كلمة المشاركين والمشاركات التي ألقتها الدكتورة سهيلة زين العابدين في حفل افتتاح ندوة خطابنا الثقافي قراءة الحاضر واستشراف المستقبل التي نظّمها نادي مكة الثقافي في الفترة 14-16 /5/1429هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي قال ( إنَّ اللهَ لا يُغيِّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين الذي قال ” اعملوا فكلٌ مُيَسّرٌ لما خُلق له، أمَّا أهلُ السعادةِ فيُيَسروا لعمل أهل السعادة، وأمَّا أهلُ الشقاوة فيُيَسَّروا لعملٍ أهلِ الشقاوة”
معالي رئيس نادي مكة الأدبي الدكتور سُهيْل القاضي
سعادة وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤن الثقافية الدكتور عبد العزيز السبيل
أيها الحضور الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
باسم المشاركين والمشاركات في ندوة ” خطابنا الثقافي قراءة الحاضر واستشراف المسقبل ” أتقدم بجزيل الشكر وعظيم التقدير والامتنان لنادي مكة الأدبي على حسنِ استقباله واستضافتِه لنا ،وعلى دعوتِنا للمشاركِة في هذه الندوة التي تتناول موضوعاً ،بل قضية جد خطيرة ،وهي قراءةٌ لواقع خطابنا الثقافي المبني عليه الكثير من أفعالنا وأقوالنا وقرارتنا وسلوكياتنا وتعاملاتنا وخططنا للوقوفِ على سلبياته ونقاطِ الضَّعفِ فيه ،ومعرفة هل خطابُنا الثقافي الحالي يتفق مع كل ما جاء به الإسلام ،أم غلبت الأعراف والعادات والتقاليد المتعارض بعضها مع ما جاء به الإسلام على بعض هذا الخطاب ؟
فمن أهداف هذه الندوة
• رسم صورة واضحة المعالم لواقع خطابنا الثقافي ،تُبرزُ جوانبَ القوةِ لتعزيزِها ،وتحدِّدُ مواطن الضعف لمعالجتها.
• تقديم رؤية استشرافية لمستقبل الخطاب ،لمساعدة صناع القرار في اتخاذ القرارات المناسبة التي تستند على المعلومة الدقيقة ،وتنطلق من رؤية استراتيجية محكمة.
• إيجاد خطاب ثقافي متوازن ينطلق من مرجعية إسلامية راسخة ،ويعي التحولات العالمية ،ويشارك في صناعة ثقافة العصر.
ولتحقيق هذه الأهداف السامية التي أعتقد أنَّنا لا نختلف عليها لابد أن تتصف أطروحاتنا ومناقشتنا بالشفافية والحيدة والموضوعية والمصداقية ،وهذا يتطلب منا جرأة في الطرح والمناقشة ،والقدرة على المواجهة إن أردنا التغيير للإصلاح.
إنَّ خطابنا الثقافي في حاجة إلى تغيير لانعدام توزانه ،فهو خطاب ذكوري في أغلبه مهممشاً للمرأة ،وهذا يتنافي مع نظام الكون وناموسه القائم على الزوجية ( ومن كل شيءٍ خلقْنا زوْجيْن لعلَّكم تذكَّرون)
إنَّ نظام الزوجية ليس دليلاً ً على وحدانية الخالق (جل وعلا) فحسب ، وإنَّما هو دليلٌ على نقص المخلوقات وافتقارها لغيرها ، حيث لا تتحدد معاني الأشياء وقيمها الحقيقية من خلال ذواتها ، وإنما من خلال كونها أجزاءً في تركيباتٍ أعم.
إنَّ خطابنا الثقافي في حاجة إلى تغيير لأنَّه قائم على مفهوم الخصوصية ،خصوصية المجتمع ،وخصوصية المرأة ،ذلك لإفساح المجال لأعراف وعادات وتقاليد ،وأحياناً أهواء متعارضة مع الإسلام ليتمحور خطابُنا الثقافي حولها،وتُلبس لباس الإسلام ،وتعتبرجزءاً منه ،فتوضع أنظمة وتُتخذ قرارات ،وتصدر أحكاماً قضائية بموجبها .
