خاص بمدونة  الدكتورة سهيلة زين العابدين حمّاد
حجاب المرأة المسلمة بين جواز كشف الوجه وتحريمه!(6)
 

د. سهيلة زين العابدين حمّاد
5/ 1/ 2016

بعدما عرضتُ آراء الفئتيْن الأولى والثانية في الحجاب
وأدلتها ، مع تفنيد أدلة الفئة الثانية في الحلقات السابقة سأبيّن في هذه الحلقة
آراء الفئتيْن الباقيتيْن وأدلتها وتفنيد أدلتها

الفئة الثالثة
والنقاب

  وقد اختلفت حول النقاب ، فمنها  تقف مــــع الفئــــة الأولى ، ولــــكنها
تــــرى أنّ النقاب ، وإن لم يكن مفروضاً ، فهو أفضل،  ومنها توجب النقاب ، ومنها تحرمه.

لا خلاف في أنّ الجلباب والخمار كانا من لباس الجاهلية
،كما هي حال النقاب . ولكن هناك فرق كبير بين ما كان من لباس الجاهلية ، وجاء
الإسلام ليؤكد استعماله ويأمر به المؤمنات في نصوص صريحة من الكتاب الكريم والسنة
المطهّرة ـــ وهذا هو شأن الجلباب والخمار ــــ وبين ما كان من لباس الجاهلية ولم
يرد في شريعة الإسلام غير التضييق من مجال استعماله ، وذلك بحظره في حال الإحرام ،
وهذا هو شأن النقاب . ويُضاف إلى ذلك أنّه لم يكن من عادة أغلب الصحابيات أن
ينتقبن
. [1]

 أمّا الجلباب فقد أمر القرآن النساء بإطالة
وإرخاء جلابيبهن : قال تعالى : (
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ
وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ
يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ
وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا)
[2]

 حدثنا عمرو الناقد. حدثنا
عيسى بن يونس. حدثنا هشام عن حفصة
بنت سيرين، عن أم عطية. قالت: “أمرنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم، أن نخرجهن في
الفطر والأضحى. العواتق والحيض وذوات الخدور. فأما الحيض فيعتزلن
الصلاة ويشهدن
الخير ودعوة المسلمين. قلت: يا رسول الله ! إحدانا لا يكون لها جلباب.
قال
: “لتلبسها أختها من جلبابها.” [3]

وأمّا الخمار ، فقد نزل القرآن بوجوب لبسه مع رسم أدب
جديد في طريقة اللبس ، قال تعالى : (
وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ
فُرُوجَهُنَّ
وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا
وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)
[4]

وورد
في فتح الباري : وصفه ” الضرب بالخمار : أن تضع الخمار على رأسها وترميه من
الجانب الأيمن على العاتق الأيسر …. قال الفراء : كانوا في الجاهلية تسدل المرأة
خمارها من ورائها وتكشف ما قدّامها ، فأُمرن بالاستتار.”[5]

وقد أوجبت السنة لبس الخمار عند لقاء الرجال ، وعند
الصلاة :

فعن
عائشة رضي الله عنها ، قالت : يرحم الله نساء المهاجرات الأول ، لمّا أنزل الله (
وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن مروطهن [6] فاختمرن به ، وفي رواية :
أخذن أزُرَهن [7]فشققنها
من قبل الحواشي[8]
فاختمرن بها” [ رواه البخاري ]

وعن
عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لتقبل صلاة
الحائض إلاّ بخمار) [ رواه الترمذي ] [9]

 وهكذا نرى كيف فرضت شريعة الإسلام لبس كل من
الخمار والجلباب , بينما ذِكر النقاب لم يرد على لسان رسول الله صلى الله عليه
وسلم غير مرة واحدة في مناسبة حظره على المرأة المحرمة , فقال 🙁 لا تنتقب
المحرمة.)

ثمّ جاء
الفقهاء وقرّروا كراهية النقاب أثناء تأدية المرأة للصلاة .[10]

الفئة الرابعة
وتفنيد أدلتها

 تقول
بوجوب تغطية الوجه ،ولبس القفازين ، بل تُلزم المرأة بوضع العباءة على رأسها ،
وهناك فتوى تُحرِّم على المرأة المسلمة التي ترتدي “عباءة الكتف ” ـ أي
التي  لا تضع العباءة على  رأسها ـ 
شمَّ رائحة الجنة، بل هناك من العلماء من ربط تغطية الوجه بالشهادتيْن ، أي
أنَّهم كفروا نساء الإسلام أجمعين على مر العصور والقرون بمن فيهن الصحابيات
الجليلات رضوان الله عليهن ، باستثناء بعضهن اللواتي التزمن بتغطية وجوههن في عصور
التراجع الحضاري ، وبعض السعوديات.

