4-قضايا الأمة العربية والإسلامية

الشرق الأوسط الجديد.. حدود الدم

الشرق الأوسط الجديد.. حدود الدم

سهيلة زين العابدين حمّاد 
الخليج الإماراتية 482006م.
نشرت المجلة العسكرية الأمريكية المتخصصة “أرمد فورسز جورنال” في عددها الأخير خارطة جديدة للشرق الأوسط وضعها الجنرال المتقاعد “رالف بيترز” قسّم فيها دول منطقة الشرق الأوسط كلها تقريباً، الدول العربية وتركيا وإيران.
واعتبر أن سبب العنف في المنطقة هو الخلافات المذهبية والعرقية، وأن حل النزاعات يكون بهذه التقسيمات.
ويلاحظ هنا أنه تجاهل أسباب النزاع الحقيقي في المنطقة، وهي زرع “دولة” يهودية دخيلة على المنطقة في قلبها، قائمة على الاحتلال والعدوان، وأن هذه “الدولة” تريد التوسع على حساب دول المنطقة، وتشكل أكبر قوة عسكرية فيها، وتملك سلاحاً نووياً يشكل خطراً كبيراً على سكان المنطقة، وتعمل هذه “الدولة” الدخيلة على إثارة الخلافات العرقية والمذهبية من أجل تحقيق أهدافها، فبدلاً من أن يلغي “إسرائيل” نجده يمزق أوصالنا، ويضع حدوداً أطلق عليها بنفسه “حدود الدم “، وهنا يناقض نفسه؛ إذ كيف يريد إيقاف نزيف الدم في المنطقة، وهو يسيل أنهراً وبحاراً من الدم بحدوده الجديدة.
أنا لا أتفق مع الذين يلقون اللوم على إيران في إثارة شيعة العراق على سنته، لمَ لم تُثرهم من قبل؟ لماذا أثيرت الآن الفتنة في عهد الاحتلال البريطاني الأمريكي الذي زرع الموساد في العراق من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، وأخذ يبث بذور الفتنة بين الطوائف العراقية، ولا سيما بين السنة والشيعة، ويوهم السنة أنَّ إيران مصدر هذه الفتنة ليحدثوا هذا الانشقاق والتصدع الذي رأيناه، فهم مخططون لغزو لبنان، للقضاء على حزب الله في شهر سبتمبر/ أيلول، أو أغسطس/ آب، عملية خطف حزب الله للجنديين “الإسرائيليين” عجَّلت بالغزو. ولعزل حزب الله والإنفراد به مهدوا لذلك بإثارة الفتنة بين السنة والشيعة في العراق لئلا تتعاطف الحكومات السنية وعلماء السنّة، والشعوب العربية التي يمثل معظمها السنة مع حزب الله، وهذا يُضعفه، ويعطي مبرراً ل “إسرائيل” والإدارة الأمريكية الحالية القضاء عليه. وللأسف الشديد وقع المسلمون في الفخ الذي نصب لهم، وبات هؤلاء الذين يثيرون الخلاف والنقاش حول مناصرة حزب الله كأنهم ومن دون قصد منهم يساعدون على إقامة شرق أوسط جديد على أساس مذهبي وعرقي.
نحن مسلمون وعرب على اختلاف طوائفنا ومذاهبنا وأدياننا وأعراقنا، وعلينا أن نتماسك، وأن نقف في وجه العدوان على لبنان، فلبنان بلد عربي، بمسلميه ومسيحييه، ومسلموه هم يشهدون بأن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، بسنته وشيعته، وفيه مقاومة باسلة خذلت العدو الصهيوني وألحقت به هزائم وخسائر فادحة، وحققت نصراً عجزت جيوش دول عربية عن تحقيقها، وقضى على أسطورة أن جيش “إسرائيل” قوة لا تقهر ولا تُهزم.
إنَّه من الخزي والعار علينا تحريم نصرة المقاومة اللبنانية لأنَّ قيادتها وأفرادها شيعة، ومن هم الشيعة؟ إنهم مسلمون، ومعظم بلاد المنطقة فيها شيعة، هل نتركهم تُقاتلهم “إسرائيل”، ونقف نحن متفرجين، وهم يدافعون عنا بقتالهم هذا؟
إن هزيمة حزب الله لا قدّر الله تعني قيام شرق أوسط جديد بخريطته الجديدة، وبتقسيماته الجديدة تُهيمن عليه “إسرائيل”، وتفرض فيه على دول المنطقة ما تريده، إضافة إلى هيمنتها الاقتصادية والثقافية والسياسية واستيلائها على منابع المياه في لبنان وسوريا وهذه أحد أسباب حربها للبنان وتحكمها في أسعار بترول المنطقة، وفرض التطبيع على دول المنطقة، أي شرق أوسط “إسرائيلي” كما حذر من وجوده الأمين العام لجامعة الدول العربية، وكما وضع معالمه شيمون بريز رئيس الوزراء “الإسرائيلي” السابق في كتابه “الشرق الأوسط الجديد”.
إنَّ الموقف الشاذ من بعض العلماء، وبعض المثقفين، يضر بالوحدة الوطنية للبلاد العربية.
فأمريكا و”إسرائيل” تخططان الآن لتقسيمنا على أساس مذهبي وعرقي، وتفتيت أوصال دولنا العربية كافة، وهنا أناشد بعض العلماء المتحاملين على الشيعة أن يراجعوا أنفسهم، فليس من حقهم تكفير مسلمين ينطقون بالشهادتين، فهذه أمور بينهم وبين خالقهم، وعلينا نحن المسلمين على اختلاف طوائفنا أن نتضامن في مواجهة عدونا الصهيوني والأمريكي، وبدلاً من أن يحرِّم بعضهم مناصرة حزب الله والدعاء له بالنصر، عليهم أن يشنوا حملة مقاطعة البضائع الأمريكية و”الإسرائيلية” وتحريم شرائها، فأسلحة “إسرائيل” التي تقتل بها العرب والمسلمين في فلسطين ولبنان، وتدمر مدنهم وممتلكاتهم أسلحة أمريكية الصنع.

suhaila_hammad@hotmail.com

Leave a Reply