الحور العين والعمليات الانتحارية(2)
سهيلة زين العابدين حماد
السبت 06/06/2015
بيّنتُ في الحلقة الماضية أنّ القرآن الكريم لم يُبيّن ماهية الحور العين، وبيّن أنّهم من نعيم الجنة التي ينعم به المتقون من عباده ذكورًا وإناثًا على حد سواء، ولم يخص الرجال بذلك، أمّا آيات(حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي ٱلْخِيَام)[الرحمن: 72) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ..)[الصافات:48،49]فهي تصف نساء الجنة، وليس الحور العين[راجع تفسير الشيخ الشعراوي للصّافات]
والسؤال الذي يطرح نفسه، ما معنى(وزوّجناهم بحور عين)؟
يقول الشيخ الشعراوى:”(وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ)الفعل زوَّج يتعدَّى بنفسه ويتعدَّى بالباء، نقول: زوَّجته فلانة يعني: جعلتُها زوجة له، وهو الزواج الشرعي المعروف بين الذكر والأنثى. أمّا زوَّجته بكذا يعني: أضفتُ إليه فرداً مثله يُكوِّن معه زوجاً، وليس من الضروري أن يكون أنثى، فقوله تعالى:(وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ)[الدخان:54] تعدَّت بالباء. فالمعنى انتقل من مسألة الزوجية التي نعرفها إلى الأُنْس بالجمال الذي هو قمة ما نعرف من اللذات، لأّننا في الآخرة سنُخلق خَلْقاً جديداً غير هذا الخَلْق الذي نعيشه، بدليل أنّك تأكل في الجنة ولا تتغوَّط. وعليه فالمعنى المزاوجة بين اثنين، بصرف النظر عن الذكَر والأنثى؛ لأنّ المتعة هناك متعة النظر، ومتعة الكلام، ومتعة الأُنْس بقيم أخرى غير التي نعرفها الآن. ولما كان زواجُ الرجل بالمرأة من أعظم مُتَع الدنيا، ويحرص عليه كلٌّ من الرجل والمرأة حينما يبلغان الرشد جعله الله من مُتع الآخرة، لكن على صورة أخرى أنقى، بصرف النظر عن العملية الجنسية ، فالمسألة إيناسٌ بما كنتم تعتبرونه نعمةً في الدنيا، أما في الآخرة فمقاييس أخرى، نقى لكم الأشياء من مُنغِّصاتها التي كانت في الدنيا. أرأيتم مثلاً في الدنيا من خمر وعسل ولبن، لكم منها في الآخرة، بعدَ أنْ نُصفِّيها لكم مما يُنغِّصها، فجعل خمر الآخرة لذةً للشاربين، وخمر الدنيا لا لذةَ فيه، وجعل اللبن لا يتغيَّر طعمه، وجعل الماء غير آسن. كذلك جعل الزواج نقياً من شوائبه في الدنيا ومُنغِّصاته، حتى أزواج الدنيا حينما يجمعهم الله في مُستقر رحمته في الجنة.. قال(وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ) وكلمة(حور عين)تلفت الأذهان إلى متعة النظر والتلذذ به، كما ينظر الإنسان إلى صديق يحبه، فإذا اقتنع واكتفى بهذه النعمة فأهلاً وسهلاً، وإذا لم يقنعه النظر، ففي الجنة ما تشتهيه الأنفسُ ويلذّ الأعين.”
وهذا المعنى هو الذي يتفق مع حال آدم حواء عليهما السلام، فكانا زوجيْن في الجنة، ولكنهما لم يتناسلا إلّا عندما خرجا منها، ففي الجنة كما قال تعالى لآدم عليه السلام(إنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى..)[طه:118-1191] وعندما وَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ ظهرت سوءاتهما أي كانتا مخفيتيْن غير ظاهرتيْن تمهيدًا لخروجهما من الجنة(فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى)[121]
للحديث صلة.
suhaila_hammad@hotmail.com
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS
تبدأ بالرمز (26) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى
88591 – Stc
635031 – Mobily
737221 – Zain