إنَّ مجتمعنا بشريُُ مثلُه مثلَ غيره من المجتمعات البشرية ،ومادام هو مجتمع مسلم ،فكل صفاتِه وخصائصِه إسلامية لا تختلف عن سائر المجتمعات الإسلامية ،ومقياس الأفضلية عند الخالق هو ” التقوى ” ( يا أيًّها الناس إنَّا خلقْناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شُعوباً وقبائل لتعارفوا إنَّ أكرَمكم عند الله أتقاكم )
والمرأة السعودية مثلُها مثلَ المرأةِ المسلمة لا خصوصية لها ،فالنساء اللواتي خصهن الخالق جل شأنه بخصوصية تختلف عن النساء أجمعين هن أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن ،والآية واضحة وصريحة ( يانساء النبي لستن كأحد من النساء…) لم يقل جل شأنه : يا نساء السعودية لستن كأحد من النساء.
إنَّ خطابنا الثقافي في حاجة إلى تغيير لأنَّه يفتقد إلى لغة الحوار ،متبنياً الأحادية في الرأي ،والأحادية في المذهب ،رافضاً أراء وفتاوى علماء من خارج مجتمعنا ،فكأنَّنا أوقفنا الدين وعلومه وعلمائه على مجتمعنا فقط.
إنَّ خطابنا الثقافي في حاجة إلى تغيير ،لأنَّ بعضَه لا يقبلُ الآخر،وهذا البعض نصَّب نفسه مصنِّفاً لإيمان وكفر الناس ،فهو يكفِّر من يخالفُه الرأي ،ويتهمُه بالفُسْق والزندقةِ والكفرِ أحياناً ،وبالبْرلَةِ والعلمانيةِ أحياناً ثانية ،وبالعمالةِ لأمريكا أحياناً ثالثة ،وبكل هذه التهم مجتمعةً أحياناً رابعة.
– إنَّ خطابنا الثقافي في حاجةٍ إلى تغيير لأنَّه يتعامل مع المرأة وفق مفاهيمَ خاطئة لبعض الآياتِ القرآنيةِ والأحاديثِ النبويةِ المتعلقةِ بالنساء، وبُنيت على تلك المفاهيم أحكامٌ فقهية خاطئة .وأنظمة وقوانين سلبت المرأة أهليتها القانونية ،كحكم ديَّةِ المرأةِ نصف دية الرجل مع أنَّ الآية الكريمة لا تنص على ذلك ( ومن قتل مؤمناً خطأ فتحريرُ رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) وقياسهم على حظ الذكر مثل حظ الأنثيين في الميراث ،وهذا ليس ثابتٌ في كل الأحوال ،فالرجلُ يأخذ ضعف المرأة في أربع حالات فقط ،وفي حالاتٍ تأخذُ مثلُه ،وفي عشر حالات تأخذ أكثر منه ،وفي حالات هي ترث ،وهو لا يرث،وهنا كم آلمني قولَ الإمام إبن قدامة في المغني ،معللاً ذلك : “ولأنَّ عقلها نصف عقله ” ،ونجد صاحب الشرح الكبير على متن المقنع يؤكِّدُ هذا القول ،فيقول ” ووجب لقاتل الأم الفضل على قاتل الأب ،لأنَّ عقلها نصف عقل الأب ، والسؤال هنا كيف يقررُ هؤلاء أنَّ عقل المرأة نصف عقل الرجل ،وهي متساوية معه في التكليف ،وفي الحدود والقصاص ؟ فهذا القول يتنافى مع عدل الله ؛إذ كيف يساوي بينها وبين الرجل في الحدود والقصاص ،وهي بنصف عقله ،بينما يسقط القصاص والعقوبات عن الصغير والمجنون لأنَّهما دون العاقل الرشيد عقلاً ،علماً بأنَّه لا يوجد نصٌ قرآني أو حديثٌ نبوي ينص على أنَّ ديةَ المرأة نصف دية الرجل لأنًَّ عقلها نصف عقله ،كما يقولون ،بل الآية القرآنية تنص على ( ومن قتلَ مؤمناً خطاً فتحرير رقبة مؤمنةِ ودية مسلمة إلى أهله ) والمؤمن هنا تشمل الذكور والإناث أي على العموم.
