سلمان التحدي.. أنت لها
أنا على ثقة أنّ الملك سلمان بقوة إيمانه، وبحكمته وحنكته وخبرته، وثقافته سيتصدى لكل هذه التحديات، وسيعبر بنا إلى الأمان والاستقرار والتنمية والازدهار، والـ (37) قرارًا ملكيًا تؤكد على ذلك
سهيلة زين العابدين حماد
الثلاثاء 03/02/2015
بدأ خادم الحرميْن الشريفين الملك سلمان عهده بإنجازيْن عظيميْن في مجال الإصلاح السياسي يُعدّان نقلة كبرى للمملكة العربية السعودية:
أولهما: بداية نقل سلطة الحكم للجيل الثاني بإصدار قراره بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد، ونلاحظ هنا أنّ الملك سلمان عيّن من رآه الأصلح لهذه المرحلة، والإنجازات التي تمّ تحقيقها، والانتقال السلس للسلطة إثر وفاة خادم الحرميْن الشريفيْن الملك عبد الله ــ رحمه الله ــ وهذه الخطوة من الملك سلمان بتعيين ولي ولي العهد من الجيل الثاني من الأسرة الحاكمة دفع صحيفة ذي غارديان البريطانية أن تشير في افتتاحيتها إلى أنّ آل سعود يشكلون أكبر وأنجح العائلات الحاكمة في العالم.
ثانيهما: السماح لعضوات مجلس الشورى بمبايعة الملك سلمان في الأيام المخصصة لبيعة الرجال، وهذه خطوة ذات أبعاد ودلالات جد هامة، منها:
1- مواصلة مسيرة الملك عبد الله ـــ رحمه الله ـــ في منح المرأة حقوقها السياسية بإقراره حقها في البيعة، واستقلالية بيعتها امتثالًا للأمر الإلهي في قوله تعالى:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ… فَبَايِعْهُنَّ)[الممتحنة:12] وآمل أن يُخصّص يوم لبيعة النساء.
2- الإقرار بحقها في البيعة واستقلالية بيعتها عن بيعة الرجل إقرار ضمني بأهليتها الكاملة، وهذا يستدعي إلغاء جميع الأنظمة والقوانين التي تنتقص أهليتها، وتجعلها تحت الوصاية إلى أن تموت، مع أنّ الله جل شأنه ساوى بينها وبين الرجل في كمال الأهلية بدليل مساواتها له في القصاص والحدود والعقوبات، كما أنّ الإقرار بحقها في البيعة إقرار ضمني بأنّها مواطنة كاملة المواطنة.
وهذان الإنجازان، ودلالاتهما مؤشر على أنّ خادم الحرميْن الشريفين الملك سلمان رجل المرحلة، كما أجمع العالم على ذلك، وهو أهل لمواجهة التحديات التي يأتي في مقدمتها:
1- سيطرة الحوثيين على السلطة في اليمن إثر انقلابهم في(20/1/2015) الذي أعقبه استقالة رئيس وحكومة اليمن، ويُخشى أن يتطوّر الوضع إلى اندلاع حرب أهلية، كما يُخشى أن يصل الوضع إلى سيطرة قوى دولية على باب المندب، ممّا يُهدد الأمن القومي العربي، ويُشكِّل خطرًا على حركة الملاحة في قناة السويس.
2- داعش في الشمال، وما تقوم به من أعمال إرهابية وتوسعية في سوريا والعراق، وقيامها بعملية إرهابية انتحارية في عرعر من خلال التسلل عبر حدود المملكة الشمالية.
3- تأزم الموقف حاليًا بين حزب الله وإسرائيل، ممّا ينذر باندلاع حرب جديدة بينهما، في وقت تعاني لبنان من فراغ كرسي الرئاسة طالت مدته، ممّا يُشكّل خطورة على الوضع المتأزم في لبنان.
