لماذا يكره العالم
أمريكا؟ (7)

 بقلم د. سهيلة زين العابدين حمّاد

ديمقراطية
زائفة وحرية موهومة ملطخة بدم الشعب العراقي!!

      يتشدق الرئيس الأمريكي “جورج بوش
” ،وتابعه رئيس الوزراء البريطاني “توني بلير” بالديمقراطية
والحرية ،وأنَّهما يهدفان من غزوهما للعراق تحريره من حكومته الاستبدادية ،وإرساء
قواعد الديمقراطية ،ليتمتع الشعب العراقي بالحرية والديمقراطية

 ،وهذه شعارات زائفة
يرددها هذان الغازيان وشعوبهما لا يتمتعان بها، فالشعبان الأمريكي والبريطاني
يفتقدان للديمقراطية والحرية ، ولو كانت الديمقراطية سائدة في هذيْن البلديْن
لاستجاب هذان الزعيمان لشعبيهما في رفضهما للحرب المشتعلة الآن في العراق بعدم
إشعال فتيل الحرب ،ولما سُجن المئات من المتظاهرين في الولايات المتحدة الأمريكية
لرفضهما للحرب ، ولكنها ديمقراطية زائفة ،وما يعد به هذان الغازيان من تحرير الشعب
العراقي ،فهي حرية موهومة ملطخة بدم الشعب العراقي لاسترقاقه واستعباده ، وسلبه
حرياته وثرواته ومياهه، وقد بدأ بالاستيلاء على ستمائة بئر بترول ،وبدأت العقود
تنهال على الشركات الأمريكية التابعة للإدارة الأمريكية للتنقيب على  البترول وإعادة تعمير العراق من أموال
العراقيين ،فهم يهدمون العراق ،ويقتلون الشعب العراقي ،ومن ثمَّ يقومون بتعمير
العراق بأمواله!

 وهم يحاربون العراق ،ويقتلون المدنيين ويأسرونهم
،ويقولون يريدون حرية الشعب العراقي ،ويستخدمون أسلحة الدمار الشامل في قتلهم
المدنيين ، ويقولون أنَّهم يريدون نزع العراق أسلحة الدَّمار الشامل!

الديمقراطية
الأمريكية الزائفة

الولايات
المتحدة دولة استيطانية قامت على اغتصاب أرض ،وإبادة شعب ،وهي دولة عنصرية قامت
على التمييز العنصري ،دولة تريد التوسع والهيمنة على العالم ،دولة كهذه قامت وتقوم
على أسس باطلة ،فديمقراطيتها التي تدعيها ديمقراطية باطلة زائفة، هذه الأدلة:

1-لو
كانت هناك ديمقراطية في الولايات المتحدة لما عزلت محطة ال
N.B.C  الأمريكية مراسلها “بيتر ارنت”
لأنّه  قال في حديث له للتلفزيون العراقي
“إنَّ الخطة الحربية الأمريكية فشلت”!

1-   لو هناك
ديمقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية لما أوجدت ما يعرف بالأدلة السرية في
قانونها ،والذي بموجبه تتخلص الإدارة الأمريكية من أي شخص تريد التخلص منه دون أن
يدافع عن نفسه لأنَّه لا يعرف أدلة إدانته فهي سرية ،تماماً كما جعلت أدلة إدانتها
لبن لادن أدلة سرية لأنَّها عجزت أن تثبت تورطه في أحداث سبتمبر كما زعمت ،لأنَّها
هي التي افتعلت تلك الأحداث بتنسيق مع ال سي .إيه . آي،والموساد وألصقوها بتنظيم
القاعدة ليوجدوا مبرراً لحروبهم ضد الدول الإسلامية دولة تلو الأخرى ،وقد بدأوا
بأفغانستان ،ثُمَّ العراق ،والتالية سوريا ولبنان أم  إيران 
،وبعدهما مصر ،ثُمَّ السعودية ،والقائمة طويلة.

2-   لو كانت
هناك ديمقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية لما قالت إدارتها لكل دول العالم
أعقاب أحداث سبتمبر إمَّا معنا أو ضدنا ،فالذي يعارضها تعتبره ضدها ،ويدخل في
قائمة من تحاربه!

3-   لو كانت
هناك ديمقراطية في الولايات المتحدة لما شنَّت تلك الحملة على فرنسا،والمطالبة
بمقاطعة فرنسا وفرض عقوبات عليها لأنَّها هددت باستخدام حق الفيتو إن قدَّمت
أمريكا مشروع إعلان الحرب على العراق .