إنَّ خطابنا الثقافي في حاجة إلى تغيير لأنَّه قائمٌ على العصبيةِ القبليةِ التي نبذها الإسلام وقضى عليها بالمؤاخاة بين الأوس والخزرج ،وأطلق عليهم الأنصار مؤاخياً بينهم وبين المهاجرين ،ووصف الرسول صلى الله عليه وسلم العصبيةَ القبيلية بِ” النتنة ” فقال : ” دعوها إنَّها نتنة”.
إنَّ خطابَنا الثقافي في حاجةٍ إلى تغيير لأنَّه قائمٌ على فهم خاطئ للولاءِ والبراء ،وإسرافٍ في تطبيقِ قاعدةِ سدِّ الذرائع ودرءِ الفتنِ على الأحكامِ الخاصةِ بالنِّساءِ فحُرِّم الحلال ،وضُيُِّقت دائرته للتسع دائرة الحرام .
إنَّ خطابنا الثقافي في حاجةٍ إلى تغييرٍ لتحريمهِ وسائلَ الترفيه البرئ ،ممَّا دفع بشبابِنا بارتكاب كثيرٍ من الأخطاء والمعاصي خارج حدود الوطن.
وممَّا لاشك فيه أنَّ القائمين على نادي مكة الثقافي الأدبي ،ومنظمي هذه الندوة جادين في تغييرِ خطابِنا الثقافي لتحقيقِ الأهدافِ التي وضعوها وذكرتُها آنفاً ،بدليل تكليفي ،وأنا امرأةٌ ـوهذا غير مألوف في خطابنا الثقافي – بإلقاء كلمةِ المشاركين رجالاً ونساءً ،والمعتاد أنَّ رجلاً هو الذي يلقي مثل هذه الكلمة ،فخطابنا الثقافي قائم على تحدِّث الرجلِ نيابةً عن المرأةِ ،لأنَّ مجتمعنا لا يزال يضع المرأة تحت الوصاية فهي في نظره قاصر على الدوام إلاَّ في حالة ارتكابها لجريمة ما عندئذ يعترف المجتمع والقضاء بأهليتها الكاملة ويطبق عليها الحدود والقِصَاص والعقوبات ،ولعلها خطوة رائدة لنادي مكة الثقافي الأدبي ،وبادرة عملية لتغيير خطابنا الثقافي عملاً بقوله تعالى : ( إنَّ اللهَ لا يُغيِّرُ مَا بقومٍ حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم)
وانتهِز فرصة وجود سعادة وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية ،واطلب منه باسم الأديبات السعوديات أن تبادر الوزارة هذا العام بالتغيير في خطابنا الثقافي بدعوة الأديبات السعوديات للمشاركة في مؤتمرات الأندية الأدبية التي باتت قاصرة على الأدباء من الرجال.
شكراً من الأعماق على كل شيء ،وعلى هذه المباردة ،وعلى إنصاتكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي قال ( إنَّ اللهَ لا يُغيِّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين الذي قال ” اعملوا فكلٌ مُيَسّرٌ لما خُلق له، أمَّا أهلُ السعادةِ فيُيَسروا لعمل أهل السعادة، وأمَّا أهلُ الشقاوة فيُيَسَّروا لعملٍ أهلِ الشقاوة”
معالي رئيس نادي مكة الأدبي الدكتور سُهيْل القاضي
سعادة وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤن الثقافية الدكتور عبد العزيز السبيل
أيها الحضور الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
باسم المشاركين والمشاركات في ندوة ” خطابنا الثقافي قراءة الحاضر واستشراف المسقبل ” أتقدم بجزيل الشكر وعظيم التقدير والامتنان لنادي مكة الأدبي على حسنِ استقباله واستضافتِه لنا ،وعلى دعوتِنا للمشاركِة في هذه الندوة التي تتناول موضوعاً ،بل قضية جد خطيرة ،وهي قراءةٌ لواقع خطابنا الثقافي المبني عليه الكثير من أفعالنا وأقوالنا وقرارتنا وسلوكياتنا وتعاملاتنا وخططنا للوقوفِ على سلبياته ونقاطِ الضَّعفِ فيه ،ومعرفة هل خطابُنا الثقافي الحالي يتفق مع كل ما جاء به الإسلام ،أم غلبت الأعراف والعادات والتقاليد المتعارض بعضها مع ما جاء به الإسلام على بعض هذا الخطاب ؟
فمن أهداف هذه الندوة
• رسم صورة واضحة المعالم لواقع خطابنا الثقافي ،تُبرزُ جوانبَ القوةِ لتعزيزِها ،وتحدِّدُ مواطن الضعف لمعالجتها.