4- تراجع أسعار النفط العالمية خلال الأربعة أشهر الأخيرة من عام(2014)أدى إلى تراجع الإيرادات النفطية بنحو(70) مليار ريال أو نحو(7%)،فظهر عجز في الميزانية هذا العام ما لم يتم الاقتصاد في الإنفاق الحكومي، وفي حالة استمرار بقاء أسعار النفط عند مستوياتها الحالية فإنّ الإيرادات النفطية في عام 2015 ستتراجع بنحو(20%)أو نحو(200)مليار ريال، وسيكون العجز ممولًا بصورة رئيسة من الاحتياطات الحكومية التي سيستمر الإنفاق منها على المشاريع الكبيرة مثل مشاريع الإسكان وتوسعة الحرمين وشبكات النقل العام في المدن.وممّا لاشك فيه أنّ توجّه المملكة لتنوع مواردها، وانتقالها إلى الاقتصاد المعرفي باتجاهها إلى تحفيز التنوع الاقتصادي عبر الصناعة وتخفيض الاعتماد على مصدر دخل واحد، سيُسهم في تخطي هذا التحدي، فمن خلال الاستراتيجية الوطنية للصناعة حتى عام(2020)خطت المملكة خطوات طموحة لتحقيق رؤية واضحة من أجل ضمان الاستقرار والرخاء وتعزيز دورها الريادي في العالم، متمثلة في ضمان معدلات نمو مستقرة، وتنمية متوازنة تضمن نمو وازدهار مناطق المملكة المختلفة، مع مشاركة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز قدرة الاقتصاد على مواجهة التغيرات والتطورات المحلية والعالمية بطريقة مرنة وفاعلة الحيوية، ولعل قرارات الملك سلمان الاقتصادية تؤكد على قدرته على مواجهة هذا التحدي كما تؤكد على قوة اقتصاد المملكة.
5- لا يزال الإرهاب يتصدّر التحديات التي تواجه الملك سلمان، ومعظم قادة العالم العربي بصورة خاصة، ولاسيما الجماعات المسلحة التي تهدد حدودنا الشمالية والجنوبية، إضافة إلى محاولة البعض إثارة فتنة طائفية في بلادنا من خلال أعمال إرهابية تستهدف إخوتنا الشيعة، مثل مذبحة قرية(الدالوة)في محافظة الأحساء، ولمواجهة هذا التحدي والقضاء عليه من جذوره لابد من تصحيح الخطاب الديني بتصحيح مفهوم الآيات القرآنية المتعلقة بأصحاب الأديان والملل من جهة والمرأة من جهة أخرى، وبتنقيته من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، فقد بُنيْت الفتاوى التكفيرية ورفض الآخر على الفهم الخاطئ لآية(مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَ)[البقرة: 106]فقالوا بأنّ القرآن ينسخ نفسه، بل السنة تنسخ القرآن، وبعضهم تطاول على القرآن الكريم، فجعل الدُويبة(دابة صغيرة)نسخت آيتي الرجم وإرضاع الكبير بعشر رضعات، وقالوا إنّ آيتي السيف والقتال قد نسختا كل آيات حرية العقيدة، والرحمة والتعايش مع أصحاب الملل والأديان المختلفة والحوار معهم بالتي هي أحسن والصبر عليهم، وللأسف استغل أعداؤنا هذا الخطاب في تضليل شبابنا، ودفعهم إلى الإرهاب لتنفيذ ما يخططه أولئك في بلادنا بإشاعة الفوضى والفتن فيها لتفتيتها وتقسيمها ليسهل سيطرتهم عليها.
وأنا على ثقة أنّ الملك سلمان بقوة إيمانه، وبحكمته وحنكته وخبرته، وثقافته سيتصدى لكل هذه التحديات، وسيعبر بنا إلى الأمان والاستقرار والتنمية والازدهار، والـ (37) قرارًا ملكيًا تؤكد على ذلك.
suhaila_hammad@hotmail.com
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS
تبدأ بالرمز (26) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى