سهيلة زين العابدين حماد
السبت 13/06/2015
 
 بيّنتُ في الحلقة الماضية تفسير الشيخ الشعراوي لمعنى (وزوّجناهم بحورٍ عِين) زوجته بكذا يعني: أضفتُ إليه فرداً مثله يُكوِّن معه زوجاً، وليس من الضروري أن يكون أنثى، فالمعنى انتقل من مسألة الزوجية التي نعرفها إلى الأُنْس بالجمال، وعليه فالمعنى المزاوجة بين اثنين، بصرف النظر عن الذكَر والأنثى؛ لأنّ المتعة -هناك- متعة النظر، ومتعة الكلام، ومتعة الأُنْس بقيم أخرى غير التي نعرفها الآن.


قد يقول قائل ولكن بعض المُفسِّرين يُفسِّرون (إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ) (ياسين:55) «شغلهم افتضاض الأبكار»، ويُنسبون هذا القول إلى عبدالله بن مسعود وابن عبّاس رضي الله عنهما، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «ما من أحد يُدخله الله الجنة، إلا زوّجه الله عز وجل ثنتين وسبعين زوجة، ثنتين من الحور العين، وسبعين من ميراثه من أهل النار»، وما رواه الترمذي: «يُعْطَى الْمُؤْمِنُ فِي الْجَنَّةِ قُوَّةَ كَذَا وَكَذَا مِنْ الْجِمَاعِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ يُطِيقُ ذَلِكَ قَالَ يُعْطَى قُوَّةَ مِائَةٍ».. وأقول هذه روايات لا أصل لها، فليس من المعقول أن يقوم نعيم أهل الجنة على شغل الرجال في فض الأبكار؟!
ولو كان هذا نعيمهم، فلماذا كانت لآدم عليه السلام زوجة واحدة، وكانت سوأتيهما مخفية، ولا توجد إشارة في القرآن الكريم إلى إتيانه زوجته في الجنة؟! ولو سلّمنا فرضًا بصحة هذه الروايات، فما هو النعيم المقابل للنساء في الجنة؟!
لم نجد أحاديث تتحدّث عن هذا الجانب، وهذا دليل واضح على وضع تلك الأحاديث، فحديث اثنتين وسبعين زوجة ضعّفه الألباني، وصنّفه في سلسلة الأحاديث الضعيفة، أمّا نسبة القول «الشغل بافتضاض الأبكار» لابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما، فهذه روايات موضوعة عنهما، فلا يتفق مع قوله تعالى: (وجوه يومئذٍ ناضرة. إلى ربها ناظرة) (القيامة:23-24) الذي يُبيِّن أنّ نعيم أهل الجنة، هو النظر إلى الله عزّ وجلّ، وهذا ما أوضحه الشيخ الشعراوي في تفسيره (إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ) أنت ترى أنّ الذي يدخل الجنة يجلس لا عمل له، أليس كذلك، لماذا؟ لأنّ رزقك في الدنيا مرتبط بالحركة، لكن رزقك في الجنة مرتبط بالمسبِّب لو قرأت: (إنّ أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون) إذن عندهم شغل، ولكن من نوع أعلى، أنت تركت في الآخرة دنيا الأسباب وأصبحت مع المسبِّب، شغلك أصبح مع المُسبِّب، وهذا للتقريب ولله المثل الأعلى.
وهكذا نجد أن الحور العين في القرآن الكريم ليس كما تُصوِّرها الجماعات الإرهابية المسلحّة المريضة بالهوس الجنسي، وعلى علماء الأمة تصحيح مفهوم الحور العين لئلّا يُغرَّر بشبابنا، لوضع حد للعمليات الانتحارية.

suhaila_hammad@hotmail.com
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS
تبدأ بالرمز (26) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى
88591 – Stc
635031 – Mobily
737221 – Zain

Leave a Reply