دولة الخلافة (1)
القول إنّ نظام الحكم في الإسلام، هو نظام الخلافة لا غير «قول يُغاير الحقائق التاريخية الثابتة، فلا يوجد نظام خلافة نسير عليه، فكل خليفة من الخلفاء الراشدين تولى الخلافة بطريقة غير التي تولاها الذي قبله
د. سهيلة زين العابدين حماد  
الثلاثاء 14/10/2014


تعمل وتخطط أحزاب وجماعات وحركات إسلامية دولية وإقليمية لإقامة نظام الخلافة بإخضاع جميع الدول الإسلامية لخليفة واحد، تساندها إسرائيل وقوى غربية تتقدمها الولايات المتحدة الأمريكية لإشاعة الفوضى والفتن والانقسامات في عالمنا العربي والإسلامي لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير بتفتيت البلاد العربية والإسلامية إلى دويلات صغيرة على أساس ديني وعرقي وطائفي، فعلى المستوى العالمي: الإخوان المسلمون، حزب التحرير، تنظيم القاعدة (حركة مسلحة)، الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش حركة مسلحة) وعلى المستوى الإقليمي: جماعة العدل والإحسان- المغرب، تنظيم دولة الخلافة- تركيا، مجلس الخلافة – بنغلادش، أنصار حسين بدر الدين الحوثي – اليمن، حركة حماس – فلسطين، حركة الجهاد الإسلامي – فلسطين، حركة تنفيذ الشريعة المحمدية – باكستان، أنصار الشريعة – بقيادة أبو حمزة المصري في لندن، وتنظيم التجديد الإسلامي.
والمرجع الأساسيّ للمنادين بالخلافة الذي يبشرون به ويقدمونه بين أيدي النّاس في خطبهم على المنابر والفضائيات، ويعدون به شبابًا غريرًا ويقسمون لهم بالله أنّه حقّ ووعد من الله وما عليهم إلّا أن يثبتوا ويصبروا ويصابروا ويرابطوا في ثغور الكهوف بين الجبال ويجمعوا العتاد والرجال إلى أن يأتي الخليفة العادل سائرًا على منهاج النبوّة فيملأ الأرض عدلًا وقسطًا هذا الحديث:
“حدثنا سليمان بن داود الطيالسّي، حدّثني داود بن إبراهيم الواسطي، حدّثني حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير، قال: كنا قعودا في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان بشير رجلا يكف حديثه، فجاء أبوثعلبة الخشني، فقال: يا بشير بن سعد، أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء؟ فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته، فجلس أبوثعلبة، فقال حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”تكون النبوّة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوّة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضًا، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبريّة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوّة“. ثم سكت. قال حبيب: فلما قام عمر بن عبدالعزيز، وكان يزيد بن النعمان بن بشير في صحابته، فكتبت إليه بهذا الحديث أذكره إياه، فقلت له: إني أرجو أن يكون أمير المؤمنين، يعني عمر، بعد الملك العاض والجبريّة، فأدخل كتابي على عمر بن عبدالعزيز، فسر به، وأعجبه”. (مسند أحمد: 18031).
وعند بحثنا عن سند هذا الحديث نجد فيه داود بن إبراهيم الواسطي الذي يروي عن حبيب بن سالم حديث الخلافة على منهاج النبوّة والذي وثّقه الطيالسّي هو نفسه داود بن إبراهيم قاضي قزوين، الذي قال عنه الرازي متروك، كان يكذب، وهو نفسه داود بن إبراهيم العقيلي الواسطي الذي قال عنه الأزدي: كذّاب.
فالحديث الذي أخرجه الإمام أحمد بغضّ النظر عن أنّه حديث آحاد تفرّد به داود بن إبراهيم، فهو حديث ضعيف، إن لم يكون موضوعًا، ففي سنده داود بن إبراهيم الواسطي، وهو متروك وكان يكذب.