4-   لو كانت
هناك ديمقراطية في الولايات المتحدة لما طالب المسلمون في أمريكا بالحماية
الدستورية للحرية الدينية ،وهذا ما كشفته 
الباحثة “كاثلين مور[1]
في بحثها  ” المسلمون في السجن :
دعاوى المطالبة بالحماية الدستورية للحرية الدينية ” المقدم لمؤتمر ”
المسلمون في أمريكا ” الذي عقد عام 1989م في أمهيرست في الولايات المتحدة
الأمريكية عن نظرة العامة والمسؤولين في أمريكا 
إلى الإسلام ،فتقول  : ( وإذا كان
الإسلام لا ينظر إليه العامة باعتباره جزءاً من التقاليد اليهودية ـ المسيحية
الغالبة في أمريكا ،فذلك لأنَّهم ينظرون إليه باعتباره عقيدة أجنبية ،وكثيراً ما
يفترى عليه في وسائل الإعلام بربطه بالنشاط الإرهابي في الخارج ،ممَّا يجعله أحد
الأديان الأكثر عرضة للتهجم عليه ،والتي تحتاج إلى الحماية الدستورية ،والمجتمع
بصفة عامة ،بما في ذلك الموظفين العموميين مثل مسؤولي القضاء ،علاوة على أولئك
الذين يتولون إدارة سجوننا ،والقوات المسلحة والمستشفيات والمدارس على غير ألفة
بالعقائد والشعائر الإسلامية ،قد ينزع إلى معاملة المسلمين معاملة غير عادلة ،وهو
في ذلك ينساق وراء سلوك تلقائي غير قائم على التفكير ،ولكنه تعبير انحياز بشري .
وقد أثيرت قضية ما إذا كان الإسلام ديناً جديراً بالحماية الدستورية في دعاوى

كثيرة جداً رفعها نزلاء سجون من المسلمين الأمريكيين الأفارقة مودعون في مرافق
إصلاحية ،وتبين السجلات أنَّ المسلمين الأمريكيين الأفارقة بالمقارنة أي مسلم آخر
من المجموعات المهاجرة ،كانوا نشيطين جداً في السير في الدعاوى القانونية بغية
الحصول على حقوق متساوية ،وحرية الوصول إلى موارد المجتمع الأكبر)[2]

فالذين يتحدثون عن الحرية الدينية والتسامح الديني في أمريكا
يغالطون مغالطة كبرى.

5-  
لو كانت هناك ديمقراطية في الولايات المتحدة لما
قال  السيد رمزي كلارك في حديثه لقناة
الجزيرة حول هذا الموضوع : ” إنَّ الشعب الأمريكي ضحية تلاعب وسائل الإعلام
الأمريكية ،إنَّ المجتمع الأمريكي مجتمع مادي ،ويخشى كل واحد أن يفقد وظيفته
،فنخاف ونصدق ما تقوله الحكومة لنا من أنَّها ضد الشر والإرهاب ،والإعلام يدفع إلى
الجنس والعنف ،والشعب الأمريكي لا يدرك ما هو حاصل ،وكثر هم الذين لا يريدون أن
يعرفوا لأنَّهم لو عرفوا فسوف يتألمون ،يقال إنَّنا دولة ديمقراطية ،ولكن الحقيقة
ليست كذلك، فالفرد يشعر بالعجز والتحجيم بسبب تركز القوة الاقتصادية في يد فئة
معينة”. وهو يقصد اللوبي الصهيوني بالفئة المعينة.

6-  
أمَّا عن قول الإدارة الأمريكية بأنَّها ستحرر الشعب
العراقي من الحكم الديكتاتوري المستبد ،ليتمتع بالديمقراطية ،فهذا قول كاذب يدحضه
تاريخ الولايات المتحدة ،والواقع الذي شاهدناه وسمعناه.من ذلك:                                                                                     
                                                                                                                          

  أ ـ فلقد  تحدثت أمريكا عن الديمقراطية عشرات السنوات،
تقول: هذا مواصفاته غير ديمقراطية يجب أن أزيحه كرئيس ، وتتهم أنظمة بأنها أنظمة غير
ديمقراطية، لأنها لم تأت  عبر صناديق
الاقتراع، في حين نجد موقفها مناقضاً لما تقول تجاه (هوجو تشافيز) في (فنزويلا)،
الذي انتخب من خلال صناديق الاقتراع؟ وانتخب في 1997 بالأغلبية..و أُعيد انتخابه
في 2001 بأكثر من 75% من الأصوات، حزبه يكسب في الجمعية الدستورية  (البرلمان)، 120 من أصل مقعد، ماذا فعلت
الولايات المتحدة؟ حملة إعلامية لتشويه النظام.

