القوى المسيطرة على القرار السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية
بقلم د. سهيلة زين العابدين حمّاد
خاص لقراء وقارئات المدونة الأعزاء، فهذه المادة لم يسبق نشرها.
مما يجري الآن في الولايات المتحدة، يظهر لنا أنَّ هناك أربع قوى أساسية تسيطر على القرار السياسي، المجموعة الأولى صقور المحافظين في الإدارة الأميركية، والمجموعة الثانية: اللوبي اليهودي الصهيوني.
والمجموعة الثالثة: هي إلى يمين المسيحي المتصهين، وهو جناح متصهين يدِّعي أنه مسيحي ، وأخيراً هناك شركات النفط وشركات السلاح التي يمتلكها صنَّاع القرار الأمريكي ، وهؤلاء المجموعات الأربع لهم مراكز أبحاث وصحف وصحفيين مثل السيد فريدمان الصهيوني في جريدة “نيويورك التايمز” الأمريكية التي يملكها أحد اليهود الصهاينة ،وهم يعبرون عن مصالحها، وهؤلاء هم الذين يتحكمون القرار السياسي، وكلنا يعرف مدى سيطرة اليهود الصهاينة على الإعلام الغربي بصورة عامة ، والإعلام الأمريكي بصورة خاصة .أمَّا الشعب الأميركي فهو يتعرض لعملية تجهيل وتضليل وغسل دماغ من قبل الإعلام الصهيو أمريكي بالقدر الذي يجعل هذا الشعب يؤيد كل مخططاتهم الاستعمارية بدعوى محاربة الإرهاب و حماية حقوق الإنسان المهدرة في هذه الدول وتحرير الشعوب المضطهدة وإحلال الديمقراطية محل الظلم والاستبداد.
دور اللوبي اليميني الصهيوني داخل الإدارة الأميركية في تأجيج الصراع
ومخطط القضاء على الإسلام أعلنته البابوية والإدارة الأمريكية ، فقد أعلن البابا في المجمع المسكوني الثاني عام 1965م بأنَّهم سوف يعملون من أجل استقبال الألفية الثالثة بلا إسلام ،وأعلن مؤتمر التنصير الذي عقد في كلورادو بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1978م بأنَّ الحضارة الإسلامية شر برِّمتها يجب اقتلاعها من جذورها، وأنَّ كلمتي “مسجد” و”مسلم” تستفزهم . وقد صرَّح نائب الرئيس الأمريكي في حفل الأكاديمية البحرية الأمريكية بولاية ماريلاند أنَّهم قد أخيفوا في هذا القرن بثلاث تيارات هي الشيوعية والنازية والأصولية الإسلامية ،وقد سقطت الشيوعية والنازية ، ولم يبق أمامهم سوى الأصولية الإسلامية ، فما أعلنه الرئيس الأمريكي “جورج بوش ” أنَّ حربه على الإرهاب هي حرب صليبية على الإسلام لم تكن زلة لسان ،وكل الأحداث التي حدثت والمُخطط لها تؤكد أنَّ هناك حرباً شرسة على الإسلام على مختلف الجبهات ، وقد صرَّحت البروفسورة ” لارا دريك “مديرة المركز الإستراتيجي للشرق الأوسط ،ومدير تحرير مجلة ” شؤون الشرق الأوسط لقناة الجزيرة في برنامج ” بلا حدود ” الذي أذيع يوم الأربعاء بتاريخ 4/9/2002م بأنَّ المخطط الأمريكي يقوم على ضرب العراق ،وبعد الانتهاء من ذلك يتجه إلى إيران ، ثمَّ يقف بجنوده على حدود السعودية ،ويجعلها أمام خيارين إمَّا تتخلى عن دورها الديني أو تجتاحها تلك الجيوش. ونشرت جريدة معاريف الإسرائيلية أنّ الهجوم على العراق تكتيكي ،والهجوم على السعودية استراتيجي ،والجائزة الكبرى مصر ، ويؤكد قول السيدة “لارا دريك” ما صرَّح به طوني بلير في جلسة مجلس العموم البريطاني التي عقدت يوم 22 محرم ،الموافق 25 مارس عام 203م بأنَّ الدور على إيران بعد العراق، وكما يبدو أنَّ الصواريخ التي ألقيت على إيران لم تكن عن طريق الخطأ ، وإنَّما لاستفزاز إيران التي بدأت الإدارة الأمريكية في فتح ملفها النووي لتوجد لها مبرراً لغزوها .فافتعلت الإدارة الأمريكية أحداث سبتمبر بالتواطؤ مع مخابراتها والمخابرات الإسرائيلية ،لإلصاقها بالعرب والمسلمين ،ولا سيما السعوديين لأنَّهم يمثلون مهد الإسلام ،وذلك بتشويه صورة الإسلام والمسلمين باتهامهم بتهمة الإرهاب ،وجعلهم المتورطين في الأحداث خمسة عشر سعودياً لجعل ذلك مبرراً لهم لاتهام السعودية أنَّها تُفرِّخ الإرهاب
هذا وقد نشر الكاتب الأميركي (مارك وبر) تقريراً على موقع Reports نشرته “الخليج” الإماراتية في 15 أكتوبر عام 2002م يقول فيه: أن اللوبي الصهيوني في الإدارة الأميركية هو الذي يدفع بالحرب ضد العراق لمصلحة إسرائيل أولاً، في 26 سبتمبر الماضي نشرت صحيفة “الحياة” تقريراً عن نيويورك الأمريكية ((New York Review of books نشرته في نفس اليوم.. قالت فيه: إن اللوبي المحيط ببوش يحضه على قتال العراق لأن إطاحة صدام هي التي سوف تمكن إسرائيل من اختيار السلام الذي تريد في المنطقة، الأمر ليس بيد بوش”. وإدارة بوش الحالية يهود صهاينة وإسرائيليون يحملون الجنسية الإسرائيلية مثل : (ريتشارد بيرل) أحد مستشاري سياسة بوش الخارجية وهو مهندس حرب العراق والمخطط لها ، ورئيس مجلس سياسة الدفاع في البنتاجون معه جنسية إسرائيلية، (بول وولفويتس) نائب وزير الدفاع أحد أصدقاء (بيرل) المقربين، (دوجلاس فيس) مساعد مستشار السياسة والدفاع في البنتاجون أيضاً يهودي (إدوارد لوك) عضو فريق أبحاث الأمن القومي في وزارة الدفاع .. أخطر شيء (كولن باول) جده الأكبر جامايكي الأصل أو جده الأعلى يهودي وهو يتقن (البيدية) وهي لغة يهودية، فيوجد 32 شخصية كثير منهم يحملون الجنسية الإسرائيلية . وكاتب خطابات الرئيس الأميركي (مايكل جيرسون) كتبت عنه “الواشنطن بوست” تقريراً تقول فيه:” إنَّه كان واعظاً دينياً يمينياً متطرفاً، وأنَّه الآن أكثر كُتَّاب خطابات الرئيس نفوذاً داخل البيت الأبيض، وأنَّه يضع عبارات دينية في خطاباته للحض من أجل الحرب ضد المسلمين وضد العالم الإسلامي”.
في الثالث من مارس عام 2003م قال السيناتور موران: إنّ الحرب التي تخيم على العراق هي نسيج أيدي اليهود الأمريكيين. وإنه لولا دعم المجموعة اليهودية القوي لهذه الحرب لكنا تصرفنا بشكل مختلف. في ذلك الوقت كانت الحرب مجرد شبح يثير القلق والمخاوف. أما الآن وبعد وقوعها فقد منع الكلام. ذلك أنّ المجموعة اليهودية التي دفعت الولايات المتحدة إلى الحرب، تمارس كل ما لديها من نفوذ للتشهير بالسيناتور الكاثوليكي، لحمله على الاستقالة من عضوية الكونجرس.
لقد اضطر موران إلى الاعتذار مثنى وثلاثاً ورباعاً، ولكن حملة التشهير لم تتوقف. فقد اتهم كما هو متوقع باللاسامية، وأدرجت تصريحاته في إطار التحريض على التمييز العنصري – الديني، الأمر الذي يتناقض مع نص الدستور الأمريكي.
وبمثل هذه التهمة اضطر عضو آخر من الكونجرس هو (ترينت لوت) ممثل ولاية مسيسيبي إلى الاستقالة من الكونجرس في شهر ديسمبر – الماضي. مع ذلك فإن تصريحاته موران انتشرت في المجتمع الأمريكي انتشار النار في الهشيم، وما أن سلطت الأضواء على العناصر اليهودية في إدارة الرئيس جورج بوش, حتى اكتشف الرأي العام الأمريكي أن المفاتيح الرئيسية في هذه الإدارة تمسك بها العناصر ومنها (بول وولفويتز)، نائب وزير الدفاع و(ريتشارد بيرل) رئيس هذه القسم السياسي في الوزارة.
وكان بيرل أحد الثلاثة الذين عملوا كمستشارين لبنيامين نيتانياهو عندما كان رئيساً للحكومة الإسرائيلية، وأعدوا له في عام 1996التقرير الاستراتيجي الذي دعوا فيه إلى وجوب إزالة صدام حسين من خلال شن حرب على العراق.
أما العنصران الآخران فهما (دوجلاس فاث) و(دافيد وورمسر)، وهما يحتلان الآن موقعين قياديين في إدارة الرئيس بوش.
لم تعد هذه الحقائق مجهولة من الرأي العام الأمريكي، بفضل شجاعة شخصيات أمثال السيناتور موران والسيناتور (باث بوكاتن) المرشح السابق للرئاسة الأمريكية والذي أكد أن حرب الخليج في عام 1990 وقعت أيضاً بتحريض من وزارة الدفاع الإسرائيلية ومن المجموعة اليهودية في الولايات المتحدة!!، كذلك فإن الدكتورة شيري وليماس (زوجة الكاتب الأمريكي الشهير ريتشارد نيوستاد) والأستاذة في جامعة هارفرد تقولان الحرب على العراق أطلقها أصوليون المسيحيون والأصوليون اليهود في الولايات المتحدة. ونتيجة لاتساع دائرة اتهام اليهود الأمريكيين بأنهم هم الذين جروا الولايات المتحدة إلى الحرب فإن المظاهرات المناهضة للحرب في الولايات المتحدة تمنع اليهود من المشاركة فيها، كما حدث مع الحاخام (ميشال لارنر) في سان فرنسيسكو.
في ضوء هذه الوقائع المستجدة على الساحة الأمريكية، يبدو أن التاريخ يستعيد بعض وقائعه، ففي عام 1930 اتهم تشارلز ليندبرج (أول طيار أمريكي اجتاح المحيط الأطلسي منفرداً) اليهود الأمريكيين بجر الولايات المتحدة إلى حرب عبثية مع ألمانيا من أجل مصالحهم الذاتية فقط. ما أشبه اليوم بالبارحة. اليهود يأكلون الحصرم والأمريكيون يضرسون1
فالقرار الأمريكي يصدر من تل أبيب وليس من البيت الأبيض في واشنطن .
من هنا يتضح لنا أبعاد المخطط الصهيو أمريكي ، فاليهود يسعون إلى حكم العالم والسيطرة عليه ،وقد صرَّحوا بهذا في بروتكولاتهم التي يحاولون الآن أن يتبرأوا منها ويدَّعون أنَّها مزيفة نُسبت إليهم زوراً وبُهتاناً ، ومهما تبرأوا منها فهي ملصقة بهم لأنَّها لا تختلف في نصوصها على ما نص عليها تلمودهم وتوراتهم المحرَّفة ،والخطة الصهيوأمريكية لإعادة رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط ،والحرب على العراق ،وما سيتلوها من حروب في المنطقة تشمل السعودية وسوريا ولبنان ومصر وإيران وسائر البلاد العربية والإسلامية ، تستهدف القضاء على الإسلام وجعل لليهود الصهاينة السيطرة والهيمنة الاقتصادية والثقافية.
و قد جاء في البروتوكول الرابع عشر هذا النص :
“عندما نصبح حكاماً ،سنعتبر وجود أية ديانة باستثناء دياتنا أمراً غير مرغوب فيه ،معلنين وجود إله واحد ،يرتبط به مصيرنا بوصفنا شعب الله المختار الذي جعل من مصيرنا شيئاً مرتبطاً بمصير العالم ،وعلينا لهذا السبب أن ندمِّر جميع الديانات الأخرى ،ولهذا فإذا ظهر عدد من الملحدين مؤقتاً ،فإنَّ ظهورهم كمرحلة مؤقتة لن يتدخل في أهدافنا.”
لتكون ذريعة لغزوها من ضمن حملتها على الإرهاب. فاللوبي الصهيوني المحيط بالرئيس الأمريكي هو الذي يدفعه باتجاه الحرب.
والإرساليات التنصيرية بدأت تمارس أعمالها في البصرة الآن لتنصير أهالي البصرة مستغلين الوضع الذي وضعوا فيه أهل البصرة من قطع المياه والكهرباء عنهم وضرب مستودعات الأغذية ،وأنَّهم جاءوا باسم المسيح لإنقاذهم ،وإمدادهم بالماء والغذاء والعلاج بعدما أثخنوهم بالجراح!
وممَّا يجدر لفت الانتباه إليه أنَّ الذين ساعدوا الجنود البريطانيين على دخول البصرة اليهود العراقيين الموجودين في البصرة ،وهم الذين أشار إلى مساعدتهم المتحدث العسكري في سيليه ،حيث أشار إلى تعاون الأهالي في البصرة معهم، ولم يقل بالطبع اليهود.
فالأهداف من هذه الحروب واضحة ، وهي تحقيق مخططات الصهيونية في القضاء على الإسلام ،وحكم العالم ،من خلال بريطانيا عندما كانت عظمى ،وحصلت منها على وعد بلفور عام 1917م بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ،و الذي حققته لها في عام 1948م ،حيث أسقطت الخلافة العثمانية ، واستخدمت الشريف حسين في إسقاط هذه الخلافة ، ووعدته بوعود لم تنفذها ،وأعلنت انتدابها على فلسطين ثمَّ أنهت الانتداب عام 1948م ليعلن قيام دولة إسرائيل ،وعندما انتقل الثقل العالمي إلى الولايات المتحدة الأمريكية اتجهَّت إليها الصهيونية لتحقيق حلم اليهود بتكوين دولة إسرائيل الكبرى التي تمتد من النيل إلى الفرات ، ومن الأرز إلى النخيل أي من لبنان إلى المدينة المنورة وخيبر ،وأضافت مؤخراً مكة المكرمة بدعوى لأنَّهم حقاً فيها ؛إذ بناها جدهم إبراهيم عليه السلام، وكلنا يعرف أنَّهم أسقطوا من توراتهم رحلة سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى مكة المكرمة ليجعلوا الذبيح إسحاق وليس إسماعيل عليهما السلام ،وفي نفس الوقت يتحقق لأمريكا سيطرتها على بترول بحر قزوين وبترول الخليج ،وبيع ما تصنعه مصانعها من سلاح ،وتفرض على العالم بأسره نفوذها وثقافتها وسياستها ،بحيث لا يستطيع أحد أن يعارضها جاعلة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن مطيتان لإعطاء الشرعية لما تقوم به من حروب ، وحصار اقتصادي على الشعوب المستضعفة التي تريد افتراسها لنهب خيراتها وثرواتها ،وفي نفس الوقت تستخدم حق الفيتو تجاه أي قرار يتخذ ضد إسرائيل أو أية إدانة للعدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان ،ب ل نجدها تفرض حصاراً اقتصادياً على العراق لمدة ثلاثة عشر عاماً تمنع خلالها حتى الدواء عنه بحجة استخدام عناصر هذا الدواء في تصنيع أسلحة الدمار الشامل ، بل منعت عن العراق دخول أقلام الرصاص بحجة أنَّ مادة الرصاص قد تستخدم في صنع أسلحة الدمار الشامل ، وكان نتيجة هذا الحظر أن مات أكثر من مليون طفل عراقي لعدم وجود العلاج الذي يحتاجونه ، ووجود مئات الآلاف من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية ،وضمور في النمو العقلي والجسمي لعدم توفر الحليب والغذاء الذي يساعد على نموهم ،في حين نجد إسرائيل تمتلك كافة أسلحة الدمار الشامل بما فيها السلاح النووي ، وتشكل خطراً على دول المنطقة لمطامعها فيها ، ومع هذا لم يصدر أي قرار بشأنها ، ولا يجرؤ أحد أن يطالب بإرسال لجان تفتيش في إسرائيل لتدمير ما بها من أسلحة دمار شامل ، بل نجد الولايات المتحدة تضبط شبكات تجسس إسرائيلية في بلادها ،ولا تجرؤ على إعلان ذلك ،وكل الذي تعمله هو تسفير أعضاء شبكة التجسس سراً من الولايات المتحدة ،وأقربها سكوت الإدارة الأمريكية عن دهس الدبابات الإسرائيلية للناشطة الأمريكية التي جعلت من جسدها درعاً بشيراً للحيلولة دون هدم بيت فلسطيني ، ولو قامت بهذا العمل أية دولة عربية أو إسلامية لأعلنت أمريكا الحرب عليها ،وفرضت عليها عقوبات اقتصادية ،ولجمَّدت أرصدتها في جميع الدول ،ولجعلت دول العالم بأسره تطرد دبلوماسيها منها ،ولاتهمتها بأنَّها دولة إرهابية ،كل هذا يؤكد أنَّ القرار السياسي والعسكري الأمريكي يصدر من تل أبيب ،وليس من البيت الأبيض بواشنطن ،ولهذا ستظل أمريكا مكروهة من العالم .
[1] – محمد السماك : صحيفة الأهرام القاهرية 9/4/2003