4-قضايا الأمة العربية والإسلامية

رسالة إلى السيد كوفي عنان

رسالة إلى السيد كوفي عنان

 سهيلة زين العابدين حمّاد
 جريدة الخليج الإماراتية في 12 8 2006م.
     إنَّ الأهداف الثمانية للألفية التي وقَّع عليها قادة العالم عام 2000م جد سامية ونبيلة ،والتي من أولوياتها مكافحة الفقر والجوع ،وحماية الأطفال  ،والحفاظ على الصحة النفاسية ،والتقليل من نسبة الوفيات لدى المواليد والأطفال دون سن الخامسة
،وإلزام التعليم الابتدائي والوقاية من مرض الإيدز ولكن الأمم المتحدة تناقض نفسها في وضعها عقوبات اقتصادية تزيد الدول الفقيرة فقراً ،فالسودان التي انهكتها الحرب الأهلية أكثر من عشرين سنة تتعرض الآن لعقوبات اقتصادية ،والعراق فرض عليه حصار اقتصادي اثنى عشر عاماً نجم عنه تدمير بنية العراق بضربة عسكرية ،والطفل الفلسطيني يسحق سحقاً من قبل قوات الاحتلال للقضاء على البنية التحتية للإنسان الفلسطيني، وها هو لبنان الجميل قد دمر عن آخره، ودمرت بنيته التحتية ،وتقطعت أوصاله ،وقتل أكثر من ألف مدني معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ ،وجرح الألاف ،وتهجير أكثر من مليون شخص ،ولوثت البيئة اللبنانية باليورنيوم  المنضب ،والأمم المتحدة ومجلس الأمن عجزا عن إصدار قرار لوقف إطلاق النار ،بل عجزا حتى عن إدانة إسرائيل على مذبحة قانا 2،وغيرها من المذابح التي ارتكبتها في مروحين وصيرفا والقاع ،وغزة وأريحا ورفح وجنين ،وغيرها من المجازر التي ترتكبها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني واللبناني، بل هو عاجز عن فرض عقوبة اقتصادية على إسرائيل ،أو الإدارة الأمريكية لتجاوزهما القوانين والمواثيق الدولية.
 نحن نشكر الأمم المتحدة على المبادئ الثمانية التي وضعتها عام ألفين  ،ورغبتها في تنمية بلادنا ،وأقول لكم نحن العرب والمسلمين  قادرون على النهوض ببلادنا وتنميتها ،ولكن هل تضمن لنا الأمم المتحدة حماية إنجازاتنا من ضربة عسكرية تهدم كل ما بنيناه ،الله هو الحامي ،ولكن للأسف الشديد نجد الأمم المتحدة تصدر عقوبات اقتصادية على الدول الفقيرة والضعيفة ،وتصدر قرارات بتوجيه ضربات عسكرية ،كما حدث في أفغانستان ،وأقرت غزو العراق بإقرار مجلس الأمن  استمرار بقاء القوات الأمريكية  إلى نهاية عام 2006 م ،وهذا إقرار منه بشرعية الاحتلال ،فلكي تكسب الأمم المتحدة  ثقة الشعوب فلتحمها من تنفيذ المخططات الصهيوأمريكية التي تستهدفنا جميعنا ،وكلنا مدرج في مخطط الشرق الأوسط الجديد ،وإعادة تشكيله بحدود الدم ،والأمم المتحدة مستخدمة كأداة لإضفاء الشرعية على احتلال الشعوب وتجويعها !
هاهو لبنان يدمر أمام أعين الجميع ،والإدارة الأمريكية رافضة وقف إطلاق النار ،وتقول الوقت لم يحن بعد لإيقاف وقف إطلاق النار ،فهي تريد المزيد من القتل والتشريد والتدمير، انتظاراً منها أن تحقق إسرائيل نصراً تساوم به اللبنانيين ليتنازلوا عن حقوقهم ،ويستسلموا لإسرائيل ،ولما لم يتحقق هذا النصر وضعوا الآن مشروعاً لصالح إسرائيل 100% ،وقد شاركت إسرائيل في إعداده ،وكأنَّها المنتصرة ،وكما قال رئيس البرلمان اللبناني السيد نبيه بري إن كان إسرائيل ،وهي مهزومة أعطيت سياسياً ما عجزت عن تحقيقه عسكرياً ،فكيف لو حققت إنتصاراً؟؟ ،ومجلس الأمن والأمم المتحدة وقفا عاجزين أمام الصلف والتعنت الأمريكي والإسرائيلي ،وهنا أسأل ما قيمة وجود منظمة دولية إن لم تحمي الشعوب الضعيفة والمعتدى عليها من عدوان دول قوية متسلطة؟