 هذا و لقد ساق الدكتور عبد الرحمن العريفي  عشرين دليلًا من القرآن والسنة على وجوب تغطية
الوجه، وعند تأملنا لهذه الأدلة نجدها تدل على كشف الوجه لنساء الإسلام، وليس وجوب
تغطيته إلّا على أمهات المؤمنين، والأدلة ، هي:

الدليل الأول

   آية الحجاب لما قال سبحانه وتعالى (يا أيها النبي
قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين) ويتساءل الدكتور العريفي :ماذا يفعلن يا
ربي ؟

(يدنين
عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين)
  يقول الدكتور العريفي :” هذه الآية صريحة في
وجوب ستر الوجه على جميع نساء المؤمنين ان يسترن الزينة على الرجال الأجانب عنهن
والجلباب: هو اللباس الواسع الذي يغطى جميع البدن وهو بمعنى العباءة تلبسه المرأة
من اعلى رأسها مدنية له مرخية له على وجهها وسائر جسدها ممتدا من الاسفل حتى يستر
قدميها وهذا الستر بالجلباب للوجه ولجميع البدن هو الذى فهمه نساء الصحابة، كما
أخرج عبدالرازق عن أم سلمة قالت: لما أنزل الله تعالى(يدنين عليهن من جلابيبهن)
قالت : خرجت نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكفية سود
يلبسنها تقول: نفذنا هذا الأمر.
  ويواصل الدكتور العريفي ، فيقول :”
والجلباب: هو اللباس الواسع الذي يغطى جميع البدن وهو بمعنى العباءة تلبسه المرأة
من اعلى رأسها مدنية له مرخية له على وجهها وسائر جسدها ممتدا من الاسفل حتى يستر
قدميها وهذا الستر بالجلباب للوجه ولجميع البدن هو الذى فهمه نساء الصحابة، فهذا
يعني أن تغطي المرأة وجهها بجلبابها”

تفنيد الدليل الأول

الجلباب في اللغة هو جمع : جَلاَبِيبُ . [ ج ل ب
]. ( مصدر جَلْبَبَ ). :- اِرْتَدَى جِلْبَابَهُ : : قَمِيصٌ وَاسِعُ طَوِيلٌ ،
لَهٌ أَكْمَامٌ وَغِطَاءٌ لِلرَّأْسِ ، يَلْبَسُهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ ،
وَهُوَ مِنَ الْمَلاَبِسِ الشَّائِعَةِ بِالْمَغْرِبِ .[ المعجم الغني]
وفي معجم اللغة العربية المعاصر معنى جلباب، هو:
1.   
قميص واسع يُلْبَس فوق الثِّياب كالجبة ونحوها،
2.   
ثوب مشتمل على الجسد كُلّه . 
3.   
ثوب واسع تشتمل به المرأة :- { يُدْنِينَ
عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ }
4.    فمعنى كلمة أدنى
الشيء في اللغة : قرب ، وأدنى الثوب: أي أرخاه وأطاله، ولا يعني هذا أن تُغطي وجهك
بثوبك، أو بجلبابك، ومعروف أنّ الجلباب : هو الثوب الواسع الفضفاض وغير مشف، فكيف  وجهك بثوبك، وفي نفس الوقت مطلوب منك إرخاؤه
وإطالته، لأنّك إن غطيّت وجهك بثوبك، فهذا يعني سترفعه عن ساقيك، فلكي تغطي وجهك
ستكشف عن ساقيك!

5.    ثمّ أنّك كيف
سترى طريقك، وأن تغطي وجهك بجلباب سميك؟؟؟

6.    فمعنى ( يدينين
عليهن من جلابيهن ) أي يرخينها ويُطلنها ، ولا يتفق تغطية الوجه مع إرخاء وإطالة
الثوب!

