1-تصحيح الخطاب الإسلامي للمرأة

ولاية المرأة لا حاجة لها لفتوى لأنّ لا اجتهاد مع النص ( 4-4)

ولاية المرأة لا حاجة لها لفتوى لأنّ لا اجتهاد مع النص ( 4-4)
   د.  سهيلة زين العابدين حمَّاد
ملحق الرسالة بجريدة المدينة : الأحد 24 أغسطس 2008م
  أواصل الحديث عن ولاية بعض النساء الحكم لدحض ما زعمه الدكتور باحارث

من مزاعم باطلة تسيء للمرأة ،وإن كان البعض ينطبق عليهن ما قاله ،فهؤلاء قلة قليلة ،ولا يصح تعميم ذلك على كل النساء الحاكمات.

1- صفية بنت الملك العادل بن أبي بكر بن أيوب : أميرة جليلة ولدت بقلعة حلب سنة581 هـ أو سنة 582هـ ،وملكت مدينة حلب بعد وفاة ابنها الملك العزيز ،وتصرفت في الملك تصرف أشهر السلاطين ،وقامت بمملكتها أحسن قيام خلال ست سنوات ،وتوفيت بحلب سنة 640 ،ودفنت بقلعة حلب. [أعلام النساء لكحالة 2/339، 340.]
2- غازية خاتون أم الملك المنصور : من ربَّات العقل والتدبير والزهد والعبادة حفظت لولدها المنصور صاحب حماة بعد وفاة زوجها الملك المظفَّر حتى كبر وسلَّمته السلطة ،وتوفيت في ذي القعدة سنة 656هـ بقلعة حماة.
3- شجرة الدر: من شهيرات الملكات في الإسلام ذات إدارة وحزم وعقل ودهاء وبر وإحسان ،عظم أمرها في الدولة الصالحية ،وصار إليها غالب التدبير في أيام زوجها في مرضه ،وكان يعتمد عليها في أموره ومهماته ،وكانت بديعة الجمال ذات رأي وتدبير ودهاء وعقل ،ولما مات الملك الصالح كتمت موته ،وجمعت الأمراء وأخذت البيعة لابن الملك الصالح توران شاه ،وباشرت الحكم إلى أن وصل توران شاه ،ولما وصل طالبها بالأموال فعملت على قتله ،ولما قتل وقع الاتفاق على تولية شجرة الدر السلطنة، فتولتها وقبَّل لها الأمراء الأرض من وراء حجاب فكانت تاسع من تولى السلطنة بمصر من جماعة بني أيوب سنة 648هـ ،وجعلوا عز الدين أيبك الصالحي التركماني أتابك عسكرها.[ أعلام النساء لكحالة ،2/286-87 2 . ]     
4-   قطلغ خاتون : ملكة كرمان ،تولت الملك سنة 655هـ ،وذلك لما ضعفت الدولة السلوجقية بإيران شق حكام الجهات عصا الطاعة واستقل كل منهم بما في يده ،فكان من بين دول الطوائف الدولة القطلغية أتابكة كرمان ،وقطلغ خاتون كانت رابعة ملوك الدولة القطلغية من كرمان ،فأدارت بلادها إدارة رشيدة وساستها بحكمة ورجاحة عقل وخلعها السلطان جلال الدين سبور غتمش سنة 681هـ.[ –  أعلام النساء لكحالة ،4/216.]

5- رضية بنت التمش: ملكة من ملكات الهند كانت ذات سلطة ونفوذ وإدارة .ارتقت الملك في 18 ربيع الأول سنة 634هـ بعد خلع أخيها ركن الدين فيروز شاه ،وهي خامس ملوك دولة المماليك بالهند .وقد أبى الأمراء في أول الأمر أن يقسموا لها يمين الطاعة ،ولكنها بحزمها وحسن تدبيرها تمكنت من إخضاع البلاد كلها لسلطانها ،وكانت السلطانة رضية تملك كل الصفات التي تؤهلها لتولي الملك ،وإدارة شؤون المملكة ،فكان والدها إذا تغيب في حروبه ينيبها عنه في إدارة أعمال حكومته مفضلاً إياها على أبنائه الذكور ،ولمَّا سأله أمراؤه لماذا اختار ابنته بدل أحد أبنائه في نيابة المملكة . أجاب : إنَّ أولاده انهمكوا في الشرب واللعب فإدارة المملكة صعبة عليهم ،أمَّا رضية بيكم ـ لفظة فارسية معناها أميرة ـ فمع إنَّها امرأة لكن لها عقل وقلب رجل ،ولمَّا تبوأت عرش المملكة أظهرت من حسن الإدارة ما يؤيد هذا الوصف عنها فإنَّها خلعت الملابس النسائية ،ولبست الحلة الملكية وشرعت تباشر أعمال المملكة بنفسها وتنظر في القضايا المعروضة عليها ،وتفصل فيها بالعدل والقسطاس المستقيم ،وكثيراً ما قادت جيوشها بنفسها . وتآمر أخوها على خلعها،حسداً منه لما بلغت من مكانة ، ولم يفلح،وتوفيت سنة 637هـ. [ أعلام النساء لكحالة ،1/448ـ 451]
6- خديجة بنت عمر بن صلاح الدين البنجالي: من سلطانات الهند ،نشأت وترعرعت في بلاط أبيها ،وتلقت من العلم والثقافة ما جعلها من أندر نساء زمانها أدباً وكمالاً ومعرفة ،ولمَّا توفي والدها خلفه في السلطنة أخوها شهاب الدين ،فكان سيء السيرة فخلعه الشعب سنة 740هـ ،ونادى بأخته خديجة سلطانة على عرش أبيها وولي زوجها خطيب الدولة جمال الدين الوزارة ،فاعتمدت السلطانة عليه في مهام الأمور وراقبت شؤون الدولة مراقبة خبير مطلع .وأمَّا سلطانها فكان ينبسط على جزائر “زيبة المهل” بالهند ،وعددها نحو ألفي جزيرة ،فتقدمت في سلطنتها تقدماً عظيماً في جميع مرافق الحياة ولا سيما في الزراعة والصناعة ونشر العدل على كل بقعة من بقلع السلطنة:وكانت المراسيم الملكية تكتب على سعف النخل بنصل حديدي وتنفذ باسم خديجة ،وكان الخطباء يذكرونها بقولهم : اللهم انصر أمتك التي اخترتها على العالمين وجعلتها رحمة لكافة المسلمين ألا وهي خديجة بنت السلطان جلال الدين بن السلطان صلاح الدين ،وتوفيت سنة 770هـ [أعلام النساء لعمر رضا كحالة ك1/338.]
7- نور جيهان : ملكة هندية ذات حسن وجمال تعرف الفارسية والعربية ومطلعة على آدابهما ،وأدارت مملكتها إدارة رشيدة ،فوضعت الضرائب ،ونظرت في أحوال المملكة اليومية ،فكانت تجلس أمام كوة في القصر فتقابل أمراء المملكة وتستعرض جنودها ونقش اسمها على النقود إلى جانب اسم زوجها ،وكانت تساعد المحتاجين وتزوج الأيتام ،وتدفع لهم المهر ،وتغيث الملهوفين ،وتعبِّد الطرق العامة ،وتشيد أفخم الأبنية والمدارس والمستشفيات والتكايا ،ومن إصلاحاتها أنَّها أصدرت أوامرها الشديدة للهنود تحظر عليهم تقديم الضحايا البشرية ودفن نسائهم وهن أحياء مع أزواجهن المتوفين .