النمو اللغوي وثقافة الطفل
د. سهيلة زين العابدين حمَّاد
لا يتوقف اكتساب اللغة على عملية النضج وحدها كما هي الحال في بعض مظاهر النمو ،ولكنه يتوقف على الوصول إلى مرحلة من النضج معينة حتى يستطيع الطفل الكلام ،كما أنَّه لابد أن يستمع الطفل إلى الكبار أثناء تطور هذه الأعضاء حتى يتمكن من تعلم اللغة، وتتمكن أعضاء الكلام من القيام بوظيفتها
.
واكتساب اللغة أمر ضروري ،إذ يساعد على فهم رغبات الآخرين ،كما يساعد على مد الطفل بثروة من المعلومات عن العالم المحيط به ،والتي لن يحصل عليها دون فهمه واستخدامه للغة ،كما تساعده اللغة على التعبير عن أفكاره وحاجاته ورغباته ،ولا يغفل أهمية اللغة كأداة تمكن الشخص من الوصول إلى مستوى معين في مراحل تعليمه ،إذ لابد من الاهتمام بوجدانات الأطفال المتفتحة في إطار هذا التصور ،وعليه تكون أنواع النشاط التي يبتكرها الأطفال والأشغال التي ينجزونها ؛مستخدمين مواد بيئتهم وأساليب تراثهم الثقافي تعبر بحرية عن تجاربهم الشخصية في العالم المحيط بهم عن خلجات وجدانهم إزاء الأحداث التي تقع لهم ،عن تخيلاتهم ورغباتهم ومشكلاتهم ،وما يرونه من حلول لهذه المشكلات ،فالألعاب التي يخترعونها ،والأناشيد التي يؤلفونها ،والرقصات التي يبتكرونها ،والقصص التي يتخيلونها ،والرسومات التي يصورونها ،والمسرحيات التي يبدعونها ،وغير ذلك من الأنشطة والمنجزات التي يزاولونها بأوسع قدر من الحرية والتلقائية ،هذه جميعها هي التي تشكل ثقافتهم ،لأنَّها تتضمن نظرتهم إلى الحياة ،وأسلوبهم في مواجهة الأحداث ،كما تجسد المعاني التي لها قيمة بالنسبة لمرحلة نموهم. [.محمود السعران: علم اللغة ،ص 31،، دار الفكر العربي ،مصر.]
الأسس التي تستند عليها ثقافة الأطفال
ممَّا لاشك فيه أنَّ هناك أسس يستند عليها في توجيه ثقافة الطفل وتنميتها، وهي تتلخص في الآتي:
1- أن نحرص على تنمية القيم الثقافية التي ترتكز عليها أمتنا الإسلامية، وهذه القيم تتحقق بعمليتين متكاملتين ملازمتين ،الأولى : عملية تجريبية استكشافية إبداعية تعبر عن منجزات تعكس معان وقيماً معينة ،العملية الثانية : عملية تلقي القيم والمعاني وتذوقها وترويجها في الممارسات المعيشية والمعاملات الحياتية ،فبعض الأفراد يتميزون بالقدرة على الإبداع والابتكار ،والبعض الآخر يتميز بالقدرة على التذوق والتطبيق ،ولا غنى لإحدى الفئتين عن الأخرى فلا ثقافة دون ابتكار ،ولا حياة لابتكار لا يمارسه أفراد المجتمع ويصونونه في طرائق حياتهم ،ومما ينبغي ألا يفوتنا أنَّ كلا الفئتين ،بل إنَّ جميع أفراد المجتمع يحتاجون إلى تعلم خبرات السابقين.
2- الحقيقة الثانية :هي أنَّ حياة الكائن البشري عملية متصلة من النمو والترقي ،نتصور أنَّها تجتاز مراحل متعاقبة منذ الولادة إلى الطفولة المبكرة ،إلى المراهقة ،فالرشد فالشيخوخة ،يضبط عملية النمو والترقي ويسيرها تفاعل إمكانيات الفرد الفطرية مع مؤثرات البيئة المادية والاجتماعية التي يعيش فيها.