بل وقفا عاجزين عن تأمين الطرق لإيصال مواد الإغاثة من طعام ودواء وكساء وغطاء لمليون لبناني مهجر من مدنه وقراه وبيوته ،بينما تمَّ تأمين الجو والبر والبحر في لبنان لرعايا الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية لمغادرة لبنان!!!!
    إنَّ الموازين مقلوبة ،وهناك خلل في النظام الدولي أدى إلى اختلال في ميزان العدل الذي كنا ننشده من المنظمات الدولية التي إلى الآن لم تنصف الشعوب العربية والإسلامية.
    ما قيمة المبادئ التي تضعونها ،وأنتم عاجزون عن حماية الشعوب من التعرض للقتل والتشريد والتدمير والفقر والجهل والمرض ،فها أنتم ترون المدنييْن يُقتلون ،والمدارس والمستشفيات تدمر ،والبحر واليابس يلوثان ،والأطفال والنساء والشباب الذين يجرحون تبتر بعض أعضائهم لاستخدام اليهود الصهاينة والأمريكان أسلحة محرمة دولياً ،وأنتم عاجزون عن إيقاف القتل والتدمير والتهجير ،بل عاجزون حتى عن إدانة مستخدمي الأسلحة المحرمة دولياً.
    الأمم المتحدة والإدارة الأمريكية وإسرائيل ومن يسير في فلكهما من دول الاتحاد الأوربي  يطالبون بتنفيذ قرار 1559 ،ولكن هناك قرارات عديدة لمجلس الأمن لصالح الفلسطينيين واللاجئين واللبنانيين لم تلتزم إسرائيل بتنفيذها ،ومجلس الأمن والأمم المتحدة والمجتمع الدولي لم يلزموها بتنفيذها ،وكأن مجلس الأمن والأمم المتحدة وجدا لتعزيز مصالح إسرائيل والدول الكبرى القائمة على الاحتلال والاستيطان على حساب الدول العربية والإسلامية ونظائرها من دول العالم الثالث ،أو الدول المسماة بالدول النامية التي  ستظل في هذا التصنيف إلى الأبد ما دامت القوى العظمى تستخدم المنظمات الدولية لخدمة أهدافها ومصالحها على حساب الدول المصنفة بالنامية.
ما قيمة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ببنوده الثلاثين الذي وضعته الأمم المتحدة ،وهي عاجزة عن تحقيق ولا بند واحد من بنوده ؟؟
 ما قيمة إعلان حقوق الطفل /نوفمبر 1959م ،والطفل الفلسطيني واللبناني والعراقي والأفغاني مهدرة حقوقهم في كنف الاحتلال والعدوان ؟
أين الأمم المتحدة من الالتزام بالمبدأ الثامن من إعلان حقوق الطفل ،والذي ينص على وجوب أن يكون الطفل في جميع الظروف بين أوائل المتمتعين بالحماية والإغاثة ،ومذبحة قانا 2 كان ضحاياها 37 طفلاً من 61 ،منهم أطفال رضع ؟
 ما قيمة إعلان حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة /كانون الأول / ديسمبر 1974م ،وإسرائيل والإدارة الأمريكية لم تلتزما بأي بند من بنودها في لبنان وفلسطين والعراق وأفغانستان؟
 وبعد فكما ترون أنَّ الأمم المتحدة ومجلس الأمن عاجزيْن عن القيام بدورهما الأساسي ،وكما أعلن بشجاعة الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عمرو موسى موت عملية السلام ،فيا حبذا أن تعلنوا على الملأ موت الأمم المتحدة ومجلس الأمن ،والمطالبة بإصلاح جذري لهما ،ويأتي في مقدمة الإصلاح إلغاء حق الفيتو ،والوقوف وقفة حق وعدل من القضايا الدولية والإقليمية ،وعدم الانحياز لإسرائيل والقوى الكبرى.
…………………………………………………………………..
Suhaila_hammad@hotmail.com

Leave a Reply