ولاية
المرأة القضاء(2)
سهيلة زين العابدين حماد
28 / 11/ 2015


بينتُ في الحلقة الماضية أن
الفقهاء الذين أطلقوا وقيدوا ومنعوا ولاية المرأة للقضاء تجاهلوا تمامًا الآيات
القرآنية التي تمنح المرأة حق الولاية(
التوبة:71،
النساء: 58، النمل:32، 33، الممتحنة:12] 
ومن أدلة الذين أطلقوا ولايتها
للقضاء(
ابن حزم والإمام
ابن جرير الطبري، والحسن البصري، وابن القاسم المالكي، وابن طراز الشافعي،
ومحمد بن حسن
الشيباني
:

1.    القاعدة أنّ من يستطيع الفصل في قضايا الناس يكون صالحًا للقضاء، ولا يوجد أي دليل على استثناء المرأة
من هذا الأصل.
2.    أنّ الأنوثة لا شأن لها بتفهم أوجه النزاع وحجج المتنازعين والفصل في
الخصومات.
3.   
 أنّ
المرأة
يجوز
أن تكون مفتية كما يجوز أن تكون محتسبة ،ويجمع بين الحسبة والقضايا أنّ كلًا
منهما من الولايات العامة، وقد ولي
الخليفة عمر بن الخطاب الشفاء ولاية الحسبة في
السوق.
4.    أنّ المرأة
لها الولاية على بيت زوجها، وهي راعية ومسئولة عن رعيتها.
    والغريب
أنّ الممانعين لولاية المرأة للقضاء ينفون صحة رواية تولية عمر بن الخطاب رضي الله
عنه -مؤسس ديوان الحسبة – للشفاء العدوية ولاية الحسبة التي استند عليها ابن حزم
في إطلاق ولايتها القضاء، وهي نوع من أنواع القضاء، وكثير من المصادر ذكرت توليته
للشفاء الحسبة، وكان يستشيرها، وأخذ بها ابن حزم، و
الأستاذ محمد عزة دروزة، والدكتور محمد علي الجندي الأستاذ بدار العلوم بالقاهرة في إطلاق ولايتها الفضاء والتي أهملها الممانعون، واكتفوا
بمقولة الإمام القرطبي(671ه) إنّها مدسوسة
دون أن يُثبت ذلك، والذي يستوقفنا إطلاق االحسن البصري ولاية القضاء للمرأة الذي ولد قبل سنتين من نهاية خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المدينة عام(21ه)فهو الأقرب إلى عهد عمر رضي الله عنه، وقد ولد
وعاش في المدينة المنورة، وتربى بين كبار الصحابة رضوان الله عليهم، فلو وجد خلاف
ما ذهب إليه لما أطلق ولايتها للقضاء، والغريب أنّ بعضهم يقول لو ثبتت صحة الرواية،
ففِعْلُ عمر لا يحتج به، مع أنّهم يحتجون بمقولة منسوبة لسيدنا عمر
رضي االله عنه في التطليق لعدم الكفاءة في النسب، وهي” لأزوجن ذوات
الأحساب من الأكفاء”!
كما
نجد فات على هؤلاء مراقبة السيدة سمراء بنت نهيك الأسدية رضي الله عنها مراقبة
الأسواق في مكة المكرمة، فقد أورد ابن عبد البر في الاستيعاب أنّها
أدركت الرسول عليه الصلاة والسّلام، وعمرت، وكانت تمر في الأسواق،
وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتضرب الناس على ذلك بسوط كان معها. روى عنها أبو
بلج جارية بن بلج.
كما أوردالطبراني في الكبير ما ذُكر
عن أبي بلج يحيى بن أبي سُليم قال:” رأيت سمراء بنت نهيك عليها درع غليظ
وخمار غليظ، بيدها سوط تؤدب الناس، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.[الطبراني:المعجم
الكبير 24/311، رقم (785)](قال الهيثمي رجاله ثقات فما ذكره الطبراني يؤكد ما ذكره
ابن عبد البر، ولكن الممانعين يرفضون رواية ابن عبد البر بدعوى أنّها بلا سند،
ويتجاهلون رواية الطبراني التي بها إسناد!
كما نجد الممانعين ينفون
إجازة الطبري ولاية المرأة للقضاء دون تقييد، وهذا ما سأبحثه في الحلقة القادمة.
للحديث
صلة.
المصدر:
جريدة المدينة :

Leave a Reply