حرق الإنسان ليس من الإسلام (1)
سهيلة زين العابدين حماد
السبت 21/02/2015

حاولت داعش تبرير حرقها للشهيد الطيّار الأردني معاذ الكساسبة بفتوى نشرتها مواقعها وهى: أنّ الأحناف والشافعية ذهبوا إلى جواز التحريق مطلقًا، وأن تفسير المهلب ابن صفرة لقوله صلى الله عليه وسلم:”النار لا يُعذب بها إلا الله”، ليس هذا النهي على التحريم، بل على سبيل التواضع”..

 وقال التنظيم: إنّ “الحافظ ابن حجر” قال” يدل على جواز التحريق فعل الصحابة، وقد سمل النبي أعين العرنيين بالحديد المحمّى.. وحرق خالد بن الوليد بالنار أناسًا من أهل الردة”!! كما استندوا على فتوى لابن تيمية، وهي:” فأما إذا كان في التمثيل الشائع دعاء لهم إلى الإيمان أو زجر لهم عن العدوان فإّنه هنا من إقامة الحدود والجهاد المشروع”.. وعند تأملنا لمبررات داعش التي اعتبرتها مبررات شرعية نجد الآتي:
1. اعتبرت الأسير المسلم معاذ الكساسبة كافرًا ومرتدًا، وأخذت بالفتاوى المتعلّقة بذلك.
2. لم تستدل بآية قرآنية على فعلتها، واستندت على أحكام وأقاويل وفتاوى لبعض الخلق، فتركت حكم الخالق، وأخذت بحكم المخلوق الموافق لهواها، كأخذها بالناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، فقد اعتمدت على قتلها لأسراها على أنّ آية:(فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا)[محمد:4] قد نُسخت بآية(فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ)[التوبة:5] فلا يوجد منٌّ ولا فِداء، مع أنّ الآية التي بعدها تؤكد على إجارة المحارب المشرك، وإيصاله إلى مكانه آمنًا:(وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ)[التوبة:6]وكما بيّنتُ في مقالات سابقة لا يوجد ناسخ ومنسوخ في القرآن الكريم، وآية(ما نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)لا تعني نسخ القرآن لنفسه، ولكن نسخ شريعة موسى عليه السلام.
3.تجاهلت قوله تعالى:(وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)، وذلك لأنّهم أخذوا بالناسخ والمنسوخ، فالقائلون به نسخو كلمة ( وأسيرًا) من الآية، أي جعلوا الإسلام يقول بتجويع الأسرى ،وعدم إطعامهم!
4.تجاهلت الآية التي وصفت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم أنّها رحمة للناس أجمعين على خلاف أديانهم ومللهم(وما أرسلناك إلّا رحمّة للعالمين) ، وأخذوا بروايات تسلب رسالته هذه الصفة لمجرد أنّ رواتها من الأسماء التي قدّسها البعض، وقبلوا على رسول اللهأنّه يسمل الأعين بالحديد المحمى مجردًا من أية رحمة، ، فكيف أُصدّق هذه الرواية للبخاري، وهي تتنافى مع قول الخالق(وما أرسلناك إلّا رحمّة للعالمين)ومع عفوه على مشركي مكة قائلًا لهم:” اذهبوا فأنتم الطلقاء” ،” وتتناقض مع أحاديث كثيرة  في صحيح البخاري نفسه ،كحديث المومس التي دخلت الجنة لأنّها سقت كلبًا كان ظمآنًأ،” ومرأة دخلت النار لتعذيبها هرة منعت عنها الماء والطعام،وما جاء في باب تحريم التعذيب بالنار في كل حيوان حَتَّى النملة ونحوها، في سنن أبي داود وصحّحه الألباني؟
5.أخذت بروايات موضوعة لرواة معروفين بالوضع والكذب، فنسبوا إلى خالد بن الوليد حرق رأس خالد بن نويرة بالباطل!..
للحديث بقية
suhaila_hammad@hotmail.com

Leave a Reply