الدليل الثاني


قول عائشة رضى
الله عنها كما عند أبي داود لما قالت :والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقًا
لكتاب الله ولا إيمانًا بالتنزيل ،لقد انزل الله في سورة النور الأمر بحجاب
المؤمنات،  فقال
:(ولا
يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن)

 (ولا
يبدين) لاحظ!!!( يقول الدكتور العريفي) 
كررها مرتين في سطر واحد قالت عائشة: فسمعها الرجال ثم انقلبوا إليهن
يتلون عليهن ما أنزل الله فيها يتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلي كل ذات
قرابته قالت: فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها والمرط) هو كساء من قماش تلبسه
النساء) فاعتجرت به (أي لفّته على رأسها) وقامت بعضهن إلى أزرهن فشققنها واختمرت
بها يعنى (الفقيرة التي لم تجد قماشا تستر به وجهها أخذت أزرها وهو ما  يلبس
من البطن إلى القدمين ثم شقت منه قطع غطت بها وجهها، تقول عائشة تصديقًا بما أنزل
الله في كتابه وإيمانًا قالت: فأصبحنا وراء رسول الله صلى  الله عليه وسلم معتجرات يعنى قد لففن وجوههن
ورؤوسهن كأنّ على رؤوسهن الغربان)

تفنيد الدليل الثاني

    رواية السيدة عائشة رضي
الله عنها، هذا نصها: “
روى ابن أبي حاتم
وأبو داود وأصله في صحيح البخاري وهذا لفظ ابن أبي حاتم من حديث صفية بنت شيبة قالت بينما نحن عند عائشة قالت رضي الله
عنها: “إنّ لنساء قريش لفضلاً وإنّي ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد
تصديقًا لكتاب الله ولا إيمان((ًا بالتنزيل لقد أنزل: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن}
انقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ويتلوا الرجل على امرأته وابنته وأخته فما منهن
امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل فاعتجرت به إلى أن قالت فأصبحن وراء رسول الله
صلى الله عليه وسلم معتجرات كأنّ
على روسهن الغربان”

معنى عجر في  في مختار الصحاح ع ج ر : المِعْجَرُ بالكسر ما تشده المرأة على رأسها يقال
اعْتَجَرَتِ المرأة و الاعْتِجارُ أيضا لف العمامة على الرأس”

فكيف يحوِّر الدكتور العريفي المعنى اللغوي للكلمة ويجعله تغطية
الرأس والوجه؟

أعود وأسأل إن غطّت المرأة وجهها بكسائها التي اعتجرت به ، فكيف
سترى طريقها؟

أمّا عن الآية فهي دليل على كشف الوجه وليس وجوب تغطيته.

فلنقرأ الآية كاملة : (وَقُلْ
لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ
عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ
آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ
بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي
أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ
التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ
الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ
بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى
اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

وقد فسّر بعض المفسرين قوله تعالى : ﴿وَلَا
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ
عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾[11]بكشف
الوجه والكفيْن ، مرتبة أسماؤهن حسب تواريخ وفاتهم :

أولًا: الإمام الطبري (ت 310ه]: وجاء في تفسير الطبري: وَقَوْله: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ
عَلَى جُيُوبهنَّ﴾ وَلْيُلْقِينَ خُمُرهنَّ عَلَى جُيُوبهنَّ, لِيَسْتُرْنَ
بِذَلِكَ شُعُورهنَّ وَأَعْنَاقهنَّ وَقُرْطهنَّ.

 ثانيًا: الإمام الجصّاص، قال
الجصّاص ( ت سنة
370 ه) : ويدل على أنّ الوجه والكفيْن ليسا بعورة أيضًا ، أنّها تصلي
مكشوفة الوجه واليدين ، فلو كانا عورة لكان عليها سترهما ، كما عليها ستر ما هو
عورة.[12]

ثالثًا: الإمام البغوي، وقال البغوي ( ت 516ه) : “وإنّما رخّص في هذا القدر أن تُبْديه من بدنها ، لأنّه ليس
بعورة ، وتؤمر بكشفه في الصلاة.[13]

      رابعًا : القاضي أبو بكر
بن العربي : وقال القاضي أبو بكر بن العربي ( ت سنة 543
ه) : والصحيح أنّها ) أي الزينة الظاهرة) من كل وجه هي التي في الوجه
والكفيْن ، فإنّا التي تظهر في الصلاة ، وفي الإحرام.[14]

خامسًا : الإمام القرطبي ( ت سنة 671ه): ، وجاء في تفسير القرطبي الإمام القرطبي: ” قال “لمّا
الغالب من الوجه والكفيْن ظهورهما عادة وعبادة ، وذلك في الصلاة ، وفي الحج فيصلح
أن يكون الاستثناء راجعًا إليهما ، يقصد الاستثناء في قوله تعالى ( إلّا ما ظهر
منها) .[15]
قَالَ النَّقَّاش: كَمَا يَصْنَع النَّبَط ; فَيَبْقَى النَّحْر وَالْعُنُق وَالْأُذُنَانِ
لَا سَتْر عَلَى ذَلِكَ; فَأَمَرَ اللَّه تَعَالَى بِلَيِّ الْخِمَار عَلَى
الْجُيُوب، وَهَيْئَة ذَلِكَ أَنْ تَضْرِب الْمَرْأَة بِخِمَارِهَا عَلَى جَيْبهَا
لِتَسْتُر صَدْرهَا)

سادسًا :لإمام الخازن

 وقال الخازن ( ت سنة 725ه): “وإنّما رخّص في هذا القدر للمرأة أن تُبديه من بدنها لأنّه
ليس بعورة ، وتؤمر بكشفه في الصّلاة.”