3- والحقيقة الثالثة : هي أنَّ الطفل ينمو ويترقى في مجتمع يتبنى نسقاً متميزاً، يعكس قيماً خاصة في عاداته وأنظمته ،ومؤسساته ،ولغته ،وأدواته ،فالأسرة تربي الطفل وتوجهه وفقاً للقيم الدينية والثقافية التي نشأ الوالدان في كنفها ،والمدرسة تعلم الطفل الأدوات التي تمكنه من الاطلاع على ما تقوم عليه عقيدته الدينية ،وتراثه الديني والثقافي؛ فتعلمه القراءة ،والكتابة ،والحساب ،بحيث يتمكن من قراءة القرآن الكريم، وقراءة الحديث النبوي الشريف، ومن فهم المعلومات الجغرافية والتاريخية والعلمية المدونة في الكتب ،ولكن للأسف الشديد فإنَّ الطريقة المتبعة حالياً في تعليم الطفل في مدارسنا قائمة على الحفظ والتلقين، التي تعبر عن قيماً ثقافية معينة قائمة على الامتلاك والتخزين والتكديس والتسلط على الشخصيات النامية والحيلولة دون تنمية قدراتها على الإبداع والابتكار ،وكأنَّ هناك توجساً من التجريب والاستكشاف ،والإصرار على الحفظ والتلقين يستمر حتى في المراحل الجامعية ،بل حتى في مراحل الدراسات العليا ؛إذ لا يزال بعض أساتذة الجامعة ،وأقسام الدراسات العليا يلزمون طلبتهم بالحفظ الصم لمذكراتهم ،وإن عبَّروا في إجاباتهم بأسلوبهم الخاص تنخفض تقديراهن لتصل إلى المقبول ،مع أنَّ إجاباتهم صحيحة في مضامينها العامة .
أمَّا الحقيقة الرابعة التي يجب وضعها في الاعتبار ونحن نضع أسس ثقافة الطفل أن نساعد الطفل على التدرج في الاعتماد على نفسه في قضاء حاجاته، فمن خصائص الترقي النفسي للطفل أنّه يتدرج من الاعتماد الكلي على الوالدين في قضاء حاجاته إلى الاستقلال النسبي الذي يتيحه له نمو قدراته وتمايزها ،وتفتح وجدانه ونضوجه ،فإذا هيئت له الفرص المناسبة ،وسمح له بتجربة طاقاته الخلاقة ،انطلق إلى استخدام مواد بيئته في إبداع أعمال تتجلى فيها كيفية إدراكه لهذا العالم ،والرغبات التي تختلج في وجدانه ،وتخيلاته الدفينة ،والمشكلات التي تحيره ،وغير ذلك ممَّا لا يستطيع التعبير عنه بلغة البالغين، والفائدة التي نخرج بها من خلال كل هذه الأعمال، هي أنَّنا نستطيع من خلال المنجزات الإبداعية الحرة التي ينجزها الطفل أن نستكشف صميم شخصيته النامية. [المرجع السابق :ص 26-29 بتصرف.]
ومن خلال هذا الاكتشاف نستطيع أن نضع أيدينا على مواهبه وعلى قدراته ،فنعمل على تنميتها وصقلها وتوجيهها التوجيه العلمي السليم. فإن كان يمتلك موهبة علمية ،ولديه قدرة على الاختراع نوجهه إلى ذلك ،وإن كانت لديه موهبة ،شعرية أو قصصية أو نقدية نوجهه إلى ذلك ،ونجعل دراساته تتفق مع ميوله وموهبته.
