تصاعد التمييز ضد المسلمين
بقلم / سهيلة زين العابدين حمّاد

الخليج الإماراتية في 3112006 م.

الولايات المتحدة الأمريكية بلد الديمقراطية والحرية ،البلد التي تناهض التمييز الديني والعرقي وتتدخل في شؤون الدول العربية والإسلامية الداخلية

 بحجة حماية حقوق الأقليات الدينية والعرقية يعاني حوالي سبعة مليون مسلم أمريكي يعيشون في أراضيها من التمييز ضدهم،فقد ارتفعت نسبة عدد شكواهم من التمييز ضدهم إلى 30% ،ومن أهم أسباب إرتفاع عدد شكاوى التميير النمو العام في خطاب العداء للمسلمين داخل المجتمع الأمريكي، والذي أغرق الإنترنت وبرامج الحوارات الإذاعية في الفترة التالية لأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001″.
هذا ما كشفه التقرير السنوي لمجلس العلاقات الإسلامية ـ الأمريكية (كير) حول الحقوق المدنية لمسلمي الولايات المتحدة عن مدى ارتفاع معدل التمييز ضدهم بنسبة نحو 30% في عام 2005 مقارنة بعام 2004،وهذه المنظمة هي أكبر منظمات الحقوق المدنية المسلمة الأمريكية، وتهدف إلى زيادة فهم المجتمع الأمريكي للإسلام، وتشجيع الحوار، وحماية الحريات المدنية، وتقوية المسلمين الأمريكيين، وبناء التحالفات المعنية بنشر العدالة والفهم المتبادل.

فقد رصد تقرير “كير” الذي صدر الأربعاء 20-9-2006، 1972 شكوى من عنف وتمييز وتحرشات تعرض لها المسلمون في الولايات المتحدة خلال العام الماضي، وهو أكبر عدد من حوادث التمييز التي ترصدها تقارير المجلس منذ بداية صدورها في عام 1995.

والرئيس الأمريكي جورج بوش يأتي في طليعة المحرضين على هذا التمييز ضد المسلمين بتصريحاته ،وتصريحات نوابه في الكونجرس ضد الإسلام والمسلمين ،فقد وصف الإسلام بالفاشية ،ووصف أحد نواب الكونجرس أئمة المساجد بأنَّهم إرهابيون ،في الوقت ذاته تمارس الإدارة الأمريكية الحالية ضغوطاً على الدول العربية والإسلامية لمنع نشر وإذاعة كل ما يكشف الجرائم الأمريكية وفداحتها التي تمارسها في العراق وأفغانستان وفلسطين ،وما تمارسه من جرائم أخرى في حق الشعوب العربية والإسلامية ،بل تمارس ضغوطاً عليها لعدم مساندة المقاومة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة في فلسطين بغتهامها بدعمها للإرهاب ؛إ أصبحت مقاومة الاحتلال إرهاباً في العرف الأمريكي البوشي ،كما فرضت الإدارة الأمريكية علينا قيوداً بعدم كشف الجرائم الإسرائيلية،واختراقها للقوانين والمواثيق الدولية بتبنيها قانوناً يسمى بالمعاداة للسامية،بل نجد الإدارة الأمريكية باتت تتدخل في المناهج الدراسية في البلاد العربية ،وتطالب بإلغاء الآيات القرآنية التي تصف اليهود ،وتكشف حقيقتهم ،وكذا آيات الجهاد ،كما نجدها تطالب بمنع تلاوتها في المساجد،ونجدها تتهم المناهج الدراسية في البلاد العربية أنَّها تنمي العداء ضدها ،وضد إسرائيل ،وتعتبرها تُحرِّض على الإرهاب ،في حين نجد مناهجها الدراسية ،ومناهج إسرائيل تحرض على كراهية العرب والمسلمين وتشوه تاريخهم وسيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام ،والخلفاء والقادة المسلمين ،وتزيف في التاريخ،فهي بحق تنمي العداء ضد الإسلام والعرب والمسلمين ،وتتحالف مع بابا الفاتيكان في إثارة الحملة على الإسلام والمسلمين ،واتهامه بالإرهاب ،وتريد منا أن نحذف كلام الله ونلغيه الذي يكشف حقيقة اليهود وزيفهم ،وتحريفهم للتوراة والإنجيل ،وعدم احترامهم للعهود والمواثيق ،وقتلهم للأنبياء ،وتشويهم سيرهم.

والسؤال الذي يطرح نفسه لمَ لا يواجه الساسة والقادة العرب والمسلمون الإدارة الأمريكية بهذه الحقائق ،,يطالبون الإدارة الأمريكية بتغيير مناهجهها الدراسية التي تسيء إلأى الإسلام والعرب والمسلمين ،وأن توقف حملتها الإعلامية المعادية للعرب والمسلمين ؟

لمَ يصمت الساسة والقادة العرب أمام هذه الهجمة الشرسة ضد العرب والمسلمين ،ولم يتخذوا أي إجراء يعبر عن إعتراضهم وغضبهم؟

لمَ تغلق دولة عربية سفارتها في دولة عربية أخرى لأنَّ قناتها التلفزيونية انتقدت بعض مواقف لها ؟

لمَ تكون المقاطعة بيننا نحن العرب ،ولا نقاطع الدانمرك ،أو الفاتيكان ،أو فرنسا ،أوبريطانيا الولايات المتحدة الأمريكية لإساءتهم للإسلام ،وللرسول صلى الله عليه وسلم ،وللدول العربية،واحتلال أمريكا لأفغانستان والعراق ،فمحاضرة بابا الفاتيكان بندكوتس السادس عشر ،ورفضه الاعتذار ،وحذف الجزء المسئ للإسلام من محاضرته يكفي لاستدعاء السفراء العرب والمسلمين من الفاتيكان،وحكم المحكمة الدانمركية بتبرئة الصحيفة المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم ،وإباحتها بذلك الإساءة إلى الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم يكفي لمقاطعة الدانمرك ،وتقرير واحد من مئات التقارير التي تصدرها الخارجية الأمريكية عن الحريات ،والحرية الدينية في البلاد العربية،يكفي لأن تستدعي الدول العربية سفراءها من تلك الدولة ،وتغلق سفاراتها ،بل ما احتواه برنامج المذيع بيل هاندل الذي أذاعته محطة راديو “KFI AM 640” التابعة لشركة كلير تشانل بمدينة لوس أنجلوس في 10 مارس 2004 على إساءات شديدة العنصرية للمسلمين والعرب؛ إذ اتهمت الفقرة الهزلية المسلمين بإقامة علاقات جنسية مع حيواناتهم، وتسخير النساء، وكراهية الاستحمام ،ورفضت المحطة الاعتذار،كان يكفي مثل هذا البرنامج غلق السفارات الأمريكية في البلاد العربية والإسلامية ،بدلاً من أن تغلق بعض البلاد العربية سفاراتها في بلاد عربية أخرى لبرامج انتقادية قدمت في محطاتها التلفازية الفضائية.

بل نجد إسرائيل تضرب في لبنان على مدى 33 يوماً تقتل وتدمر وتفجر وتُهجر ،بل تضرب قوافل المهجَّرين وسيارات الإسعاف ،ولم تقم دولة عربية ممن لها علاقات دبلوماسية بإسرائيل بسحب سفرائها من إسرائيل ،وقطع علاقاتها الدبلوماسية معها ،والولايات المتحدة الأمريكية التي رفضت وقف إطلاق النار ،وأقامت جسراً جوياً بينها وبين إسرائيل لإمدادها بالقنابل الذكية ،ومعدات عسكرية أخرى،والتي أخذت تدعم إسرائيل سياسياً وعسكرياً ،لم تقم ولا دولة عربية وإسلامية من سحب سفيرها من الولايات المتحدة الأمريكية حتى لبنان نفسها لم تسحب سفيرها من الولايات المتحدة الأمريكية ،وهذا من أهم أسباب إستضعاف هذه الدول لنا ؛إذ لو اتخذنا حيالها مثل هذه المواقف فستفكر ألف مرة قبل الإقدام على أية خطوة ،ولكنها تجدنا مهما عملت فينا فنحن نحاول استرضاءها و كسب رضاها ،وهذا يزيد من طغيانها علينا وظلمها لنا ،والطامة الكبرى الآن أن مسلمي بريطانيا يتعرضون لتمييز ضدهم ،فقد حذرت “لجنة مسلمي بريطانيا ورُهاب الإسلام” الحكومة البريطانية من أن التحيز ضد الإسلام يوجد شريحة من الشباب الساخط تشكل “قنبلة موقوتة” يحتمل أن تفجر أعمال عنف عرقية. وجاء التحذير بعد تحقيق اللجنة في ظاهرة “الإسلاموفوبيا” وهي الخوف المرضي من الإسلام.

وقالت اللجنة: إن مسلمي بريطانيا يشعرون بأنهم دخلاء في بلدهم بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. وأوصت بإلزام كل الهيئات العامة بالقيام بعمل إيجابي في منع التمييز على أسس دينية. كما طالبت بتشكيل لجنة بشأن رصد تأثير الدين في الحياة العامة.

فمتى تأخذ الدول العربية والإسلامية مواقف إيجابية موحدة تجاه استخفاف الولايات المتحدة الأمريكية والفاتيكان والدول الأوروبية بالإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم ،وبالعرب والمسلمين ،واتهامهم بالإرهاب ،وتوجيه حملات إعلامية ودينية وسياسية وثقافية وعسكرية ضدهم؟

………………………………………..
البريد اليكتروني : suhaila_hammad@hotmail.com

Leave a Reply