الخميس, 3 يوليو 2008
د. سهيلة زين العابدين حمَّاد
إنَّ المرأة السعودية باتت مؤهلة لأن تتقلد كل هذه المناصب، وخادم الحرمين الشريفين مؤمن بقوة بحقوقها هذه ؛لذا فليس بمستبعد أن تنال المرأة السعودية كل هذه الحقوق في عهده المبارك
ثلاث سنوات مضت على بيعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله ملكاً لهذه البلاد، ثلاث سنوات من العمل المثمر والإنجازات في جميع المجالات السياسية، والاقتصادية والقضائية والعلمية والعمرانية والاجتماعية والحقوقية والإعلامية وغيرها، وهي امتداد لإنجازاته أثناء ولايته للعهد، فأنا كمؤرخة لا أستطيع فصل مرحلة ولايته للعهد، وتوليه أمور الحكم فترة مرض خادم الحرمين الشريفين الملك فهد طيَّب الله ثراه وأسكنه فسيح جنانه عن فترة توليه مقاليد الحكم إثر مبايعته ملكاً للبلاد.
ولمَا كانت هذه الإنجازات تحتاج إلى مؤلف كبير لرصدها ؛إذ لا تتسع مساحة هذا المقال لها ،فسأتحدث بإيجاز عن المرأة في فكر وكيان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله حفظه الله ورعاه، فهو مؤمن بقوة بحقوق المرأة، وقد لخص ذلك في عبارات قصيرة ذات كلمات بليغة ،ودلالات عميقة ؛ حيث قال: «أؤمن بقوة بحقوق المرأة، فأمي امرأة، وأختي امرأة، وابنتي امرأة، وزوجتي امرأة».
فالمرأة في فكره وكيانه هي الأم والأخت والإبنة والزوجة، هي جزء لا يتجزأ منه، فهي ليست عدوة للرجل، وليست دونه، وإنما هي شقيقته، ودورها في الحياة مكمل لدور الرجل، والملك عبد الله مؤمن بحقوق المرأة إيماناً قوياً ؛ولعل هذا يفسر لنا مدى اهتمامه بها، والمضي في تعديل بعض الأنظمة والقوانين التي تتعلق بهضم حقوق المرأة، فقد أعاد للمرأة أهليتها القانونية بإلغائه نظام اشتراط موافقة ولي الأمر في ممارسة المرأة لأعمالها التجارية، وعند نزولها في الفنادق ،كما صدر في عهده قرار منح المرأة حق استخراج صورة طبق الأصل من أوراقها الثبوتية لها ولأولادها.
فالمرأة وتمكينها، أمر يشكل أهم التحديات الداخلية، فمرحلة البناء التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد – رحمه الله – واهتمامه بتعليمها، جعلها مهيأة الآن لتولي مناصب مهمة والمشاركة في الحياة العامة.
وقد أتاح الملك عبد الله للمرأة فرص المشاركة في الحياة العامة، وفتح لها أبواباً كانت مغلقة، ومن الخطوط الحمراء التي لا يحق لها تجاوزها.
ولعل من أهم أولويات الإصلاح الاجتماعي الذي تبناه مقامه السامي، وهو ولي للعهد وقائم بأعباء الحكم، هو إنشاء مؤسسات المجتمع المدني، وإشراك المرأة فيها، مثل الحوار الوطني، والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وهيئة الصحافيين. إصلاح النظام القضائي، الذي بدأه بإنشاء محاكم متخصصة، منها قرار إنشاء محاكم للأحوال الشخصية، والسعي لتقنين الأحوال الشخصية طبقاً للشريعة الإسلامية، ومحاسبة القضاة الذين يتجاوزون في أحكامهم وتصرفاتهم مع أصحاب الدعاوى أحكام الشريعة الإسلامية، وأنظمة وقوانين الدولة، وقد تمَّ خلال هذا العام إعلان هذه الإصلاحات في النظام القضائي، ورصد لها سبعة مليارات ريال.
هذا وقد سُمح في عهده الميمون للمرأة ممارسة المحاماة للدفاع عن حقوق المرأة في المحاكم، كما دخلت مجلس الشورى كمستشارة غير متفرغة، وأصبحت مديرة لجامعة البنات، ووصلت بذلك إلى مرتبة وزير، كما حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله على رفع مستوى التحصيل العلمي لدى المرأة وتلقي العلم في كبرى جامعات العالم في مختلف التخصصات، ففتح لها أبواب الابتعاث للدراسة في الخارج مثلها مثل شقيقها الرجل، كما فتح لها أبواب الانتخاب والترشيح في مجالس الغرف التجارية ومؤسسات الطوافة والأدلاء.