ثقافة المراهقين
وما يقال عن مفهوم ثقافة الطفل يقال أيضاً عن مفهوم ثقافة المراهقين ،فالجماعات التي ينظمها المراهقون ،ويديرونها بأنفسهم ،والمشروعات الرياضية والفنية ،والاستكشافية والاجتماعية التي ينجزونها بمجهوداتهم ،واليوميات التي يكتبونها ،والقصص التي يؤلفونها ،والشعر الذي ينظمونه ،والمناقشات الدينية والسياسية التي يعقدونها هذه جميعها ،وغيرها من الأنشطة والمنجزات التي تصدر عن ذواتهم بأمانة وحرية هي ثقافتهم ،لأنَّها تفصح عن آمالهم وطموحاتهم ورؤاهم ،ولأنَّها تجسد قيمهم ومثلهم ،لذا فلابد من الاهتمام بإنشاء مراكز ثقافة الناشئين ،وتزويدها بالمختصين والمختصات في علم النفس، وعلم الاجتماع ،وعلم التربية والتعليم حسب المراحل العمرية، ويتم تبني الموهوبين والموهوبات وتوجيههم إلى المراكز المختصة برعاية الموهوبين، هذا ويلاحظ عدم وجود مراكز لرعاية الموهوبات في المملكة العربية السعودية ،إذ مقتصرة هذه المراكز على الذكور فقط ،وينبغي أن يوجه ذات الاهتمام للموهوبات من الإناث. جادة اللغة المتداولة في الكلام قبل دخوله المدرسة حتى يتمكن من السير فيها ،ويعجز كثير من الأطفال لسبب ما عن ذلك فيجدون صعوبة في السير سيراً عادياً في حياتهم الدراسية. وكلما تعلم الطفل الكلام سريعاً ساعده ذلك على التفاعل الاجتماعي ،وجني ثمار التفكير .
ومما لا شك فيه أنَّ ثقافة الطفل تساعد على النمو اللغوي لديه ،وزيادة مفرداته ،كما تساعد على تنمية قدراته ومهاراته ،بل تساعد أيضاً على اكتشاف مواهبه .
إنَّ الطاقات الابتكارية تحتاج إلى الرعاية منذ الطفولة وخلال المراهقة إلى الرشد ،فالبذرة الصالحة لا تستنبت إلاَّ في أرض طيبة ،وجو ملائم ،وكذلك الطاقات الخلاقة الكامنة في أطفالنا وشبابنا تحتاج إلى التلاحم مع أرضنا أو أهلنا وتراثنا الثقافي لكي تنمو وتترعرع ،ولكنه تحتاج في نفس الوقت إلى قدر من حرية التجريب الشخصي لتسهم بنصيبها في تطوير قيمنا الثقافية.[سمية أحمد فهمي: علم النفس وثقافة الطفل، ص 30،31،ط2،مكتبة الأنجلو المصرية، عام 1979م.]
والمقصود بثقافة الطفل أو الأطفال هو رعاية تلقائية الناشئين في التعبير عن شخصيتهم النامية ،وحفز طاقاتهم الخلاَّقة الكامنة، بحيث تتلاحم مع الواقع ،فيبدعون منجزات تجسد آمالهم وأفكار هم.
تعليم الأداء
لقد احتلت اللغة المتكلمة في الوقت الحاضر مكاناً لم تعرفه من قبل . ويرجع الفضل للمخترعات المتعددة كالهاتف والمذياع والتلفاز ومكبر الصوت والفيلم الناطق وأجهزة التسجيل ،ممَّا جعل اللغة المتكلمة تحل محل اللغة المكتوبة أكثر فأكثر.
والواجب على المرء أن يعرف كيف يتكلم ،ويتكلم بطلاقة لكي يصل إلى جمهوره ،ويحقق النفوذ الذي يبغيه ،وطريقة نطق الإنسان لم تعد أمراً خاصاً بالمتكلم ،وإنَّما هو أمر متعلق بكل من يستمع ،سواءً كان المتكلم سياسياً أو عالماً أو فناناً أو ممثلاً رسمياً …ولم يعد الجمهور السامع ـ كما كان في الماضي ـ تجمعاً صغيراً من الأصدقاء ،أو الأقارب أو الجيران يتجمعون في كل مكان صغير ،فالجمهور الآن قد يكون آلافاً أو ملايين.
