الميراث(3)

سهيلة زين العابدين حمّاد

السبت 26/12/2015

 

بيَّنتُ في الحلقة الماضية أنّ
آية (11) من سورة النساء، تتكوّن من جزءيْن، أوّلهما: في حالة عدم وجود والدَيْن،
ووجود أولاد (ذكور وإناث)، والجزء الثاني في حالة وجود والدَيْن، وعدم وجود أولاد.
وفي هذه الحلقة أواصل التأمّل في آيتي (12، 176) من سورة النساء.


وسأبدأ بالآية (12)، الجزء الأوّل
منها يتحدّث عن حظَّي الزوجَيْن في حال وجود والدَيْن، وعدم وجود أولاد، فللزوج
نصف ميراث الزوجة (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ).. والجزء
الثاني يتحدّث عن حظَّيهما في حال وجود الوالدين والأولاد، فللزوج الربع إن كان
لهما أولاد، بينما للزوجة الربع من إرث زوجها إن لم يكن لهما ذرية، وإن كان لهما
ذرية فلها الثمن (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ).. والجزء
الثالث يتحدّث عن النوع الأول من الكلالة (أيّ لا ولد له، ولا والد) مع وجود
الزوج، وله أخ، أو أخت، أو أكثر من ذلك (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً
أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ
فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ
وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْن).
الآية (176) تتحدّث عن النوع
الثاني من الكلالة، مع عدم وجود الزوج، وله أخت، أو أختان، أو إخوة وأخوات
(يسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ
لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا
إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا
الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً
فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ).
* فحظوظ الأخوة فقط إن وجدوا في وجود الزوج:
– فرض سبحانه للذكر والأنثى حظوظًا متساوية (الأخ والأخت) في الحدّ
الثالث من حدود الله، فإن كان أخًا واحدًا، أو أختًا واحدة فالحظُّ هو السدس، وإن
كانوا مجموعة إخوة فهم شركاء في الثلث. أيّ أنّ الثلث هو الحد الأعلى لإرث الإخوة
في هذه الحالة، والباقي (الثلثان) للزوج.

– إذا توفي رجل لا أصول له، ولا فروع، له زوجة وأخ، يأخذ الأخ
السدس -بحسب الآية- ويذهب الباقي كله إلى الزوجة. ولا محل هنا لتطبيق قاعدة (للذكر
مثل حظ الأنثيين)، لأنّ هذه القاعدة مخصوصة بحالات سبق توضيحها، وليست قاعدة واجبة
المراعاة في كل الحالات الإرثية، كما قال ابن سيرين، وتابعه فقهاء على هذا حتى
وقتنا الحاضر.

في حالة الكلالة، مع عدم وجود
الزوجة:
– (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ
لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ)، وللأخ النصف الباقي..
(فإنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ).. (وَإِنْ
كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ).. فإن تُوفيت امرأة عن أخ، أو عن أخت دون زوج، فالتركة كلها في
هذه الحالة للأخ، أو للأخت (الآية 176)، ولا محل هنا لتطبيق قاعدة السدس، لأنّه حد
مخصوص بحالة بعينها، فإذا تغيّرت معطيات الحالة تغيّر الحكم بالضرورة.
ونحن نجد مفسرين وفقهاء، وعلماء فرائض لم يُفرِّقوا بين الكلالة مع وجود الزوج، أو
الزوجة، ومع عدم وجوده، فالشقيقتان لا ترثان الثلثان في حالة وجود زوج، أو زوجة،
ولا تصبحان من أصحاب الفروض، إنّما ترثان ما بقي من حظ الزوج، أو الزوجة، وبذلك لا
يكون في المسألة عوْل، أو تعصيب.

المصدر : جريدة المدينة
 http://www.al-madina.com/node/650671/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AB-3.html

 

 

 

 

Leave a Reply