دول مجلس التعاون والأزمة المالية العالمية
الخميس, 16 أكتوبر 2008
سهيلة زين العابدين حمَّاد
تشكل دول مجلس التعاون الخليجي في مجموعها كتلة اقتصادية كبرى، لو استفادت من الأزمة المالية العالمية الحالية ستدرج بعد هذه الأزمة ضمن كتل اقتصادية عالمية كبرى ،لا تقل قوة عن الصين ،أو الاتحاد الأوروبي، ولكن الذي لا حظناه أنَّ دول مجلس
التعاون لم تتصرف في هذه الأزمة ككتلة واحدة موحدة ،وانفردت كل دولة من دول مجلس التعاون بمعالجة الأزمة بطريقتها، بطمأنة مواطنيها بأنَّ اقتصاد بلادهم قوي ،وأنَّها ضامنة لودائعهم ،وأنَّها لن تتأثر بالأزمة المالية العالمية ،مع تخفيض بعضها لفوائد واحتياطي البنوك، وضخ المزيد من السيولة .
وهذه إجراءات غير كافية لحماية اقتصاد دول مجلس التعاون .
نحن للأسف الشديد لا نتقن الاستفادة من مقدراتنا واجتياز الأزمات بتحقيق مكاسب .
والسؤال الذي يطرح نفسه:
لمَ لا يجتمع وزراء مالية دول مجلس التعاون مع محافظي بنوكها المركزية، لاتخاذ قرارات موحدة تحدد الاستراتيجية الاقتصادية والمالية لدول مجلس التعاون في هذه المرحلة الحاسمة ، والمراحل التي
تليها ؟
فقد آن الأوان لإصدار عملة خليجية موحدة يُربط اقتصاد دول مجلس التعاون بها ،لتقف أمام اليورو الأوروبي والدولار الأمريكي ،والين الياباني ،وتصبح من العملات العالمية
آن الأوان للإعلان عن إنشاء السوق الخليجية المشتركة.
آن الأوان لتحويل استثماراتنا الخارجية إلى دول مجلس التعاون، والدول العربية والإسلامية لإنعاش اقتصادها، ووضع أنظمة وقوانين تحفظ أموال وحقوق المستثمرين خليجيين، أو عرباً، أو مسلمين ،أو أجانب، ليشعر كل مستثمر بالأمان ،وهو يستثمر أمواله على أرض خليجية، مع اتخاذ التدابير اللازمة لحماية البيئة من التلوث .
آن الأوان لسحب الودائع والأموال الخليجية من البنوك الأجنبية ،وإيداعها في البنوك الخليجية ،لرفع نسبة السيولة في بنوكنا.
آن الأوان للعمل على دمج البنوك المحلية التي يستشعر بضعفها ببنوك قوية حتى لا يُشهر إفلاس أي منها في هذه الأزمة المالية ،وإشهار إفلاس أي بنك خليجي سوف يطيح باقتصادات دول الخليج بأسرها ،لأنَّ المواطنين والأجانب سيفقدون الثقة في اقتصاد المنطقة ،وستفقد المصداقية تصريحات المسؤولين عندئذ .
آن الأوان لإنشاء بنك مركزي خليجي يمثل دون مجلس التعاون ،يكون هو المظلة التي تعمل من خلالها بنوك ومصارف المنطقة
.
آن الأوان للاستفادة من مميزات الاقتصاد الإسلامي بعد ثبوت فشل النظام الرأسمالي ،والنظام الاشتراكي، ونجاح التعاملات الإسلامية ،وتشجيع علماء وخبراء الاقتصاد الإسلامي بتقديم البحوث والدراسات لتقديم نظام اقتصادي إسلامي يقوم عليه البناء المصرفي في دول مجلس التعاون.
أعتقد أنَّ دول مجلس التعاون لو اتخذت مثل هذه الإجراءات والقرارات فإن ذلك سيحمي اقتصاد جميع دول مجلس التعاون ،وسيقويه ،وسيجعل من دول مجلس التعاون أكبر قوة اقتصادية في العالم .
suhaila_hammad@hotmail.com