ب
ـ   إنَّ الإدارة الأمريكية في تدخلاتها
العسكرية دائما تناصر الطغاة والديكتاتوريين على شعوبهم المستضعفة، وقد كشف عن هذه
الحقائق السيد رمزي كلارك ،وزير العدل الأمريكي الأسبق في حديثة للجزيرة؛إ ذ قال
“في عام 1953م أعدنا الشاه إلى الحكم ،وكانت مأساة عظيمة للشعب الإيراني
،،وفي الكونغو وجنوب وسط أفريقيا جعلنا موبوتو في الحكم الذي حرم الشعب من ثرواته
37 عاماً،،وفي شيلي أسهمنا في قتل سليفادور ، وأمسكنا الحكم  للجنرال “بنشي” السلطة  حكم البلاد بقبضة من حديد وأسميناه معجزة ،ل أنَّه
كان يخدم مصالحنا الاقتصادية، وفي الفلبين أعدنا ماركوس الدكتاتوري للحكم “

وقد
أيَّد هذا القول “روجر موريس” الذي كان 
موظفاً في وزارة الخارجية الأمريكية، وعضواً في مجلس الأمن القومي الأمريكي
في إدارتي الرئيسين السابقين ليندون جونسون ،وريتشارد نكسون ، بل كشف النقاب عن
حقيقة غائبة عن الكثيرين ،وهي أنَّ المخابرات الأمريكية “سي .آي.إيه هي التي
وضعت صدَّام حسين في السلطة ،وكانت وراء انقلاب عام 1968 م  في العراق ،فيقول “روجر موريس:  ( إذا نجحت ( يقصد أمريكا) في تشكيل حكومة في
العراق بعد الحرب، لن تكون هذه هي المرة الأولى التي تلعب فيها واشنطن دوراً
رئيسياً في تغيير حكام العراق). على الأقل وفقاً لرأي روجر موريس الذي يقول: أنَّ
لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي أي ايه) يداً في انقلابين في العراق في
أحلك أيام الحرب الباردة، منهما انقلاب في العام 1968 وضع صدام حسين بقوة على طريق
السلطة.)

 ويقول أيضاً : إنَّ وكالة الاستخبارات المركزية
الأميركية ساعدت في تدبير انقلاب دموي في العراق للإطاحة بحكومة عبد الكريم قاسم
ذات التوجه السوفيتي في عام 1963، أي بعد عامين من محاولة أميركية للإطاحة
بالحكومة الكوبية.

   وأضاف موريس، مشيرا إلى انقلاب في إيران أعاد
الشاه إلى السلطة، مثلما كان الحال في إيران في العام 1953 كان هناك أموال أميركية
بل ومشاركة أميركية على الأرض.
واغتيل قاسم، الذي سمح للشيوعيين بتولي مناصب حساسة في حكومته، بمدافع رشاشة.
وسقطت البلاد في أيدي حزب البعث. ويقول موريس أن صدام حسين كان في ذلك الوقت عضواً
في حزب البعث يدرس القانون في القاهرة. ويضيف أن حاكم العراق السابق الذي وصفه
الرئيس الأميركي جورج بوش بأنه “أكثر المستبدين وحشية” كان يتلقى في الواقع
راتباً من وكالة الاستخبارات المركزية في تلك الأيام.

   ويضيف قائلاً أنَّ وكالة الاستخبارات المركزية
شجعت عناصر في حزب البعث على القيام بانقلاب قصر بعد ذلك بخمس سنوات بقيادة احمد
حسن البكر الذي يرعى صدام منذ فترة طويلة والذي سلمه السلطة في العام 1979. وقال
:إنَّه نظام ولد على أيدي الولايات المتحدة بلا شك وكانت مشاركة (وكالة
الاستخبارات المركزية) هناك رئيسية حقا.

ورفض
متحدث باسم وكالة الاستخبارات المركزية التعليق على  ما ذكره موريس عن دور الوكالة في الانقلابين،
لكنه قال أنَّ تأكيد موريس بأنَّ صدام حسين حصل على أموال من الوكالة “يثير
السخرية بشكل قاطع”.

ويقول
موريس، الذي استقال من مجلس الأمن القومي في العام 1970 احتجاجاً على الغزو
الأميركي لكمبوديا، أنَّه علم بتفاصيل التدخل الأميركي السري في العراق من مسؤولين
كبار في وكالة الاستخبارات المركزية آنذاك.

وأصبح
موريس، البالغ من العمر 65 عاما الآن، كاتب السيرة الذاتية لنيكسون ويؤلف في الوقت
الراهن كتاباً عن العمل السري الأميركي في أفغانستان والعراق. وقال موريس، في
مقابلة في سياتل حيث يعد كتابه، “ارتبطنا بعلاقات مع هؤلاء الناس من دون أن
نعرف حقيقة أي شيء عن سياستهم”. وتابع “وبالطبع كان هذا شيئا مألوفاً للسياسة
الأميركية”
[3].
تعبنا من هؤلاء الناس ووجدنا مبررات لخلعهم.

 
(رويترز)

 أمَّا الادعاء بأنَّ العراق سيبدأ عهداً من
الديمقراطية في ظل الاحتلال الأمريكي ،فهو قول يناقض نفسه ؛إذ كيف تأتي ديمقراطية
على دبابة عسكرية ،وقصف جوي بأفتك الأسلحة المدمرة من قنابل وصواريخ ،تحمل الأطنان
من المتفجرات ،ومواد مشعة ،تلوث البيئة ،وتقضي على الحياة في المناطق الملوثة بها؟

 
وبقوة السلاح تفرض قوات الاحتلال الشخصيات التي تريد توليتها السلطة
لأنَّها موالية لها ،رغم إعلان الشعب رفضه لها ،فمظاهرات الشعب العراقي في أم
القصر التي أعلن فيها المتظاهرون أنَّ المعارضة العراقية المشاركة في المؤتمر الذي
نظمته الإدارة الأمريكية لهذه المعارضة في أم القصر لا تمثل الشعب العراقي ،وأنَّ
الممثل لهم هي الحوزة العلمية الإسلامية، بل نجد القوات الأمريكية أطلقت النيران
على المتظاهرين المعارضين على تنصيب “مشعان الجبوري “حاكماً لمدينة
الموصل ،فقتلت عشرة ،وأصابت مائة آخرين، وقال شهود عيان ومصابون أنّ جنوداً
أمريكيين قد أطلقوا النَّار على حشود مناهضة لحاكم المدينة الجديد مشعان الجبوري
الذي كان يمتدح الولايات المتحدة في ساحة مبنى المحافظة .

هذه
هي الديمقراطية الأمريكية : إنَّها ديمقراطية تفرض عليك بقوة السلاح ما تريده هي
،وإن عارضتها قتلتك أو هددتك بعقوبات دولية وحصار اقتصادي ،وعزلك عن المجتمع
الدولي ،ومصادرة أموالك ،أو أتهمتك بالإرهاب وبت مطارداً يستباح دمك ،وتصرف مكافآت
مالية لقتلك أ, للإرشاد إليك ،فهي لم تكن راضية عن فتوى الأزهر بوجوب القتال مع
الشعب العراقي ،ولم تكن راضية عن تسمية غزوها للعراق بالعدوان ،فاحتجت وزارة
خارجيتها ،وأعلنت أنَّ الأزهر مؤسسة إرهابية ،وقد تطالب مصر بحل الأزهر وإلاَّ
ستفرض عليها عقوبات اقتصادية بتهمة إيوائها ودعمها ورعايتها لهذه المؤسسة الإرهابية
.

  وانطلاقاً من ديمقراطيتها تطالب الحكومات
العربية تكميم كل الأفواه التي تعارض السياسة الأمريكية مع البلاد العربية
،واحتلالها لأفغانستان والعراق ،وانحيازها الكامل لإسرائيل، في الوقت التي تطلق
العنان لصحافتها مهاجمة البلاد العربية والإسلامية ،بل مهاجمة للإسلام ،ونيلها من
الرسول صلى الله عليه وسلم ،في حين  يُقاضى
كل من يقول حقيقة  تدين  اليهود تدين بتهمة العداء للسامية.

وانطلاقاً
من ديمقراطيتها التي تريد أن يتمتع بها الشعب العراقي ،رصدت 75 مليون دولار ،من
مال الشعب العراقي ،لوضع مناهج تجعل من الشعب العراقي عبداً خاضعاً للأمريكان، يقبل
احتلالهم لبلده ،ونهب خيراته ،ولا يعارض ،ولا يقاوم الاحتلال ،ولا ينتقد السياسة
الأمريكية ،ويرحب بالوجود الإسرائيلي عندما تسلم أمريكا بلده لإسرائيل ،كما سلَّمت
بريطانيا فلسطين لإسرائيل.

وانطلاقاً
من ديمقراطيتها الزائفة تريد أن تجعل المناهج الدراسية في  مصر والسعودية وسوريا ولبنان ،تُنشئ أجيالاً
تدين بالولاء والتبعية لأمريكا بحيث لا توجد أصوات تعارضها.

وانطلاقاً
من ديمقراطيتها المذيفة ،قصفت مكتب قناة الجزيرة في كابول أثناء غزوها لأفغانستان
لئلا تنقل الحقائق للعالم ،وتكشف جرائم قتلها للمدنيين ،والخراب الذي يلحق بالقرى
والبيوت والمساجد والمنشآت المدنية.

وانطلاقاً
من ديمقراطيتها الزائفة قصفت مكتبي قناتي 
الجزيرة وأبي ظبي في بغداد ،وفندق فلسطين حيث يقطن جميع مراسلي وكالات
الأنباء والصحف والقنوات العربية والأجنبية ،وقتلت ثلاث صحفيين وجرحت أربع ،لتخرس
أصواتهم ،لئلاً ينقلوا للعالم الجرائم التي ترتكبها في حق الشعب العراقي ،والتي
تخفيها عن الشعب الأمريكي وشعوب العالم ،فقصف الأحياء المدنية والأسواق الشعبية
،وقتل الألوف من المدنيين ،وصور الجرحى الذين بُترت أيديهم وأرجلهم أو أصيبوا بشلل
أو بتشوهات في وجوههم وأجسامهم أو الذين فقدوا أبصارهم ،فهي تريد التعتيم على هذه
الجرائم البشعة ،لذلك نجدها أعلنت أنَّها غير مسؤولة عن توفير الأمن إلاَّ
للمراسلين والصحفيين الذين يكونون برفقة قواتها، أي أنَّها لا تؤمن إلاَّ من يسير
في فلكها ،وينقل للعالم ما تريد هي أن تنقله ،وتقوله ،وإلاَّ لما عطَّلت موقع
” الجزيرة نت”؟

وكانت
هذه الضربة تمهيداً لإعداد مسرح المشهد التمثيلي الذي شهدناه في ساحة الفردوس ساعة
دخول قوات المارينز بغداد ،حيث كان تمثال صدام حسين المنصوب في وسط هذه الساحة هو
بطل هذا المشهد الذي أختير دون التماثيل الأخرى الذي قيل إنَّها تفوق ألفي تمثال
،لأنَّها الساحة الوحيدة في بغداد التي تجمع فيها جميع مراسلي وكالات الأنباء و
الإذاعة والصحافة والتلفزيون العالمية قسراً حيث فرضت عليهم القوات الأمريكية هذا
الحصار لئلاَّ يتنقلوا بكاميراتهم في أحياء وشوارع بغداد ليسجلوا انطباعات الشعب
الحقيقة عند خول القوات الأمريكية بغداد ،وليس أولئك ” الكومبارس” الذين
جلبتهم القوات الأمريكية ،واتفقت معهم على أداء المشهد الذي رأيناه ،هذا ليس هراءً
،فقد ذكر بعض المواطنين المغاربة ـ كما أذاعت قناة الجزيرة ـ أنَّهم رأوا أقاربهم
،وهم عمّال يعملون في الكويت في مدينة أم القصر يرحبون بالقوات الغازية على أنَّهم
عراقيون ،وعندما سألهم أقاربهم لماذا فعلتم ذلك ،قالوا : لقد غرِّر بنا ،فقد
تعاقدنا في الكويت على القيام بأعمال في أم القصر بمبلغ مغرية ،وعندما وصلنا أم
القصر أُجبرنا على  القيام بذلك!

هذه
الديمقراطية الأمريكية التي تريد .

