خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله ومسيرة الإصلاح في المسار الصحيح
د. سهيلة زين العابدين حماد
الثلاثاء 15/01/2013

 


اتجهت هذه الأيام أنظار العالم كله إلى المملكة العربية السعودية, وبالتحديد إلى قُبّة مجلس الشورى متابعة الحدث التاريخي, وهو دخول المرأة السعودية لهذا المجلس كعضوة فيه متساوية مع شقيقها العضو في الحقوق والواجبات, تنفيذًا لقرار خادم الحرميْن الشريفيْن الملك عبد الله بمشاركة المرأة في المجلس كعضوة ابتداءً من دورته القادمة التي ستبدأ – إن شاء الله – الأسبوع القادم, هذا القرار الذي سيسجّله التاريخ لخادم الحرميْن الشريفيْن الملك عبد الله – حفظه الله ورعاه – بأحرف من نور, وسنحفره له نحن النساء السعوديات في عقولنا وقلوبنا جيلًا بعد جيل, كما حفرنا في عقولنا و قلوبنا قرار الفيصل – رحمه الله – بمنحنا حقنا في التعليم في مدارس نظامية منذ أكثر من نصف قرن.
  فهنيئًا لنا بمليك أنصف المرأة وأعزّها بإعادة حقٍ منحه لها الخالق, وسلبه منها المخلوق عقوداً عديدة بحكم أعراف وعادات وتقاليد جاهلية أُلبست لباس الدين, وأحمد الله أن حقّق مطلبي بعضوية المرأة السعودية في مجلس الشورى؛ إذ كنتُ من أوائل المطالبين بهذا الحق في سلسلة مقالاتي التي نُشرت في ملحق الرسالة بجريدة المدينة عام 1423هـ بعنوان ” الخطوط الحمراء”, ورددتُ فيها على من عارضني من العلماء والقراء بالأدلة الشرعية من القرآن والسنة الفعلية, كما طالبتُ بهذا الحق في البرنامج التلفزيوني” مواجهات” بقناة اقرأ, في حلقة ” حقوق المرأة السياسية في الإسلام” التي أذيعت عام 1424هـ, وقال عنى أحدهم وقتها ” أنّي أفتح أبواب جهنّم”!
إنّ عضوية المرأة السعودية في مجلس الشورى خطوة في الطريق الصحيح للإصلاح من رجل الإصلاح الأول خادم الحرميْن الشريفيْن الملك عبد الله ,الذي أدرك أنّ نهضة أي مجتمع وتقدّمه لا تقوم إلّا بمشاركة المرأة شريكة الرجل في تحمّل أمانة الاستخلاف لعمارة الكون, وإنّي لعلى ثقة تامة أنّ عضوية المرأة في مجلس الشورى لن تُحصر في 20% لأنّ القرار جعلها الحد الأدنى, أي ستزيد النسبة في الدورات القادمة إلى أن تصل إلى 50%, كما أنّي على ثقة أنّ هذا القرار التاريخي الجريء ستتلوه قرارات أخرى تنصف المرأة لثقة الملك عبد الله بكفاءة وقدرات المرأة السعودية التي أصبحت مؤهلة لتولي مراكز قيادية في المجتمع, فقد أعطاها الخالق جل شأنه حق الولاية في آية البيعة رقم (12) من سورة الممتحنة التي جاء الخطاب فيها على التخصيص للنساء للتأكيد على استقلالية بيعتهن عن الرجال وعدم إلحاقها بهم, ومادام لها أن تُبايِع فمن حقها أن تُبايَع, ويؤكد هذا قوله تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)[ التوبة: 71]ولكنّ المخلوق سلب هذا الحق من المرأة بتركه كلام الله, وأخذه بحديث” لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة” وهو رواية وحيدة لم يرد غيرها بشأن ولاية المرأة, كما أنّها رواية مفردة لراوٍ حّده الفاروق رضي الله عنه بحد القذف, وطلب منه التوبة لقبول شهادته, ولكنه لم يتب, ولذلك لا تُقبل شهادته بأمر من الله لقوله تعالى ( وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا)[ النور: 5]فإكمالًا لمسيرة الإصلاح في مسارها الصحيح نترقب من مليكنا قرارًا بمنح المرأة حقائب وزارية, وأتمنى أن تُنشأ وزارات جديدة تتولاها المرأة مثل:
1. وزارة البحث العلمي: وتخصص ميزانية ضخمة لها , وأرشح العالمة الدكتورة حياة سندي لتوليها , باعتبارها من أفضل 15 عالمًا في العالم, وقد درست في جامعة كمبردج البريطانية, وعملت في جامعة هارفارد الأمريكية, وهما من أكبر الجامعات العالمية, فأصبحت لديها خبرة في توفير أفضل الطرق لتطوير البحث العلمي, فلن ننهض ونصبح في مصاف الدول الكبرى إلّا باهتمامنا بالبحث العلمي, واحتضاننا للعلماء والباحثين وتوفير لهم المناخ العلمي الذي يساعدهم على الإبداع والابتكار والاختراع , وتبنّي ابتكاراتهم واختراعاتهم بتصنيعها وتسويقها لجذب العقول المهاجرة من السعودية, والبلاد العربية والإسلامية, وكل العقول المبدعة إلى مهد الإسلام الذى أوّل من وضع أسس المنهج العلمي في قوله تعالى (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) فتُنسب اختراعاتهم واكتشافاتهم إلى المملكة العربية السعودية بدلًا من دول أوربية وأمريكية.
إنّ ثروتنا البترولية لن تدوم, لذا علينا أن نبني نهضة علمية كبرى تنافس الدول الأوربية والأمريكية والآسيوية التي سبقتنا في هذا المجال, ولن تقوم نهضة كهذه إلّا بالاهتمام بالبحث العلمي.
2. وزارة حقوق الإنسان: إنشاء وزارة لحقوق الإنسان من أهم خطوات الإصلاح في مساره الصحيح, لأنّ لا صلاح لمجتمع ولا نهضة ولا رخاء إلّا برفع الظلم عن المظلومين بمنح كل ذي حق حقه, ولوجود كفاءات نسائية في هذا المجال, ولأنّ المرأة أكثر من عانى من حرمانها من حقوقها, فهي الأكثر إدراكًا وإحساسًا بمعاناة من حرموا من حقوقهم, وبالتالي فهي الأصلح لهذه الوزارة.
3. وزارة حماية الأسرة: باعتبار الأسرة هي نواة المجتمع, وأهم ركائزه, وتعنى هذه الوزارة بأسس التربية الأسرية الصحيحة, وبكل ما يوفر لجميع أفراد الأسرة الحماية من الفقر والجهل والمرض والبطالة, والتفكك, والعنف من قبل أحد أفرادها.
4.إضافة إلى وزارة الشؤون الاجتماعية , ومع تقديري لجميع من تولّاها من وزراء, فهذه الوزارة لا تزال متعثرة في خطاها ,فلتعط الفرصة للمرأة للمشاركة بها , لنرى ما الذي ستقدمه لانتشالها من عثراتها؟
suhaila_hammad@hotmail.com
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS
تبدأ بالرمز (26) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى
88591 – Stc
635031 – Mobily
737221 – Zain
المصدر : جريدة المدينة
http://www.al-madina.com/node/427099

Leave a Reply