الميراث(1)
 سهيلة زين العابدين حمّاد
11 / 12 / 201

    من أخطاء خطابنا الديني المعاصر أنّه اعتبر
أنّ تفسير القرآن الكريم، واستنباط الأحكام الفقهية منه حكرًا على القدامى، وأنّ
ما وصلوا إليه حقائق مسلّم بها، ومن ثوابت الإسلام، ومن يُوضِّح أخطاء القدامى في
فهمهم لبعض الآيات القرآنية، واستنادهم على أحاديث ضعيفة وموضوعة لتأييد ما ذهبوا
إليه أُتهم بالجهل والعلمنة واللبرلة، وأنّه ينفذ أجندة غربية، وذلك لمصادرة أي
تصحيح للمفاهيم، أو اجتهاد في التفسير واستنباط الأحكام، رغم أنّ أخطاء بعض
المفسرين في الفهم ترتب عليه إصدار أحكام فقهية خاطئة، وإنشاء علوم مبنية على تلك
المفاهيم الخاطئة كإنشاء ما أُطلق عليه بعلم الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، مع
أنّه لا يوجد في القرآن ناسخ ومنسوخ،

وبناء علم الفرائض في المواريث على فهمهم الخاطئ
لآيات المواريث فأوجدوا ما يُسمى بالعول، والتعصيب بالذكور، كما استندوا على
أحاديث مرسلة وضعيفة فحرموا بموجبها ورثة من حقوقهم في الميراث، وورّثوا من لم يرد
ذكرهم في آيات المواريث بما أسموه تعصيبًا، وحجبًا بالتعصيب، فمثلًا ورّثوا ابن
الابن، وحرموا بنت الابن من الميراث، وورثوا الإخوة لأم، وحرموا الإخوة الأشقاء، وورثوا
ابن الابن، وحرموا ابن البنت، أو بنتها، وورثوا العم، وحرموا العمة، وورثوا ابن
العم، وحرموا بنت العم، أي عادوا إلى الجاهلية بتوريث الذكور دون الإناث، ونسبوا
كل هذا إلى شرع الله، والله برئ ممّا نسبوه إليه.
    فأخطاء بعض  المفسرين والفقهاء في فهم آيات المواريث(النساء:11،
12، 176)أدّى بهم إلى إيجاد ما سمي بالعوْل أي زيادة حظوظ الورثة عن أصل المسألة، ممّا
ساعد دعاة الإلحاد إلى جر بعض شباب الإسلام إلى الإلحاد لأنّ هذا العول جعلهم
يصفون الله جل شأنه أنّه يجهل أبسط قواعد الحساب التي لا تخفى على الطفل(تعالى
الله عمّا يصفون)وبنوا قولهم هذا ليس على نص الآيات القرآنية، وإنّما على تفسير
المفسرين لها، ونسبوا خطأ المفسرين إلى القرآن، قائلين:” إنّ طريقة توزيع
الميراث في القرآن لا يقوم بها شخص متمكن من الحساب؛ إذ
يعاني من ظاهرة العول والرد، التي تنشأ من الإصرار على الاكتفاء بعمليات
الحساب الأربع، حيث ينتج فائض في التركة بعد التوزيع يتم رده، أو نقص في التركة
يتم استرداده. وقد أعددتُ دراسة عن العول، وحللتُ جميع مسائله دون حاجة إلى عوْل،
لأنّ العول وجد بسبب فهم خاطئ لآيات المواريث، ويعود خطأ الفهم إلى:
1.   
أنّهم لم يستوعبوا قاعدة أنّ الأنثى هي الأساس في احتساب حظوظ الميراث، فعندما
تتحدّث الآية عن إناث، لماذا يُفترض عدم وجود ذكور؟ مع أنّه عند ذكر الأم،
يقابلها(الأب)، والبنت يقابلها (الولد)، والأخت يقابلها(الأخ)
2.   
اعتبار البنتيْن، وما فوق من أصحاب الثلثيْن، وهذا خطأ فادح، فالله جل
شأنه يقول(فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ)ولم
يقل اثنتيْن وما فوق.
3.   
لم يفرقوا بين الكلالة بوجود الزوج، أو الزوجة، في الجزء الثاني من
آية(12)والكلالة بدون وجود زوج، أو زوجة(الآية:176)
 وقبل أن أتحدث عن العول والحجب
والتعصيب وأولوا الأرحام في الميراث لابد لنا من وقفة تأمل، واستعادة قراءة آيات
المواريث ومدلولاتها.
للحديث صلة.
البريد اليكتروني: suhaila_hammad@hotmail.com

Leave a Reply