• تقديم رؤية استشرافية لمستقبل الخطاب ،لمساعدة صناع القرار في اتخاذ القرارات المناسبة التي تستند على المعلومة الدقيقة ،وتنطلق من رؤية استراتيجية محكمة.
• إيجاد خطاب ثقافي متوازن ينطلق من مرجعية إسلامية راسخة ،ويعي التحولات العالمية ،ويشارك في صناعة ثقافة العصر.
ولتحقيق هذه الأهداف السامية التي أعتقد أنَّنا لا نختلف عليها لابد أن تتصف أطروحاتنا ومناقشتنا بالشفافية والحيدة والموضوعية والمصداقية ،وهذا يتطلب منا جرأة في الطرح والمناقشة ،والقدرة على المواجهة إن أردنا التغيير للإصلاح.
إنَّ خطابنا الثقافي في حاجة إلى تغيير لانعدام توزانه ،فهو خطاب ذكوري في أغلبه مهممشاً للمرأة ،وهذا يتنافي مع نظام الكون وناموسه القائم على الزوجية ( ومن كل شيءٍ خلقْنا زوْجيْن لعلَّكم تذكَّرون)
إنَّ نظام الزوجية ليس دليلاً ً على وحدانية الخالق (جل وعلا) فحسب ، وإنَّما هو دليلٌ على نقص المخلوقات وافتقارها لغيرها ، حيث لا تتحدد معاني الأشياء وقيمها الحقيقية من خلال ذواتها ، وإنما من خلال كونها أجزاءً في تركيباتٍ أعم.
إنَّ خطابنا الثقافي في حاجة إلى تغيير لأنَّه قائم على مفهوم الخصوصية ،خصوصية المجتمع ،وخصوصية المرأة ،ذلك لإفساح المجال لأعراف وعادات وتقاليد ،وأحياناً أهواء متعارضة مع الإسلام ليتمحور خطابُنا الثقافي حولها،وتُلبس لباس الإسلام ،وتعتبرجزءاً منه ،فتوضع أنظمة وتُتخذ قرارات ،وتصدر أحكاماً قضائية بموجبها .
إنَّ مجتمعنا بشريُُ مثلُه مثلَ غيره من المجتمعات البشرية ،ومادام هو مجتمع مسلم ،فكل صفاتِه وخصائصِه إسلامية لا تختلف عن سائر المجتمعات الإسلامية ،ومقياس الأفضلية عند الخالق هو ” التقوى ” ( يا أيًّها الناس إنَّا خلقْناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شُعوباً وقبائل لتعارفوا إنَّ أكرَمكم عند الله أتقاكم )
والمرأة السعودية مثلُها مثلَ المرأةِ المسلمة لا خصوصية لها ،فالنساء اللواتي خصهن الخالق جل شأنه بخصوصية تختلف عن النساء أجمعين هن أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن ،والآية واضحة وصريحة ( يانساء النبي لستن كأحد من النساء…) لم يقل جل شأنه : يا نساء السعودية لستن كأحد من النساء.
إنَّ خطابنا الثقافي في حاجة إلى تغيير لأنَّه يفتقد إلى لغة الحوار ،متبنياً الأحادية في الرأي ،والأحادية في المذهب ،رافضاً أراء وفتاوى علماء من خارج مجتمعنا ،فكأنَّنا أوقفنا الدين وعلومه وعلمائه على مجتمعنا فقط.