وهي أول من أنشأت سوقاً خيرية وهو سوق الشفقة ،وينسب إليها عطر الورد وإصلاح ثياب النساء وتنظيم الطعام على الموائد وتركيبه في الصحاف على شكل الأزهار ،وروى عنها أنها كانت تخرج للصيد هي ونساء بلاطها راكبات صهوات الجياد كالرجال ،وقادت الجنود لما خرج عليها مهابة خان ،وكان قد فاجأ زوجها وأخذه أسيراً فلما بلغها الخبر ركبت في جيشها لتنقذه فكانت تهاجم العدو وترميه بيدها ،ولما توفي زوجها سنة 1646م اعتزلت الحكم ،ثمَّ توفيت بعد وفاة زوجها بقليل ودفنت بجانبه في حديقة سليمان.[ –   أعلام النساء لكحالة ،5/197، 198 ،نقلاً عن حقوق المرأة في الإسلام لأحمد أجيف.مركز المرأة في الإسلام لأمير علي الهندي]
8- السلطانة عنايت شاه : توفيت سنة 1688م ،تولت ملك اتشين في سومطرة بعد وفاة السلطانة تقية سنة 1678م ،وكان عصرها من العصور الذهبية.[ –  أعلام النساء لكحالة ،3/372]
9- كمالت شاه السلطانة:وهي ملكة تولت ملك أتشين في سومطرة بعد وفاة السلطانة عنايت شاه سنة 1688م،فازدهرت المملكة في زمانها وعد عصرها من العصور الذهبية فيها ،ولوجود كثير من العرب الأشراف في أتشين الذين ساءهم تولي امرأة الملك ،وأثاروا الرعية ،واستحصلوا من مكة على فتوى تخولهم خلع السلطانة فخلعوها سنة 1699م.[ أعلام النساء لكحالة.]
  فهل سير هؤلاء الحاكمات يتفق مع ما ذكره الدكتور باحارث.؟
   وماذا يقول الدكتور باحارث عن  واقع العالم الآن ،وما فيه من حروب ومذابح وسفك دماء وخيانات ومؤامرات وقتل وتدمير وانفجارات وإرهاب   ،والحاكم فيه الرجل ؟
 أمَّا قوال الدكتور العتيبي أنَّ مارجريت تاتشر قد فشلت في رئاستها للوزارة في بريطانيا ،فهذا يخالف الواقع ،فقد كان لمارجريت تاتشر دور كبير في إصلاح الاقتصاد البريطاني خلال فترة قيادتها له ، ووصفت بالمرأة الحديدية لأنها كانت قوية شديدة وتتخذ قرارات كبيرة وتتحمل تبعاتها وتواجه الظروف بقوة تحمل ربما تفوق فيها الكثير من الرجال حيث أنه  في منتصف شهر مارس عام 1983م  كانت قد وصلت إلى مقر إقامتها في مدينة برايتون الساحلية جنوب انجلترا استعدادا لمؤتمر دولي في اليوم التالي. وما أن استقرت في الفندق المعد لإقامتها إلا وقد حدث انفجار ضخم في نفس الفندق قامت به جماعة من الإرهابيين. فما كان من تاتشر إلا أن انتقلت إلى جناح آخر في الفندق لم تصله آثار الانفجار تحمل أوراقها ومذكراتها وأكملت فيه بقية المساء لتقف في صباح اليوم التالي وكما هو محدد سابقاً في تمام الساعة التاسعة أمام جموع الحاضرين في المكان المعد للمؤتمر. وقفت وهي تقول: «ها آنذا أقف أمامكم في نفس اليوم وفي نفس الساعة المحددة للمؤتمر لأقول للإرهابيين أنهم لن يستطيعوا أن يمنعونا من متابعة مسيرتنا نحو البناء والتشييد !!
وقد خاضت معترك الحياة السياسية وعمرها 44 عاما كوزيرة للتعليم، ثم انتخبت رئيسة لحزب المحافظين 1975م، وكانت أول امرأة ترأس الحزب منذ تأسيسه ، ثم رأست الوزارة البريطانية عام 1979م، واستمرت فيها 11 سنة حتى استقالتها 1990، بسبب خلافات داخل حزبها، ثم حصلت على لقب “لورد” عام 1992م.
أمَّا عن بكائها بسبب غرق المدمرة شيفلد بصاروخ فرنسي صغير ،فالدكتور فؤاد سنيورة رئيس وزراء لبنان قد بكى عندما تعرّضت بلاده للعدوان الإسرائيلي.
البريد اليكتروني : suhaila_hammad@hotmail.com


                            

Leave a Reply