          فالهدف من هذا الغزو بات واضحاً
ومكشوفاً ،وقد صرَّح به الغزاة أنفسهم ،وهو الاستيلاء على دول المنطقة وتغيير
خريطتها وتجزئتها ،وفرض الشرق الأوسطية علينا ،أي الهيمنة الصهيونية ،وإقامة دولة
إسرائيل الكبرى الممتدة من النيل إلى الفرات 
،ومن الأرز إلى النخيل أي من لبنان إلى الجزيرة العربية ،إلى خيبر والمدينة
المنورة ومكة المكرمة، كما تهدف في المرحلة الأولى من هذا الاحتلال إلى تهجير
الفلسطينيين إلى العراق ،وتحويل مياه دجلة والفرات إلى دويلة إسرائيل ،وبيع بترول
العراق لإسرائيل بثمن رخيص ،وإعادة تشغيل خط أنابيب الموصل ـ حيفا، وقد أغلق خط
الأنابيب الممتد إلى سوريا.

ولا
يغرنَّنا قول الإدارة الأمريكية أنَّها جاءت إلى العراق لتحريره ،وسوف تعود من حيث
أتت بعدما تستقر الأوضاع في العراق ،هذه الأوضاع التي لن تجعلها أمريكا تستقر ؛إذ
ستتبع سياسة “فرق تسد” ،هذا ما صرَّح به   السيناتور الجمهوري ‘بات روبرتس’ والذي يشغل
منصب رئيس لجنة
الاستخبارات
بمجلس الشيوخ ؛إذ كان  أكثر صراحة عندما
سئل حول بقاء القوات الأمريكية في العراق ، فردَّ في تصريح أدلى به
لمحطة فوكس نيوز بالقول
‘لقد جئنا لنبقي
‘.



سألته
المحطة.. كيف؟
!

فرد بالقولإنني أتذكر
عندما قال الرئيس السابق بيل كلينتون إننا سنبقي في البلقان لمدة عام
.. بقينا، والآن مرت 10 سنوات ونحن هناك
ومازلنا في حاجة إلى مزيد من الوقت

للبقاء.



إذاً
الخطة  الأمريكية معلنة وواضحة،
ومارتن انديك مساعد وزير
الخارجية الأمريكي السابق قال مؤخرا في حديث تليفزيوني
علينا أن نتبع منهج ‘فرق تسد’ حتى نستطيع تحقيق كامل أهدافنا
والبقاء
طويلا.

الآن يجري إذكاء الصراعات العرقية والطائفية بين العرب والأكراد وبين الشيعة والشيعة وبين
السنة والشيعة وبين الأكراد والتركمان وبين العشائر وبعضها
البعض، مطلوب أن ينهمك الناس في حروب داخلية لتبقى أمريكا وتظل
مسيطرة على النفط
ولتحقق خطتها
كاملة دفعة واحدة
..

وأمريكا ليست وحدها التي تخطط، هناك الخبراء الإسرائيليون الذين يستبيحون أرض العراق في الوقت الراهن، هناك
عمليات الاغتيال
التي تتم في
تكتم شديد للعلماء والعقول العراقية بواسطة عناصر الموساد
.

لقد أصدر بعض حاخامات
اليهود فتوى يؤكدون فيها أن العراق تدخل ضمن حدود دولة إسرائيل الكبرى ،وأنَّهم
سيطالبون بضمها إلى دولتهم التي يجب أن تمتد من النيل إلى الفرات
.

وهذه القضية لا
تجري في غيبة من الولايات المتحدة، بل إنَّ أحد الأهداف الأساسية لهذا
العدوان هو تحقيق حلم
إسرائيل الكبرى، ولذلك يجري تسكين الوضع بطرح ما يسمى بخريطة
الطريق مجدداً للتمهيد لتصفية القضية وإجبار حكومة ‘أبو مازن’
على شن حرب ضد
المقاومة
لإشعال الحرب الأهلية حتى يجد شارون مبرراً لإغلاق ملف التسوية وتهجير
الفلسطينيين إلى الخارج.
[4]

Suhaila_hammad@hotmail.com


[1] – قسم العلوم السياسية بجامعة
ماساشوستس في امهيرست.
[2] – المسلمون في أمريكا : ص 171.
[3] – جريدة السفير اللبنانية بتاريخ 19/4/2003م ،عن رويترز.
[4]  الأستاذ مصطفى بكري :
أبشركم خيراً ،جريدة الأسبوع ،العدد 321 ،26/2/1424الموافق 28/4/2003م.

Leave a Reply