اتقوا الله في النساء السعوديات!!!
الخميس, 13 نوفمبر 2008م.
د. سهيلة زين العابدين حمّاد

هل النساء السعوديات أسوأ نساء العالم سلوكاً وخلقاً حتى ينفرد مجلس الشورى السعودي ‏بمناقشة قانون يحمي الرجال من تحرشهن؟؟؟

   وعلى أي أساس يناقش مثل هذا القانون في مجلس الشورى، ولا يوجد في إحصائيات وزارة ‏الداخلية، ووزارة العدل، والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، ولا في أي كتاب إحصائي عن أي ‏تحرش للنساء ضد زملائهن؟؟
‏ فلقد ساءني كثيراً خبر نشرته جريدة المدينة في أحد عناوينها الرئيسية في الصفحة الأولى في ‏عددها الصادر يوم الأربعاء 30 شوال عام 1429هـ الموافق 29 أكتوبر عام 2008م‏، وعنوان الخبر «الشورى يدرس قانوناً لحماية الرجال من تحرَّش النساء»، وجاء في متن الخبر «‏يدرس مجلس الشورى عن لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة، قانوناً يحمي الرجال من التحرش ‏في بيئة العمل أسوة بالمقترح الذي يدرسه المجلس حالياً عن وضع ضوابط وعقوبات صارمة ‏لحماية المرأة من التحرش داخل العمل وبشكل عام».
 ساءني هذا الخبر كثيراً لأنَّ فيه إساءة للمرأة السعودية وتشهيراً بها، ففي كل دول العالم تتركز ‏المطالب على إصدار قوانين لحماية النساء من تحرش الرجال بهن، ولم نسمع في أي مجتمع أنَّ ‏البرلمان يناقش قانوناً لحماية الرجال من تحرش النساء إلاَّ عندنا ونحن الدولة التي لا يسود فيها ‏الاختلاط في العمل إلاَّ في نطاق محدود جداً، وكأنَّ المرأة السعودية دون نساء العالم تلك المرأة ‏المبتذلة الساقطة!!‏
إن كانت هناك حالات تحرش من بعض الموظفات بزملائهن في العمل فهي حالات فردية ‏وشاذة، وليست بالظاهرة التي تستحق إصدار قانون لحماية الرجال من تحرَّش النساء!!‏
لستُ أدري كيف يقبل مجلس الشورى مناقشة مثل هذا القانون الذي فيه إساءة كبرى للمرأة ‏السعودية؟
وليس لكونه يناقش قانوناً يحمي النساء من تحرش الرجال، يكون في المقابل يناقش قانوناً يحمي ‏الرجال من تحرّش النساء؟
ألهذا الحد بلغ موقف الرجل من المرأة؟
ولكونه رجلاً، ومجلس الشورى كله رجال، والنساء فيه بعدد الأصابع، ولا يحق لهن النقاش ‏وإبداء الرأي والتصويت، فيناقش مثل هذا القانون دون أن يراعي آثاره على المرأة السعودية؟
‏ إنَّه من الظلم والجور، ومنتهى الامتهان والإساءة إلى المرأة القول بأن النساء السعوديات يتحرشن ‏بزملائهن في العمل بشكل يدعو مجلس الشورى لان يدرس مشروع قانون يحمي الرجال من تحرش ‏النساء.‏
ماذا ستكون نظرة العالم إلى المرأة السعودية عندما تكون بلادنا دون دول العالم التي تصدر ‏قانوناً يحمي الرجال من تحرش النساء؟
 إنَّ هذا سيدفع بضعاف النفوس، وهم كثر التحرش ببناتنا ونسائنا داخل المملكة وخارجها لأنَّ ‏مناقشة مجلس الشورى السعودي لقانون يحمي الرجال من تحرش النساء سيجعلهن مطمعاً لهم. ‏