ومن حيث المتن، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يُعيّن خليفة بعده، وفي اجتماع السقيفة، قال أحد الأنصار للمهاجرين، أمير منّا، وأمير منكم، وهذا أكبر دليل على عدم صحة الحديث، لأنّ هؤلاء صحابة رسول الله، ولو كان قال صلى الله عليه وسلم هذا الحديث، لقال الأنصاري خليفة منّا، وخليفة منكم.
والقول إنّ نظام الحكم في الإسلام، هو نظام الخلافة لا غير “قول يُغاير الحقائق التاريخية الثابتة، فلا يوجد نظام خلافة نسير عليه، فكل خليفة من الخلفاء الراشدين تولى الخلافة بطريقة غير التي تولاها الذي قبله. وعلى المسلمين أن يختاروا من هذه الطرق ما يناسب عصورهم وظروفهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدد من يتولى حكم الدولة الإسلامية بعده، وإنّما أعطى بعض الإشارات، كقوله عند مرضه “مروا أبا بكر فليصل بالنّاس”، فسيدنا أبو بكر رضي الله عنه تولى الخلافة بالانتخاب، وعمر بن الخطّاب رضي الله عنه عهد له أبوبكر رضي الله عنه بالخلافة من بعده، بينما سيدنا عثمان رضي الله عنه تمّ انتخابه من الستة الذين رشحهم عمر بن الخطّاب رضي الله عنه لتولي الخلافة من بعده، وهم: عثمان بن عفّان، وعلي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وعبدالرحمن بن عوف، والزبير بن العوّام وطلحة بن عبيدالله، وعبدالله بن عمر رضي الله عنهم، وتنازل عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه عن المنافسة، وقد وضع سيدنا عمر أسس وقواعد الانتخاب، والتقت وجهات النظر حول عثمان وعلي رضي الله عنهما، وانحصر الأمر بينهما إلى أن اجتمعت الأغلبية على عثمان رضي الله عنه، ففاز بها.
أمّا علي رضي الله عنه، فهناك من بايعه إثر استشهاد عثمان رضي الله عنه حتى لا تتسع دائرة الفتنة، وخذله نفر من المسلمين، ومنهم من أنكر عليه الخلافة.
وبعد استشهاد علي رضي الله عنه على يد عبدالرحمن بن ملجم تمت البيعة لابنه الحسن رضي الله عنه الذي قضى ما يقارب السبعة أشهر في الحكم، ثمّ تنازل عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه الذي عمل على التوصية بالخلافة -خلال حياته- لابنه يزيد. وبعد وفاة معاوية أصبح ابنه يزيد هو الحاكم، وقد رفض بعض الصحابة من ضمنهم الحسين بن علي رضي الله عنه ذلك، وقرر الدعوة لنفسه رافضًا تحوّل الخلافة إلى حكم وراثي، مما أدى إلى نشوب معركة كربلاء التي استشهد فيها الحسين بن علي يد عبيدالله بن زياد، وبعد وفاة يزيد تولى ابنه معاوية مقاليد الحكم وراثيًا، ولكنه أعلن رفضه للأمر، وقرر الانعزال وترك الأمر شورى بين المسلمين. وفي تلك الأثناء كانت البيعة قد تمت لعبدالله بن الزبير في العراق، إلا أنّ مروان بن الحكم تم اختياره من قبل الأغلبية خليفة للمسلمين، ومن بعده ابنه عبدالملك بن مروان والذي خرج على الخليفة في الحجاز عبدالله بن الزبير ونشبت معارك قادها رجل عبدالملك بن مروان الحجاج بن يوسف الثقفي انتهت باستشهاد عبدالله بن الزبير بجوار الكعبة لينتهي بذلك الأمل في عودة الخلافة إلى شورى بين المسلمين.
فأين هو نظام الخلافة في الإسلام، حتى يتبّنى البعض قيام دولة الخلافة، ولا يوجد نظام ثابت لها، ويورطون الشباب في قتال المسلمين، والقيام بعمليات إرهابية تحت شعار تكوين دولة الخلافة؟
للحديث صلة.

suhaila_hammad@hotmail.com

للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS

تبدأ بالرمز (26) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى

88591 – Stc

635031 – Mobily

737221 – Zain

Leave a Reply