كما تمَّ إشراك المرأة في وضع انظمة وقوانين لجان الأمومة والطفولة، وإشراكها في لجان هيئة الخبراء.
كما اهتم مقامه السامي بالأسرة، وحرص على كيانها واستقرارها وتوفير الأمان لجميع أفرادها ،وحمايتهم من أذى بعضهم البعض، فأنشأ برنامج الأمان الأسري لتحقيق الأمان لجميع أفراد الأسرة ؛إذ لم يكتف بإنشائه وحدة الإرشاد الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية للحماية من العنف الأسري، وإنشاء دور إيواء للمعنَّفات وأطفالهن، كما تمَّ في عهده لأول مرة تجريم العنف الأسري، وتطبيق عقوبة القصاص تعزيراً على من يقتل ولده، أو ابنته تعذيباً.
والذي نأمله تحسين وضع المرأة، ومنحها كامل حقوقها في الإسلام، وذلك بِـ:
• تعديل كل الأنظمة والقوانين التي تحرم المرأة من أهليتها القانونية.
• إنشاء مدونة وطنية للأحوال الشخصية تحفظ حقوق المرأة المتزوجة والمطلقة والأرملة ،والفتاة غير المتزوجة طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية دون التقيد بمذهب واحد.
• إلغاء جميع الأنظمة والقوانين المنبثقة من عادات وأعراف وتقاليد تتعارض مع ما جاء به الإسلام.
• عضوية المرأة في مجلس الشورى، وفي جميع لجانه، عملاً بقوله تعالى في الآية 195 من سورة آل عمران: ( فَبِمَا رَحمَةٍ مَّن اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظَّاً غَلِيظَ القَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك فَاعفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُم في الأَمْرِ)،وفي الآية 38 من سورة الشورى: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبَّهم وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون)
• إضافة فقرة واحدة في نظام البيعة تتضمن تخصيص يوم لبيعة النساء، فالبيعة حق شرعي للمرأة، وآية البيعة الوحيدة في القرآن الكريم جاء الخطاب فيها للنساء ليؤكد سبحانه وتعالى على هذا الحق للمرأة: (يا أيُّها النَّبيُّ إذا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلى أنْ لا يُشْرِكْنَ باللهِ شيئاً ولاَ يَسْرِقَنَ ولاَ يَزْنِين ولاَ يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ ولا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيِهِنَّ وأَرْجُلِهِنَّ ولاَ يَعْصِينَكَ في معْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ واسْتَغْفِر لّهُنَّ اللهَ إنَّ اللهَ غَفُورٌ رحيم) [الممتحنة: 12].
• منح المرأة حق تولي مناصب قيادية، ولتكن هذه المناصب للأكفأ بغض النظر عن نوعه ذكراً كان، أو أنثى عملاً بقوله تعالى: (والمُؤْمِنُون والمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالمعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطيِعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيم) [التوبة: 71].
• عضوية المرأة في المجالس البلدية، ولتكن في البداية بالتعيين.
• عضوية المرأة في مجالس إدارة الأندية الثقافية والأدبية.
• عضوية المرأة في لجان حوار الأديان، عملاً بما جاء في آية المباهلة: ( فمن حاجَّكَ فيه من بعدِما جاءك من العلم فقُلْ تعَالَوْا ندْعوا أبْنَاءَنا وأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاَءَكُمْ وأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلَ لَعْنَةََ اللهِِ على الكَاذِبِين) [ آل عمران: 61]
• تحسين أوضاع المرأة في المحاكم من خلال إلحاق لجان نسائية شرعية وقانونية، ترشد المدعيات إلى الطرق السليمة التي تُتبع في تقديم الدعاوى، والاستماع إلى دعاواهن والتحقق منها.
إنَّ المرأة السعودية باتت مؤهلة لأن تتقلد كل هذه المناصب، وخادم الحرمين الشريفين مؤمن بقوة بحقوقها هذه ؛لذا فليس بمستبعد أن تنال المرأة السعودية كل هذه الحقوق في عهده المبارك.
………………………………….
نُشر في جريدة المدينة.