لماذا المرأة السعودية في دائرة الاتهام  ((2))
د. سهيلة زين العابدين حماد
الثلاثاء 13/11/2012
الراسخ في أذهان البعض – وهذا البعض كثير – بأن المرأة مصدر كل فتنة وشهوة , وسبب كل خطيئة , مستندين في ذلك على مرويات ضعيفة


توقفتُ في الحلقة الماضية عند حث النساء على غض البصر دون الرجال, بل هناك من العلماء والمشايخ يتحرجون من حث الرجال على غض البصر, وممّا أثار دهشتي وتساؤلي أنّه في إحدى حملات الحج التي كنت فيها, حين دعانا أحد مشايخ الحملة – نحن النساء – بتغطية وجوهنا عند نزولنا من الحافلة لأداء طواف الإفاضة – مع أنّ المرأة إحرامها في وجهها وكفيْها, ولا يجب عليها تغطية وجهها- وحذّرنا إن لم نغطِّ وجوهنا فسوف نتحمّل وِزر نظر الرجال إلينا, ولم يكلف نفسه حث الرجال الذين كانوا معنا في الحافلة على غض البصر, كما لم نجد أئمة مساجدنا يدعون بالهداية للرجال على الإطلاق, وكأنّهم ملائكة مهديون لا يحتاجون إلى الدعاء لهم!!!
فكما يبدو أنّ الراسخ في أذهان البعض- وهذا البعض كثير- بأنّ المرأة مصدر كل فتنة وشهوة, وسبب كل خطيئة, مستندين في ذلك على مرويات ضعيفة منها : « عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:» ما تركتُ بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء» [صحيح البخاري ، حديث رقم 4706]وفيه سليمان بن طرخان التيمي، أبو المُعتمر البصري، ولم يكن من بني تميم، وإنّما نزل فيهم ، توفي بالبصرة في ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين ومائة. وقال ابنه معتمر: مات وهو ابن (97) سنة، وقال ابن حبّان في الثقات: كان من عباد أهل البصرة، وصالحيهم ثقة وإتقانًا وحفظًا وسُنّة .»قال يحيى بن معين:» كان يدلس». وفي تاريخ البخاري عن يحيى بن سعيد :» مرسلاته شبه لا شيء». و قال ابن المبارك في تاريخه: التيمي وعلية مشايخ أهل البصرة لم يسمعوا من أبي العالية»، وقال ابن أبي حاتم في المراسيل عن أبي زرعة: «لم يسمع من عكرمة .قال: وقال أبي: لا أعلمه سمع من سعيد بن المسيّب «، وقال أبو غسّان النهدي:» لم يسمع من نافع ،ولا من عطاء «.[ابن حجر العسقلاني: تهذيب التهذيب، 4/ 182، 183.] فهذا الراوي مقدوح في روايته، فقيل عنه مدلس، وله مراسيل, ومع هذا نجد خطابنا الديني أعتمد صحته، وأخذ يردده في كثير من المناسبات، وقد غُضّ الطرف عن كل هذا لكونه وارداً في صحيح البخاري، ولأنّه ينال من المرأة.!!
أمّا حديث» اتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإنّ إبليس طلّاع رصّاد صيّاد، وما هو بشيء من فخوخه بأوثق لصيده في الأتقياء، من فخوخه في النساء»[انظر : الألباني: ضعيف الجامع ( 116)، الأحاديث الضعيفة (2065)، إسماعيل بن محمد العجلوني، كشف الخفاء ومزيل الالباس عمّا اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس( 55،76)، دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان، ط3، 1351ه‍‍]أمّا حديث» المرأة عورة إذا خرجت استشرفها الشيطان» فقد بيّنتُ ضعفه في مقال سابق.
ومع ضعف هذه الأحاديث نجد إسرافًا في استخدام قاعدة سد الذرائع ضد النساء, بتوسيع دائرة المحرمات عليهن, وتضييق دائرة المباح درءًا للفتن, ولن تخرج المرأة السعودية من دائرة الاتهام هذه مالم يتم تصحيح خطابنا الديني للمرأة وعن المرأة بتصحيح مفاهيمنا للآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة عن المرأة وللمرأة, وعدم تغليب الأهواء والأعراف والعادات والتقاليد المخالفة للإسلام في فهمنا لتلك الآيات والأحاديث, مع تنقيته من المرويات الضعيفة والموضوعة والشاذة والمفردة.
suhaila_hammad@hotmail.com
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS
تبدأ بالرمز (26) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى
88591 – Stc
635031 – Mobily
737221 – Zain
المصدر جريدة المدينة
http://www.al-madina.com/node/413568      

 

Leave a Reply