‏ لقد ثبت من إحصائيات وزارة الداخلية مدى تعرض المرأة للتحرش والاغتصاب، والاختطاف ‏والحمل السفاح، ولم يوجد في الكتب الإحصائية لوزارة الداخلية إحصائيات عن تحرش النساء ‏بالرجال،
وهي إحصائيات تشهد بأنَّ المرأة ضحية ابتزاز الرجل الجنسي لها سواء كانت في المنزل، أو في الشارع، أو ‏في العمل.‏
   وفي الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بلغ عدد قضايا العنف الجنسي داخل نطاق الأسرة (80) قضية، أي بنسبة (5.61%) من مجموع قضايا العنف الأسري البالغ عددها (1429) قضية في الأعوام1425، 1426، 1427هـ (2004 ، 2005 ، 2006م ) ‏
  إنَّ التركيب الفسيولوجي للمرأة لا يجعلها طالبة للرجل ومطاردة له، بعكس الرجل، كما أنَّ حياء ‏المرأة يمنعها أن تصرح عن إعجابها برجل إن أُعجبت به، عكس الرجل فالمرأة هي التي تعاني ‏وتتضرر من تحرش الرجل بها، وأحياناً تهدد من قبل رئيسها في العمل بفصلها، أو عدم ترقيتها ، أو نقلها إن لم تخضع له وتستجب لرغباته، فتضطر إلى ترك العمل لتحافظ على نفسها، لقد ‏جاءتني أرملة جميلة في مكتبي ذات مؤهل جامعي، ولم توفق في الحصول على عمل لأنَّ أرباب ‏العمل يبدون سوء نيتهم، وقالت لي: “أنا امرأة أخاف الله، أعيش الآن بلا مأوى فصديقتي ‏استضافتني عندها ريثما أقضي العدة، ولكن عندما تنتهي العدة أين أعيش؟ وأنا لم أجد عملاً، فأبواب الحرام مفتوحة أمامي، وأبواب الحلال مغلقة في وجهي”، ولا أخفي عليكم فلم أنم ليلتها‏، أفكر في كلمات هذه السيدة، وخشيتُ عليها من الوقوع في الحرام إن لم تجد عملاً، وأكون أنا ‏مسؤولة عن ذلك لأنَّي لم أساعدها على توفير عمل شريف لها، وقمتُ باتصالات عدة باحثة لها ‏عن عمل حتى تمكَّنتُ من توفيره لها.‏
  إنَّ المرأة ضعيفة، والرجل الذي يبتز المرأة جنسياً دائماً يكون في المركز الأقوى، والمرأة هي ‏المطلوبة من الرجل، وليس العكس، ونساؤنا وبناتنا حييات تربيْن على العفة والفضيلة وحسن ‏الخلق، وكلهن حريصات على أنفسهن، وإلاَّ ما الذي يلزمهن أن يتنقبن طوال ساعات العمل في ‏أماكن العمل المختلطة، أنت لو وضعت النقاب عشر دقائق لا تتحمله؛ إذ تشعر بضيق في التنفس‏، وترى طبيبات وممرضات وموظفات استقبال في مستشفيات ومستوصفات، وهن منقبات لأكثر ‏من عشر ساعات، فهل تتوقع من واحدة منهن ان تتحرش بأحد زملائها؟ 
‏ إنَّ إصدار قانون يحمي من التحرش الجنسي ينبغي أن يكون عاماً يطبق على الجميع ذكور ‏وإناث، فأي منهم ‏ارتكب هذه الجريمة يجب أن يُعاقب عليها، ولكن تخصيص قانون يحمي الرجال من تحرش ‏النساء، فهذه إساءة للنساء السعوديات لا نقبلها نحن النساء، وأرجو من معالي رئيس مجلس ‏الشورى أن يوقف مناقشة هذا القانون، وأن تقدم لجنة الأسرة والشؤون الاجتماعية بالمجلس ‏اعتذاراً للنساء على إساءتها لهن بقبولها هذا القانون، وطرحه للمناقشة.‏


suhaila_hammad@hotmail.com
…………………………………….
نُشر في جريدة المدينة.

Leave a Reply