من نسائه لأنّه ضُرب
عليهنّ الحجاب، وهذا يُبىنّ لنا الهيئة التي خرجت عليها السيدة فاطمة رضي الله
عنها.

للحديث صلة.

suhaila_hammad@hotmail.com

 

 



[1] . النور: 30.
[2] . الأحزاب : 153.
[3]  – آل عمران : 59- 61.

Leave a Reply