لماذا يكره العالم أمريكا ؟ (3)
بقلم د. سهيلة زين العابدين حمّاد
موقف أمريكا من القضية الفلسطينية
عملية بولدر

تتطرق الباحثة إلى هذه العملية التي تشبه مع ما يتعرض له العرب والمسلمون الأمريكان بعد أحداث الحادي عشر سبتمبر ممَّا يؤكد أنَّ الإدارة الأمريكية تميز بين رعاياها ، وأنَّها تضطهد رعاياها من المسلمين والعرب ، فتقول : ( وقد اتصفت السبعينيات بالأسى المتزايد في الدوائر العربية ممَّا عجَّل بقيام منظمة التحرير الفلسطينية بهجمات ضد أهداف إسرائيلية أسفرت عن زيادة المشاعر المعادية للعرب في الولايات المتحدة ،وأخضعت خطة عرفت باسم ” عملية بولدر” الأمريكيين العرب لمراقبة مكتب التحقيقات الفيدرالي ، وأفضت إلى صدور بعض البيانات الطائشة من زعماء أمريكيين ،بما في ذلك الاتهام العلني الذي وجهه ” جيرالد فورد ” الذي كان في ذلك الحين عضواً في الكونجرس ،بأنَّ الأمريكيين العرب عملاء للصين الشيوعية . )
أهداف اتفاقية كامب ديفيد وسياسة “كارتر” المكيال بمكيالين
وتتحدث الباحثة ” إيفون ” عن أهداف اتفاقية “كامب ديفيد ” وسياسة المكيال بمكيالين التي اتبعتها الحكومة الأمريكية في عهد جيمي كارتر ، وعند مقارنتنا لها بسياسة “جورج بوش الابن ” نجد سياسة بوش أشد وطأة منها ،تقول الباحثة : ( واستمرت سياسة الكيل بمكيالين لملحوظة في عهد حكومة “جيمي كارتر” ،وبلغت ذروتها في اتفاقية ” كامب ديفيد” ،وينظر العرب إلى هذا الاتفاق الذي أشاد به الغرب أيما إشادة على أنَّه إسفين لتقسيم العالم لعربي ،وعزل مصر ،وإطلاق يد إسرائيل في إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط ،وقد بدا أنَّ الرئيس كارتر أيَّد في وقت مبكر من رئاسته في بيان لني أصدره في بلدة ” كلينتون” بولاية ” ماساتشوسيتس”حق الفلسطينيين في تقرير المصير ، فقال : ” يجب أن يكون هناك وطن مخصص للاجئين الفلسطينيين الذين قاسوا لسنوات كثيرة جداً ” بيد أنَّه يبدو أنَّ إسرائيل افترضت بعد اتفاق ” كامب ديفيد” أنَّ لها لحق في مواصلة إنشاء المستوطنات في الضفة الغربية بمصادرتها للأراضي العربية ،وأذعن كارتر لذلك تحت ضغط قوي وصريح من دوائر النفوذ الإسرائيلي ،وبشكل أثار خيبة أمل شديدة لدى جماعة المسلمين الأمريكيين.)
حكومة ريجان والمصالح الإسرائيلية
وتتحدث الباحثة عن حكومة “رونالد ريجان” الذي صادف توليه الحكم مع سقوط شاه إيران ،وتأسيس جمهورية إيران الإسلامية ؛إذ تصاعدت فيها المخاوف من الأحوال الإسلامية فتقول : ( فقد كان سقوط الشاه وتأسيس جمهورية إيران الإسلامية ،بالاقتران مع احتجاز الطلاب الإيرانيين للرهائن الأمريكيين لمدة 444يوماً ،أموراً تنقلها شكل مثير الصحافة الأمريكية التي كانت تميل إلى لوم الإسلام والمسلمين عن كل ا يتعارض مع مصالح أمريكا ،وقد ترعب ريجان بهذه المخاوف أثناء فترة حكمه لكي يكسب تأييد الشعب الأمريكي لسياساته ،وكانت فترة رئاسته فترة من الإجهاد النفسي الشديد بالنسبة لجماعة المسلمين في الولايات المتحدة ،وكانت بيانات بعض أعضاء حكومته تعتبر عنصرية ومهينة للعرب وللمسلمين ،كما اعتبر أنَّ وضع نظرة الإدارة في هالة دينية من الصلاح المسيحي ـ اليهودي ،وتعميق هذا الإدراك يبغيان طمس الإسلام ،وإخماد جذوة الحماس الإسلامي. وقد تفاقم هذا الإدراك بفعل تقارير وسائل الإعلام من عدوة نظام الإيراني العنيدة تجاه الولايات المتحدة ،ثُمَّ أنَّ ريجان ـ الذي وصل إلى السلطة مستفيداً من المآسي المعنوية التي واجهت “كارتر ” ـ قد بدأ رئاسته بما اعتبر استهزاءً سمجاً بالإسلام والمسلمين ، ففي مقابلة صحفية مع مجلة “تايم” في نوفمبر عام 1980م ،نقل عنه قوله : ” إنَّ المسلمين يؤمنون بأنَّ طريق الوصول إلى الجنة هو أن يفقدوا حياتهم في قتال المسيحيين واليهود ” ،ولم تلق اعتراضات جماعة المسلمين الأمريكيين على هذا البيان آذاناً صاغية ،ولم تبدد البيانات والسياسات المتعاقبة المعلنة أثناء فترة حكمه هموم المسلمين ،وإنَّما كثَّفتها ،إذ أصبحت الحكومة أكثر تورطاً في المغامرات الإسرائيلية في لبنان ، والعراق وتونس وإيران ، وقرابة نهاية حكم ” ريجان” أسفر هذا الانغماس عن تحول تصور “ريجان” لما يسميه ” امبراطورية الشر” ـ نلاحظ هنا مصطلح “امبراطورية الشر ” ،يقابله مصطلح بوش ” محاور الشر” ـ والتي كان يشعر بأنَّه مطالب بدحرها ببطولة من الشيوعية إلى الإسلام . ويبدو واضحاً أنَّ “ريجان” قد عمل عند توليه منصبه ،هو وأول وزراء خارجيته ” الكسندر هيج ” على تبني وجهة النظر الإسرائيلية عن الشرق الأوسط ،فقد أعلنا أنَّ حجر الزاوية في السياسة الخارجية للولايات لمتحدة سيتحول من هموم حقوق الإنسان إلى مكافحة الإرهاب ،وفي غضون ذلك غلَّفت الولايات المتحدة تدخل إسرائيل في لبنان ومغامراتها ثقيلة الوطأة هناك بهالة من الاستحسان ،كانت الكومة لإسرائيلية قد تبنت أسلوب الإشارة إلى الفلسطينيين بوصفهم إرهابيين ممَّا أفضى إلى إضفاء المشروعية على جميع السياسات الإسرائيلية الخاصة بتدمير البيوت ،والقصف العشوائي ،والترحيل والطرد بوصفها سبلاً للرد على الإرهاب ،وكان “جورج شولتز” الذي خلف ” هيج ” كوزير للخارجية ،أقوى مؤيدي مكافحة الإرهاب ،وعادة ما كان يشن أعنف هجماته على الأنشطة الإرهابية أمام الجماهير الصهيونية ،وقد دأبت حكومة ريجان على استخدام سياسة ” الليكود” في الإشارة إلى الفلسطينيين بوصفهم إرهابيين وليس كشعب ، وأعلن الوزير ” شولتز” أنَّه يحبذ النمط الإسرائيلي في التعامل مع الإرهابيين ،ممَّا أفضى إلى إنشاء ” معهد جوناثان” لمكافحة الإرهاب بمساعدة من مصادر صهيونية ،وكان كتاب سفير إسرائيل لدى “الأمم المتحدة” عن الإرهاب نصاً تتعين قراءته من جانب أعضاء الحكومة ،وحتى مداولات أعضاء حكومة ” ريجان” كانت تتقرر بفعل ما يقوله الإسرائيليون لهم أنَّها أسئلة يجوز توجيهها وأجوبة يجوز التفكير فيها ، وخيارات يجوز اتباعها ،وكانت إسرائيل تعتبر شريكة أمريكا من حيث كونها هدفاً للإرهاب . ونتيجة لذلك ،وبما ترتب عنه من عواقب مؤسفة للمسلمين الأمريكيين ،فإنَّ المجتمع التعددي الأمريكي أصبح يعرَّف من قبل الحكومة على نحو متزايد بأنَّه مجتمع يهودي ـ مسيحي. )
هذا وعند مقارنتنا سياسة ريجان بسياسة “جورج بوش الابن” نجد جورج بوش1 يتبع خطى ” ريجان ” ويحذو حذوه ، وإن تفوَّق عليه بإعلان القدس عاصمة أبدية لإسرائيل ,وبافتعال أحداث سبتمبر ليضرب الإسلام ،ويعلن الحرب عليه وعلى المسلمين واصفاً إياهم بالإرهابيين.
البعد الديني لقرار الكونجرس الأمريكي بضرورة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل
هذا ما سأحدثكم عنه في الحلقة القادمة إن شاء الله.

Suhaila_hammad@hotmail.com

[1] – لمرجع السابق : ص 270.

Leave a Reply