لماذا يلحدون ؟ (2)
كل هذا جعل بعض شبابنا إمّا ينضّم إلى جماعات دينية متطرفة تكفر الدولة والمجتمع ، وتستبيح دماء من تكفّرهم، أو ينحرف 360 درجة ليعتنق الداروينية، وكلا الفريقيْن لا يقبل المناقشة والحوار معه
د. سهيلة زين العابدين حماد
الثلاثاء 03/06/2014


بيّنتُ في الحلقة الماضية عن المخطط الصهيوني الغربي للتمكن من الدول العربية والإسلامية والسيطرة عليها بمحاربة الإسلام بالإسلام وجعل المسلمين يقتل بعضهم البعض، مع التشكيك في القرآن الكريم، وتشكيك المسلمين في صحته، وتوقفتُ عند التقاء أهداف الاستعمار الغربي مع الماسونية في التشكيك في القرآن الكريم، ومعروف أنّ الماسونية منظمة يهودية سرية هدامة، وإرهابية غامضة، محكمة التنظيم تهدف إلى ضمان سيطرة اليهود على العالم وتدعو إلى الإلحاد والإباحية والفساد، وتتستر تحت شعارات خداعة(حرية- إخاء- مساواة -إنسانية) وُجلّ أعضائها من الشخصيات المرموقة في العالم، ويقيمون ما يسمى بالمحافل للتجمع والتخطيط والتكليف بالمهام تمهيداً لقيام جمهورية ديمقراطية عالمية- كما يدعون – وتتخذ الوصولية والنفعية أساساً لتحقيق أغراضها في تكوين حكومة لا دينية عالمية، فاتبعت وسائل عدة أحدثها التالي :
1. بمشاركة إسرائيلية مباشرة تمّ تأليف كتاب «الفرقان الحق»(The True Furqan) مكتوب باللغة العربية عن طريق محاولة استنساخ كتابات مطابقة للقرآن، ودمج عناصر من تعاليم المسيحية التقليدية ليكون بديلًا عن القرآن الكريم بتعليمات مباشرة من الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن كجزء من مؤامرة القضاء على الإسلام ليسهل تفتيت العالم الإسلامي وحكمه, وتبدأ سوره بـ (بسم الأب الكلمة الروح الإله الواحد الأحد),وتُرجم الكتاب إلى الإنكليزية من قبل أنيس شوريس، الذي يسميه «أداة لتحرير المسلمين»، وهو يزعم أنّ محمدًا(صلى الله عليه وسلم)هو»المسيح الدجال». ووفقا لأنيس شوريس، فالفرقان الحقيقي هو محاولة للرد على التحدي في القرآن أنّ لا شيء يمكن أن يُخلق مثل هذا العمل، ويشتمل على المسيحية بدلاً من الرسالة الإسلامية, وكتب المحرر والناشر المفكر الأميركي توماس ليفسون Thomas Lifson أنّ الكتاب «يقدم اللاهوت المسيحي بالطريقة التي يمكن أن تكون مفهومة من قبل المسلمين.
2.عند فشل مشروع «فرقانهم» عن تحقيق أهدافهم توجهوا إلى صرف الشباب المسلم عن دينهم, بتشكيكهم في صحة القرآن الكريم وأنّه منزّل من عند الله, وتحويلهم عن الإيمان بالقرآن والسنة إلى الداروينية، ودارون مسيحي، ولكن استغل اليهود نظريته لهدم الأديان وتقويضها، وإشاعة الإلحاد، وأشاروا إلى هذا في بروتوكولاتهم، وتمكّن المُضلّلون لشبابنا من عمل غسيل مخ أقنعهم بهذا الهراء الذي يُسمى بالداروينية، وأنّها نظرية قائمة على حقيقة علمية مثبتة كدوران الأرض، وعندما تسألهم ما هي الحقيقة العلمية المثبتة لهذه النظرية؟ يجيبونك بقولهم: التطور باختصار هو التغير البيولوجي عبر الأجيال.. التغيرات تكون عشوائية وتعود لخلل ما بعملية النسخ(طفرة)ومعظمها بذلك مضرة للجيل القادم.. إلا أنّه في جزء بسيط من الحالات يؤدي التغيير لظهور خواص جديدة تساعد الجيل القادم على مواكبة البيئة بشكل أفضل مما يزيد من فرص العيش والتكاثر.. تراكم التغيرات عبر الأجيال يؤدي إلى ظهور فصائل جديدة متنوعة كل منها قد تكيف مع بيئته بشكل أو آخر، ولكنها في النهاية تشترك بسلف سابق قد يعود إلى مليارات السنين، وأنّ التجارب التي قام بها رجال العلم قد أظهرت أنّ الحياة يمكنها أن تخلق نفسها بنفسها عن طريق بعض التفاعلات الكيميائية، مع أنّه لا يوجد حتى تجربة واحدة تظهر صحة ما يذهبون إليه علاوة على ذلك فقد ظهر أنّه ليس من الممكن أن يحدث هذا حتى على المستوى النظري، ومع هذا نجد المُضلِّلين قد تمكّنوا من عمل غسيل مخ لهذا الشباب دون أن يفكّروا كيف يستبدلون إيمانهم بالخالق جلّ شأنه بنظرية تقوم على فرضيات؟ وكيف تقبل عقولهم نظرية تقوم على العشوائية المتناقضة مع الحقائق العلمية الثابتة, وأنّ الحياة تخلق نفسها بنفسها ويقولون إنّها قائمة على حقائق علمية؟
للأسف لهذا دلائل خطيرة. وهنا انتقل إلى العوامل الداخلية التي ساعدت بدون قصد على تنفيذ مخطط العمل إلى إلحاد بعض الشباب ، والذي يظهر في الآتي:
أولًا: قصور شديد في المناهج الدينية في مراحل التعليم المختلفة بما فيها الجامعي، والدراسات العليا، والكليات الشرعية والمعاهد القضائية وتجاهلها لما يواجهنا من تحديات، ولما يشهده العالم من انفتاح على بعضه البعض، ومن تطور علمي مذهل، وما يتعرّض له شبابنا من تشكيك في عقيدته، وفي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة الصحيحة، فتقتصر تلك المناهج على اجتهادات وأقوال علماء وفقهاء من عدة قرون مضت.
ثانيًا: قيام المناهج الدراسية على التلقين والحفظ الصم، وعدم استعمال العقل، وعدم إعطاء الطالب فرصة لمناقشة أستاذه ليقتنع بما يحويه المنهج، فإن كان حل المسائل الرياضية يُحفظ، وإذا جاءت مسألة رياضية للطالب في الامتحان النهائي لا يحتويها المنهج الدراسي، وهي من صميم المنهج يقول جاءت أسئلة خارج المنهج، وهذا الأسلوب المتبع في التعليم له أبعاد خطيرة تُسهّل عملية غسل مخ شبابنا، لأنّه تربي أن يقبل ما يُقال له دون نقاش ،ودون إعمال عقله، وهذه ملاحظة لاحظها بعض أساتذة الجامعات الغربيين؛ إذ قال أحدهم في مؤتمر الإرهاب الذي نظمته جامعة الإمام محمد بن سعود قبل عدة سنوات» يُلاحظ على بعض الطلبة السعوديين الذين يدرسون في جامعاتنا أنهم لا يُناقشون، ويتقبّلون ما يُقال لهم»
ثانيًا : التمسك بخطاب ديني قائم على النقل والتلقين، وعدم استعمال العقل، فتوقف الاجتهاد، وبعض علماء الإسلام اكتفوا بنقل وترديد ما كتبه المفسرون والفقهاء والعلماء الأوائل بكل ما فيه دون استعمال عقولهم، دون التدبر في هل هذا يتفق مع مقاصد الشريعة ،والقيم الإسلامية والعدل الإلهي ؟ وهل يناسب عصرنا ويتلاءم معه؟ وكذا دون التمحيص في مدى صحة الروايات التي استندوا عليها رغم مناقضة بعضها لنصوص قرآنية قطعية الدلالة، بل بعضهم يعتبر من يستعمل عقله من المعتزلة. وهذا جعل بعض شبابنا إمّا ينضّم إلى جماعات دينية متطرفة تكفر الدولة والمجتمع ، وتستبيح دماء من تكفّرهم، ويقبل منها أتباعها كل مبرراتها وتدليسها في طمس الحقائق، لأنّها قائمة على السمع والطاعة وعدم استعمال العقل، أو ينحرف 360 درجة ليعتنق الداروينية، وكلا الفريقيْن لا يقبل المناقشة والحوار معه لبيان له خطأ ما يعتنقه، لأنّه لم يترب على استخدام عقله، وعلى ثقافة الحوار، ولأنّه يريد أن يُقنع نفسه أنّ اختياره يمثل عيْن الصواب.
للحديث صلة.

suhaila_hammad@hotmail.com
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS
تبدأ بالرمز (26) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى
88591 – Stc
635031 – Mobily
737221 – Zain

Leave a Reply