الجهل بالحق في الولاية
. سهيلة زين العابدين حمَّاد
سهيلة زين العابدين حمَّاد
جردة الخليج الإماراتية 1472006م
لا يزال الخطاب الديني في مجتمعاتنا متأثراً بنبرات التشدد، وبالمفاهيم الخاطئة لآيات قرآنية وأحاديث نبوية تتعلق بالمرأة، فلا يزال يؤكد حرمان المرأة من حق الولاية، وأنّ لا ولاية لامرأة، متجاهلاً قوله تعالى: “والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهوْن عن المنكر”، وقد أكد الإمام ابن تيمية أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يكون إلاَّ بولاية وسلطان، لذا كانت ولاية الناس من ألزم واجبات الدين، كما تجاهل الخطاب الديني ولاية للحسبة للشفاء من بني عدي في عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد جعلها أيضاً مستشارة له، وجعل ابنته أم المؤمنين حفصة ناظرة على وقف أوقفه، كما تجاهل الخطاب الديني تولي المرأة ولاية الحكم في مختلف العصور الإسلامية، فلمَ يصر بعض علمائنا على حرمان المرأة من حق منحه لها خالقها؟
ومن المؤسف أن المرأة المسلمة تجهل الكثير من حقوقها، وتتأثر بما يردده بعض العلماء من أن “لا ولاية لامرأة” فلا ينتخبن النساء، وينتخبن الرجال. وأولئك العلماء يفسرون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة” بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، مع أن من علمائنا من قالوا إنَّ هذا الحديث جاء بخصوص السبب لا بعموم اللفظ، أي خاص بحال الامبراطورية الفارسية، عندما تولت الحكم فيها ابنة كسرى، لعدم وجود من يصلح للحكم غيرها، وهذا الذي يتفق مع ما جاء في القرآن الكريم عن ملكة سبأ، وقوله تعالى: “والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر”، والقرآن لا يناقض السنة فكيف عز وجل يشيد بملكة سبأ كامرأة شورية، ويبيّن صلاح قومها في الدنيا والآخرة بولايتها عليهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول “لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة”، لو لم يكن الحديث بخصوص السبب؟
أيضاً عند قراءتنا للتاريخ نجد نساء مسلمات تولين الحكم في بلادهن، وفلحت أقوامهن بولاياتهن، ولم يروِ لنا التاريخ عن أن ولاية امرأة أدت إلى إثارة الفساد والفتن والقلاقل والضعف أثناء ولايتها، بل بالعكس كانت ولاياتهن من العصور الذهبية لتلك الأقوام.
إنَّ دور المرأة الكويتية، بل المرأة الخليجية والعربية قبل خوضها أية معركة انتخابية، أن تبدأ بحملة توعية للمرأة بحقوقها في الإسلام، وبتصحيح المفاهيم الخاطئة للآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتعلقة بالمرأة، وتحرير الدين من سيطرة العادات والأعراف والتقاليد المتعارضة مع تعاليمه.
وأقولها بصراحة: ما دامت مجتمعاتنا تنظر إلى المرأة نظرة دونية، وتقلل من شأن المرأة، وتعظم الرجل، وترفعه إلى مرتبة القدسية، وتقصر حقوق الولاية والشورى والبيعة عليه، وتحرم المرأة من حقوقها السياسية التي منحها إياها خالقها، فلن تفوز في أية انتخابات، ولن ترتقي إلى أي منصب سياسي، ولن تكون في مواقع صنع القرار. لذا على المرأة أن تدرك حقوقها في الإسلام، وتعيها جيداً، وتطالب بها، وحبذا لو يتولى الاتحاد النسائي الإسلامي العالمي هذه المهمة، وهو يضم بين عضواته قيادات نسائية إسلامية متميزة من كل الدول الإسلامية، بل من أوروبا والأمريكيتيْن.
suhaila_hammad@hotmail.com