إنَّ خطابنا الثقافي في حاجة إلى تغيير ،لأنَّ بعضَه لا يقبلُ الآخر،وهذا البعض نصَّب نفسه مصنِّفاً لإيمان وكفر الناس ،فهو يكفِّر من يخالفُه الرأي ،ويتهمُه بالفُسْق والزندقةِ والكفرِ أحياناً ،وبالبْرلَةِ والعلمانيةِ أحياناً ثانية ،وبالعمالةِ لأمريكا أحياناً ثالثة ،وبكل هذه التهم مجتمعةً أحياناً رابعة.
– إنَّ خطابنا الثقافي في حاجةٍ إلى تغيير لأنَّه يتعامل مع المرأة وفق مفاهيمَ خاطئة لبعض الآياتِ القرآنيةِ والأحاديثِ النبويةِ المتعلقةِ بالنساء، وبُنيت على تلك المفاهيم أحكامٌ فقهية خاطئة .وأنظمة وقوانين سلبت المرأة أهليتها القانونية ،كحكم ديَّةِ المرأةِ نصف دية الرجل مع أنَّ الآية الكريمة لا تنص على ذلك ( ومن قتل مؤمناً خطأ فتحريرُ رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) وقياسهم على حظ الذكر مثل حظ الأنثيين في الميراث ،وهذا ليس ثابتٌ في كل الأحوال ،فالرجلُ يأخذ ضعف المرأة في أربع حالات فقط ،وفي حالاتٍ تأخذُ مثلُه ،وفي عشر حالات تأخذ أكثر منه ،وفي حالات هي ترث ،وهو لا يرث،وهنا كم آلمني قولَ الإمام إبن قدامة في المغني ،معللاً ذلك : “ولأنَّ عقلها نصف عقله ” ،ونجد صاحب الشرح الكبير على متن المقنع يؤكِّدُ هذا القول ،فيقول ” ووجب لقاتل الأم الفضل على قاتل الأب ،لأنَّ عقلها نصف عقل الأب ، والسؤال هنا كيف يقررُ هؤلاء أنَّ عقل المرأة نصف عقل الرجل ،وهي متساوية معه في التكليف ،وفي الحدود والقصاص ؟ فهذا القول يتنافى مع عدل الله ؛إذ كيف يساوي بينها وبين الرجل في الحدود والقصاص ،وهي بنصف عقله ،بينما يسقط القصاص والعقوبات عن الصغير والمجنون لأنَّهما دون العاقل الرشيد عقلاً ،علماً بأنَّه لا يوجد نصٌ قرآني أو حديثٌ نبوي ينص على أنَّ ديةَ المرأة نصف دية الرجل لأنًَّ عقلها نصف عقله ،كما يقولون ،بل الآية القرآنية تنص على ( ومن قتلَ مؤمناً خطاً فتحرير رقبة مؤمنةِ ودية مسلمة إلى أهله ) والمؤمن هنا تشمل الذكور والإناث أي على العموم.
إنَّ خطابنا الثقافي في حاجة إلى تغيير لأنَّه قائمٌ على العصبيةِ القبليةِ التي نبذها الإسلام وقضى عليها بالمؤاخاة بين الأوس والخزرج ،وأطلق عليهم الأنصار مؤاخياً بينهم وبين المهاجرين ،ووصف الرسول صلى الله عليه وسلم العصبيةَ القبيلية بِ” النتنة ” فقال : ” دعوها إنَّها نتنة”.
إنَّ خطابَنا الثقافي في حاجةٍ إلى تغيير لأنَّه قائمٌ على فهم خاطئ للولاءِ والبراء ،وإسرافٍ في تطبيقِ قاعدةِ سدِّ الذرائع ودرءِ الفتنِ على الأحكامِ الخاصةِ بالنِّساءِ فحُرِّم الحلال ،وضُيُِّقت دائرته للتسع دائرة الحرام .
إنَّ خطابنا الثقافي في حاجةٍ إلى تغييرٍ لتحريمهِ وسائلَ الترفيه البرئ ،ممَّا دفع بشبابِنا بارتكاب كثيرