أخبار
الآحاد(3)

د. سهيلة زين العابدين حماد
الخميس : 5 نوفمبر 2015م
 

 

بينتُ في الحلقتيْن السابقتيْن أن خبر الآحاد لا يمكن رفعه إلى رتبة المتواتر في التشريع

؛ لأنه عرضة للخطأ والنسيان والسهو، وبما أن
التبليغ الأصل فيه العمومية، وليس بالمسارة، وبكونه عليه الصلاة والسلام مبلغًا
ومشرعًا، فعندما يبلغ تشريعًا يبلغه للعموم، وليس بالمسارة لشخص واحد ليكون
مستوثقًا من أن تشريعه سيبلغ أمته بطريقة تنتفي فيها الشبهة ،وهذا ما توافق عليه الصحابة رضوان الله عليهم، فلم يقبل
أبو بكر وعمر رضي الله عنهما الخبر الواحد من المغيرة بن الشعبة وأبي موسى الأشعري
رضي الله عنهما في مسألتي توريث الجدة والاستئذان. إلا بشهادة آخريْن، تأسيًا
بموقفه عليه الصلاة والسلام من خبر ذي اليديْن؛
لأنه توهم غلطه لعرضته للخطأ.


والغريب أن القائلين بحجية خبر
الآحاد في التشريع لا يرون في هذه الشواهد الثلاث عدم قبوله عليه الصلاة والسلام
وصحابته رضوان الله عليهم للخبر الواحد، بل يدللون بها على قبول الخبر الواحد، كل
هذا ليعطوا مبررًا لقبول خبر عبد الرحمن من أبي بكرة:” لن يفلح قوم ولو أمرهم
امرأة” متجاهليْن حقيقتيْن هامتيْن:

أولهما: أن هذا الخبر يتعارض  مع القرآن الكريم في الآيات التالية:
1.    (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ

عَنِ الْمُنْكَرِ)[التوبة:71]
2.   
 (وَإِذَا حَكَمْتُمْ
بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ)[النساء:58]

   3. . قوله تعالى عن ملكة سبأ أنها امرأة شورية(قَالَتْ
يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي

فِي
أَمْرِي

مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ)[النمل:32]وقال عن قوة دولة سبأ(قَالُوا
نَحْنُ أُولُو قُوَّة

وَأُولُو بَأْس شَدِيد)[النمل: 33]فقد كانت امرأة شورية ودولتها قوية، وبإسلامها
أسلم قومها ففلحوا في الدنيا والآخر

 4.(يا أيها النبي إذا جاءك
المؤمنات يبايعنك… فبايعهن) فإن كان لهن حق أن يُبايِعوا، فلهن حق أن يُبايَعوا.

        هذا
وقد ردت السيدة عائشة(ر)خبر عمر(ر)
في تعذيب الميت ببكاء أهله إلى غير ذلك من الروايات لتعارضه مع
القرآن الكريم
: فقالت:” حسبكم القرآن(وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى)

       وكذلك ما فعله كل من عمر وعائشة رضي الله
عنهما عندما بلغهما حديث فاطمة بنت قيس الوارد في شأن عدة المطلقة المبتوتة، فقاما
برد الحديث لأنّه غير متوافق مع ما جاء في القرآن الكريم والسنة الصحيحة المعلومة
لديهما قال عمر:” لا نترك كتاب الله وسنة نبينا(ص)لقول امرأة لا ندري لعلها
حفظت أو نسيت، لها السكنى والنفقة، قال الله عز وجل:(لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ
بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ)

انيهما: أنّ أبا بكرة حُد بحد القذف
من قبل الفاروق رضي الله عنه، ولم يتب، وبذلك لا تقبل شهادته ،وبالتالي لا تقبل روايته
لأنها شهادة على رسول الله وشرع الله(وَلَا تَقْبَلُوا
لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا….
إِلَّا الَّذِينَ
تَابُوا مِن بعد ذلك)[النور: 4، 5]

         فالذين منعوا ولاية المرأة للقضاء للخبر
المفرد” لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة” قد خالفوا أمر الله  
بقبولهم

شهادة المحدود بحد القذف، ولم يتب،
وتجاهلوا معارضته للقرآن، وعدم قبول الرسول(ص)وصحابته الخبر الواحد الثقة إلا
بشهادة آخرين، مدعين باطلًا إجماع أهل السنة والجماعة على ذلك منكرين إجازة الأحناف،
وابن حزم والطبري وابن القاسم المالكي القائلين ولاية المرأة للقضاء، وتولية عمر بن الخطاب للشفاء من بني عدي الحسبة، وهي من القضاء،
وما ذهبت إليه أكثر من 14 دولة عربية وإسلامية من توليتها للمرأة القضاء، بل
ولايتها رئاسة دولة(أندونيسيا)ورئاسة حكومة(باكستان وبنجلاديش)ولم يكتفوا بهذا بل
نعتوا القائلين بعدم حجية خبر الاحاد في التشريع بالجهل والضلال وإنكارهم للسنة
النبوية!

suhaila_hammad@hotmail.com

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
 
 

Leave a Reply