د. سهيلة زين العابدين حمَّاد
لا يتوقف اكتساب اللغة على عملية النضج وحدها كما هي الحال في بعض مظاهر النمو ،ولكنه يتوقف على الوصول إلى مرحلة من النضج معينة حتى يستطيع الطفل الكلام ،كما أنَّه لابد أن يستمع الطفل إلى الكبار أثناء تطور هذه الأعضاء حتى يتمكن من تعلم اللغة، وتتمكن أعضاء الكلام من القيام بوظيفتها
.
واكتساب اللغة أمر ضروري ،إذ يساعد على فهم رغبات الآخرين ،كما يساعد على مد الطفل بثروة من المعلومات عن العالم المحيط به ،والتي لن يحصل عليها دون فهمه واستخدامه للغة ،كما تساعده اللغة على التعبير عن أفكاره وحاجاته ورغباته ،ولا يغفل أهمية اللغة كأداة تمكن الشخص من الوصول إلى مستوى معين في مراحل تعليمه ،إذ لابد من الاهتمام بوجدانات الأطفال المتفتحة في إطار هذا التصور ،وعليه تكون أنواع النشاط التي يبتكرها الأطفال والأشغال التي ينجزونها ؛مستخدمين مواد بيئتهم وأساليب تراثهم الثقافي تعبر بحرية عن تجاربهم الشخصية في العالم المحيط بهم عن خلجات وجدانهم إزاء الأحداث التي تقع لهم ،عن تخيلاتهم ورغباتهم ومشكلاتهم ،وما يرونه من حلول لهذه المشكلات ،فالألعاب التي يخترعونها ،والأناشيد التي يؤلفونها ،والرقصات التي يبتكرونها ،والقصص التي يتخيلونها ،والرسومات التي يصورونها ،والمسرحيات التي يبدعونها ،وغير ذلك من الأنشطة والمنجزات التي يزاولونها بأوسع قدر من الحرية والتلقائية ،هذه جميعها هي التي تشكل ثقافتهم ،لأنَّها تتضمن نظرتهم إلى الحياة ،وأسلوبهم في مواجهة الأحداث ،كما تجسد المعاني التي لها قيمة بالنسبة لمرحلة نموهم. [.محمود السعران: علم اللغة ،ص 31،، دار الفكر العربي ،مصر.]
الأسس التي تستند عليها ثقافة الأطفال
ممَّا لاشك فيه أنَّ هناك أسس يستند عليها في توجيه ثقافة الطفل وتنميتها، وهي تتلخص في الآتي:
1- أن نحرص على تنمية القيم الثقافية التي ترتكز عليها أمتنا الإسلامية، وهذه القيم تتحقق بعمليتين متكاملتين ملازمتين ،الأولى : عملية تجريبية استكشافية إبداعية تعبر عن منجزات تعكس معان وقيماً معينة ،العملية الثانية : عملية تلقي القيم والمعاني وتذوقها وترويجها في الممارسات المعيشية والمعاملات الحياتية ،فبعض الأفراد يتميزون بالقدرة على الإبداع والابتكار ،والبعض الآخر يتميز بالقدرة على التذوق والتطبيق ،ولا غنى لإحدى الفئتين عن الأخرى فلا ثقافة دون ابتكار ،ولا حياة لابتكار لا يمارسه أفراد المجتمع ويصونونه في طرائق حياتهم ،ومما ينبغي ألا يفوتنا أنَّ كلا الفئتين ،بل إنَّ جميع أفراد المجتمع يحتاجون إلى تعلم خبرات السابقين.
2- الحقيقة الثانية :هي أنَّ حياة الكائن البشري عملية متصلة من النمو والترقي ،نتصور أنَّها تجتاز مراحل متعاقبة منذ الولادة إلى الطفولة المبكرة ،إلى المراهقة ،فالرشد فالشيخوخة ،يضبط عملية النمو والترقي ويسيرها تفاعل إمكانيات الفرد الفطرية مع مؤثرات البيئة المادية والاجتماعية التي يعيش فيها.