سابعًا : الإمام ابن كثير(ت 774 ه): جاء في تفسير
“ابن كثير” لهذه الآية ما يلي:

 وَقَوْله تَعَالَى ﴿ وَلَا
يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ أَيْ لَا يُظْهِرْنَ شَيْئًا مِنْ
الزِّينَة لِلْأَجَانِبِ إِلَّا مَا لَا يُمْكِن إِخْفَاؤُهُ .. وَقَالَ بِقَوْلِ
اِبْن مَسْعُود الْحَسَن وَابْن سِيرِينَ وَأَبُو الْجَوْزَاء وَإِبْرَاهِيم
النَّخَعِيّ وَغَيْرهمْ وَقَالَ الْأَعْمَش عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن
عَبَّاس:﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ قَالَ : وَجْههَا
وَكَفَّيْهَا وَالْخَاتَم. وَقَوْله تَعَالَى﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى
جُيُوبهنَّ﴾” يَعْنِي الْمَقَانِع يُعْمَل لَهَا صِفَات ضَارِبَات عَلَى
صُدُورهنَّ لِتُوَارِي مَا تَحْتهَا مِنْ صَدْرهَا وَتَرَائِبهَا لِيُخَالِفْنَ
شِعَار نِسَاء أَهْل الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّهُنَّ لَمْ يَكُنَّ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ
بَلْ كَانَتْ الْمَرْأَة مِنْهُنَّ تَمُرّ بَيْن الرِّجَال مُسَفِّحَة بِصَدْرِهَا
لَا يُوَارِيه شَيْء، وَرُبَّمَا أَظْهَرَتْ عُنُقهَا وَذَوَائِب شَعْرهَا
وَأَقْرِطَة آذَانهَا فَأَمَرَ اللَّه الْمُؤْمِنَات أَنْ يَسْتَتِرْنَ فِي
هَيْئَاتهنَّ وَأَحْوَالهنَّ كَمَا قَالَ تَعَالَى﴿ يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ
لِأَزْوَاجِك وَبَنَاتك وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ
جَلَابِيبهنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ” وَقَالَ
فِي هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة ﴿ 
وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبهنَّ﴾ وَالْخُمُر جَمْع خِمَار
وَهُوَ مَا يُخَمَّر بِهِ أَيْ يُغَطَّى بِهِ الرَّأْس وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا
النَّاس الْمَقَانِع . قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر﴿ وَلْيَضْرِبْنَ ﴾ وَلْيَشْدُدْنَ
﴿بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبهنَّ ﴾ يَعْنِي عَلَى النَّحْر وَالصَّدْر فَلَا يُرَى
مِنْهُ شَيْء. وجاء في تفسير “الجلالين:﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى
جُيُوبهنَّ﴾ أَيْ يَسْتُرْنَ الرُّؤوس وَالْأَعْنَاق وَالصُّدُور بِالْمَقَانِعِ
“وَلَا يُبْدِينَ زِينَتهنَّ” الْخَفِيَّة وَهِيَ مَا عَدَا
الْوَجْه”.

      ومن أعلام شُرّاح الحديث
ابن بطّال

قال ابن بطّال ( ت سنة 449ه) شرحًا لحديث الخثعمية ” وفي الحديث دليل على أنّ ستر المرأة
وجهها ليس فرضًا ، لإجماعهم على أنّ للمرأة أن تُبدي وجهها في الصلاة ،ولو رآه
الغُرباء”.[16]

الدليل الثالث 

عن أم عطيه أنّها أخبرت أنّ رسول الله صلى الله
عليه وسلم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن يا رسول الله إحدانا لا يكون
لها جلباب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” لتلبسها أُختها من
جلبابه”
. رواه البخاري ومسلم ، وهذا صريح في منع المرأة من
البروز أمام الأجانب عنها بدون جلباب
..

تفنيد الدليل الثالث

فهذا ليس بدليل على وجوب تغطية الوجه، فما علاقة
لبس الجلباب بوجوب تغطية الوجه.

بل هذا الحديث يُبيّن أنّ من النساء في عصر
الرسالة لا يملكن جلبابًا ، مما يضطرها أن تستعيره من جارتها.

