معاوية رضي الله عنه المفترى عليه “2-2”
لو كان معاوية وراء قتل علي، كيف يتنازل الحسن عن الخلافة لقاتل أبيه ويبايعه وأخوه الحسين
د. سهيلة زين العابدين حماد
الثلاثاء 17/04/2012
أواصل الحديث عمّا يتعرض له سيدنا معاوية رضي الله عنه من افتراءات من قبل البعض، وامتدت هذه الافتراءات إلى بعض كتب الحديث مثل صحيح مسلم، ومسند الإمام أحمد، بل امتدت أيضًا إلى كتب التاريخ التي تدرس في أقسام التاريخ في معظم جامعاتنا في البلاد العربية، مثل: «كتاب تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي» للدكتور حسن إبراهيم حسن، هذا الكتاب كان مقررًا عليّ أثناء دراستي الجامعية في كلية الآداب قسم تاريخ بجامعة الملك سعود، ومعروف أنّ مؤلفه تأثر كثيرًا بأساتذته المستشرقين، ونقل عنهم في كتابه هذا، وممّا نقله عنهم، ما كتبه المستشرق نيكلسون من هجوم على الأمويين، ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، ومن قول هذا المستشرق «اعتبر المسلمون انتصار بني أمية وعلى رأسهم معاوية انتصارًا للأرستقراطية الوثنية التي ناصبت الرسول وأصحابه العداء.. إلى أن يقول «إنّ جمهور المسلمين يرون بين الأمويين رجالًا لم يعتنقوا الإسلام إلّا سعيًا وراء مصالحهم، ولا غرو فقد كان معاوية يرمي إلى جعل الخلافة ملكًا كسرويًا، وليس أدل على ذلك من قوله: «أنا أول الملوك» (د. حسن إبراهيم حسن: تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماع، 1/ 278، 279).
هذا الكلام درّس لنا في قسم التاريخ، فمعاوية رضي الله عنه افترى عليه المحدِّثون والمؤرخون، ثم جاء الشيخ أحمد الكبيسي ليكمل حلقة الهجوم والافتراءات بقوله: «إنّه وراء مصيبة هذه الأمة وبلائها، متهمًا إياه بأنّه وراء الفتنة، وهذه مغالطة تاريخية كبرى، فمعروف أنّ الفتنة مكيدة يهودية تزعمها عبدالله بن سبأ اليهودي الذى أظهر الإسلام، وأبطن الكفر به والحقد عليه، والكيد له حتى تمّ له إشعال الفتنة بين المسلمين، وتقسيمهم شيعًا وأحزابًا، وكانت البداية في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفّان رضي الله عنه، فقد تناقل الناس بوادر فتنة سياسية تُنكر فضل قريش تزعمها مالك بن الحارث النخعي المعروف بـ «الأشتر»، وبادر بمعالجتها سعيد بن العاص والي الكوفة، ومعاوية بن أبي سفيان والي الشام بحكمة وسياسة، وكذلك ظهرت في البصرة بوادر إخلال بالأمن بزعامة رجل من بني عبد القيس الذي أغار على أرض فارس، وأفسد في الأرض، ومعه عصابة من المفسدين، فشكاه المسلمون وأهل الذمة إلى عثمان رضي الله عنه، فأمر بفرض الإقامة الجبرية عليه وعلى من معه، وعدم خروجهم من البصرة، وسمع يهود اليمن بهذه الأخبار، وأسرع رجل يهودي يتصف بخبث كثير اسمه «عبدالله بن سبأ»، واشتهر بـ «ابن السوداء إلى البصرة، متظاهرًا بالإسلام، ونزل عند زعيم عصابة العدوان من عبد القيس، واجتمع بعصابته، وبث فكرة التشيع لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، بقوله «إنّ لكل نبي وصيًا، وعليًا» وصي لمحمد، ومحمد خاتم الأنبياء، وعلي خاتم الأوصياء»، والتف بعض الناس حوله فأخرجه والي البصرة، فذهب إلى الكوفة واتصل بمثيري الشغب هناك وألبهم على سيدنا عثمان، فأخرجه والي الكوفة فذهب إلى مصر، وألب الناس ضد عثمان، وقدموا إلى المدينة محاصرين بيته مطالبينه بالتنازل عن الخلافة، وكاد ابن سبأ لقتله فقتل عثمان، وكاد أيضًا لقتال المسلمين فيما بينهم حتى قتل عليًا رضي الله عنه، فقد تآمر ثلاثة من الخوارج على قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص رضوان الله عليهم، ونجح قاتل علي، ولو كان معاوية وراء قتل علي رضي الله عنهما كيف الحسن يتنازل عن الخلافة لقاتل أبيه ويبايعه هو وأخوه الحسين رضي الله عنهما؟!