3- والحقيقة الثالثة : هي أنَّ الطفل ينمو ويترقى في مجتمع يتبنى نسقاً متميزاً، يعكس قيماً خاصة في عاداته وأنظمته ،ومؤسساته ،ولغته ،وأدواته ،فالأسرة تربي الطفل وتوجهه وفقاً للقيم الدينية والثقافية التي نشأ الوالدان في كنفها ،والمدرسة تعلم الطفل الأدوات التي تمكنه من الاطلاع على ما تقوم عليه عقيدته الدينية ،وتراثه الديني والثقافي؛ فتعلمه القراءة ،والكتابة ،والحساب ،بحيث يتمكن من قراءة القرآن الكريم، وقراءة الحديث النبوي الشريف، ومن فهم المعلومات الجغرافية والتاريخية والعلمية المدونة في الكتب ،ولكن للأسف الشديد فإنَّ الطريقة المتبعة حالياً في تعليم الطفل في مدارسنا قائمة على الحفظ والتلقين، التي تعبر عن قيماً ثقافية معينة قائمة على الامتلاك والتخزين والتكديس والتسلط على الشخصيات النامية والحيلولة دون تنمية قدراتها على الإبداع والابتكار ،وكأنَّ هناك توجساً من التجريب والاستكشاف ،والإصرار على الحفظ والتلقين يستمر حتى في المراحل الجامعية ،بل حتى في مراحل الدراسات العليا ؛إذ لا يزال بعض أساتذة الجامعة ،وأقسام الدراسات العليا يلزمون طلبتهم بالحفظ الصم لمذكراتهم ،وإن عبَّروا في إجاباتهم بأسلوبهم الخاص تنخفض تقديراهن لتصل إلى المقبول ،مع أنَّ إجاباتهم صحيحة في مضامينها العامة .
أمَّا الحقيقة الرابعة التي يجب وضعها في الاعتبار ونحن نضع أسس ثقافة الطفل أن نساعد الطفل على التدرج في الاعتماد على نفسه في قضاء حاجاته، فمن خصائص الترقي النفسي للطفل أنّه يتدرج من الاعتماد الكلي على الوالدين في قضاء حاجاته إلى الاستقلال النسبي الذي يتيحه له نمو قدراته وتمايزها ،وتفتح وجدانه ونضوجه ،فإذا هيئت له الفرص المناسبة ،وسمح له بتجربة طاقاته الخلاقة ،انطلق إلى استخدام مواد بيئته في إبداع أعمال تتجلى فيها كيفية إدراكه لهذا العالم ،والرغبات التي تختلج في وجدانه ،وتخيلاته الدفينة ،والمشكلات التي تحيره ،وغير ذلك ممَّا لا يستطيع التعبير عنه بلغة البالغين، والفائدة التي نخرج بها من خلال كل هذه الأعمال، هي أنَّنا نستطيع من خلال المنجزات الإبداعية الحرة التي ينجزها الطفل أن نستكشف صميم شخصيته النامية. [المرجع السابق :ص 26-29 بتصرف.]
ومن خلال هذا الاكتشاف نستطيع أن نضع أيدينا على مواهبه وعلى قدراته ،فنعمل على تنميتها وصقلها وتوجيهها التوجيه العلمي السليم. فإن كان يمتلك موهبة علمية ،ولديه قدرة على الاختراع نوجهه إلى ذلك ،وإن كانت لديه موهبة ،شعرية أو قصصية أو نقدية نوجهه إلى ذلك ،ونجعل دراساته تتفق مع ميوله وموهبته.