الدليل الرابع

قول الله تعالى : (قل للمؤمنين يغضوا من
أبصارهم
)ولا يرتاب عاقل إن كشف المرأة لوجهها هو إغراء
للرجل بالنظر إليها ولذلك قال بعدها (قل للمؤمنات يغضوا من أبصارهن)ثم
قال : (ولا يبدين زينتهن
) أي
لا تبدى زينتها ليستطيع الرجل أن يغض بصره
.

تفنيد الدليل الرابع

هذا دليل على كشف الوجه، وليس على وجوب تغطيته:

1.   
قوله
تعالى : ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ
وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ
. وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ
يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ويحفظن فروجهن﴾[17]

ولو أن ّ الله أمر المرأة بتغطية وجهها لما أمر
الرجال بغض البصر ، كما أمر النساء بغض البصر لكشف الرجال وجوههم. ” وهذه
المساواة في الغض من البصر – كما قال الأستاذ عبد الحليم أبو شقة- تعني أنّ هناك
لدى كل من الرجل والمرأة شيئًا يراه الجنس الآخر ، ويمكن أن يفتنه، وأقل قدر
بينهما هو الوجه والكفّان ، وإذا كان هذا هو الحد الأقصى الذي يشرع للمرأة كشفه هو
الحد الأدنى الذي يكشفه الرجل عادة.[18]

الدليل الخامس 

قول الله تعالى :ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم
ما يخفين من زينتهن
)يعنى
يحرم على المرأة اذا مشت لابسه خلاخل في قدميها والخلخال كما تعلمون هو نوع من
الحلى كالأساور يُلبس في القدم ويكون فيه قطع من ذهب جنيهات صغيره فإذا مشت المرأة
بسرعه ظهر لهذا الحلى صوت فنهى الله تعالى المرأة إذا مشت لا
تضرب برجليها حتى لا يسمع الرجال صوت الخلاخل
فيفتنون, سبحان الله اذا كانت المرأة منهيه عن ان تضرب الأرض بقوه حتى لا يسمع
الرجل صوت خلاخلها فـيفتن فما بالك بالله عليك بمن تكشف وجهها وينظر الرجل إلى
شفتيها وخديها ووجنتيها وعينيها يعنى سيفتن بصوت الخلخال ولا يفتن بهذه المحاسن أن
هذا لشيء عجاب
.

تفنيد الدليل الخامس
وأقول هنا:
النهي عن الضرب بالأرجل أثناء المشي لمن تلبس الخلاخل في قدميها، دليل على كشف
المرأة لوجهها، وليس على وجوب تغطيته، لعدم لفت نظر الرجال إليها ، فيدققون النظر
إليها، فإن كانت تمشي ووجها مغطى وترتدي جلبابًا واسعًا فضفاضًا سميكًا طويلًا،
فلماذا يُحرّم عليها الضرب بأرجلها ، لولا أنّ هذا الضرب سيلفت نظر المارة إلى
المرأة الماشية في الطريق فيدققون في وجهها.
للحديث صلة.

suhaila_hammad@hotmail.com

 

 

 

 

 

 


[1] . عبد الحليم أبو شقة : تحرير
المرأة في عصر الرسالة ، 4/ 217.
[2] . الأحزاب: 59.
[3] . مسلم : كتاب العيديْن ، حديث
رقم ( 883).، رقم (12)
[4] . النور: 31.
[5] . الحافظ ابن حجر العسقلاني
:فتح الباري : 10/ 106.
[6] . مروطهن : المروط جمع مرط ، وهو كل ثوب غير
مخيط تتلفع به المرأة ، أو تجعله حول وسطها.
[7] . أزر : جمع إزار ، وهو ثوب يُحيط بالنصف
الأسفل من البدن.
[8] . الحواشي : جمع حاشية ، والحاشية من كل شيء
جانبه وطرفه.
[9] . محمد ناصر الألباني : صحيح
سنن الترمذي , أبواب الصلاة , باب ما جاء لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار . حديث
رقم (311]
[10] . عبد الحليم أبو شقة : تحرير المرأة في عصر
الرسالة ، 4/ 218.
[11] – النور : 31.
[12] – تفسير سورة النور للجصّاص.
[13] – تفسير سورة النور للبغوي.
[14] – تفسير سورة النور للقاضي أبو بكر بن العربي.
[15] – تفسير سورة النورة للإمام القرطبي.
[16] – ابن حجر العسقلاني : فتح الباري ، 13/245.
[17] – النور : 30-31.
[18] – عبد الحليم أبو شقة : تحرير المرأة في عصر
الرسالة ، 4/ 87.

Leave a Reply