ثقافة المراهقين
وما يقال عن مفهوم ثقافة الطفل يقال أيضاً عن مفهوم ثقافة المراهقين ،فالجماعات التي ينظمها المراهقون ،ويديرونها بأنفسهم ،والمشروعات الرياضية والفنية ،والاستكشافية والاجتماعية التي ينجزونها بمجهوداتهم ،واليوميات التي يكتبونها ،والقصص التي يؤلفونها ،والشعر الذي ينظمونه ،والمناقشات الدينية والسياسية التي يعقدونها هذه جميعها ،وغيرها من الأنشطة والمنجزات التي تصدر عن ذواتهم بأمانة وحرية هي ثقافتهم ،لأنَّها تفصح عن آمالهم وطموحاتهم ورؤاهم ،ولأنَّها تجسد قيمهم ومثلهم ،لذا فلابد من الاهتمام بإنشاء مراكز ثقافة الناشئين ،وتزويدها بالمختصين والمختصات في علم النفس، وعلم الاجتماع ،وعلم التربية والتعليم حسب المراحل العمرية، ويتم تبني الموهوبين والموهوبات وتوجيههم إلى المراكز المختصة برعاية الموهوبين، هذا ويلاحظ عدم وجود مراكز لرعاية الموهوبات في المملكة العربية السعودية ،إذ مقتصرة هذه المراكز على الذكور فقط ،وينبغي أن يوجه ذات الاهتمام للموهوبات من الإناث. جادة اللغة المتداولة في الكلام قبل دخوله المدرسة حتى يتمكن من السير فيها ،ويعجز كثير من الأطفال لسبب ما عن ذلك فيجدون صعوبة في السير سيراً عادياً في حياتهم الدراسية. وكلما تعلم الطفل الكلام سريعاً ساعده ذلك على التفاعل الاجتماعي ،وجني ثمار التفكير .
ومما لا شك فيه أنَّ ثقافة الطفل تساعد على النمو اللغوي لديه ،وزيادة مفرداته ،كما تساعد على تنمية قدراته ومهاراته ،بل تساعد أيضاً على اكتشاف مواهبه .
إنَّ الطاقات الابتكارية تحتاج إلى الرعاية منذ الطفولة وخلال المراهقة إلى الرشد ،فالبذرة الصالحة لا تستنبت إلاَّ في أرض طيبة ،وجو ملائم ،وكذلك الطاقات الخلاقة الكامنة في أطفالنا وشبابنا تحتاج إلى التلاحم مع أرضنا أو أهلنا وتراثنا الثقافي لكي تنمو وتترعرع ،ولكنه تحتاج في نفس الوقت إلى قدر من حرية التجريب الشخصي لتسهم بنصيبها في تطوير قيمنا الثقافية.[سمية أحمد فهمي: علم النفس وثقافة الطفل، ص 30،31،ط2،مكتبة الأنجلو المصرية، عام 1979م.]
والمقصود بثقافة الطفل أو الأطفال هو رعاية تلقائية الناشئين في التعبير عن شخصيتهم النامية ،وحفز طاقاتهم الخلاَّقة الكامنة، بحيث تتلاحم مع الواقع ،فيبدعون منجزات تجسد آمالهم وأفكار هم.
تعليم الأداء
لقد احتلت اللغة المتكلمة في الوقت الحاضر مكاناً لم تعرفه من قبل . ويرجع الفضل للمخترعات المتعددة كالهاتف والمذياع والتلفاز ومكبر الصوت والفيلم الناطق وأجهزة التسجيل ،ممَّا جعل اللغة المتكلمة تحل محل اللغة المكتوبة أكثر فأكثر.
والواجب على المرء أن يعرف كيف يتكلم ،ويتكلم بطلاقة لكي يصل إلى جمهوره ،ويحقق النفوذ الذي يبغيه ،وطريقة نطق الإنسان لم تعد أمراً خاصاً بالمتكلم ،وإنَّما هو أمر متعلق بكل من يستمع ،سواءً كان المتكلم سياسياً أو عالماً أو فناناً أو ممثلاً رسمياً …ولم يعد الجمهور السامع ـ كما كان في الماضي ـ تجمعاً صغيراً من الأصدقاء ،أو الأقارب أو الجيران يتجمعون في كل مكان صغير ،فالجمهور الآن قد يكون آلافاً أو ملايين.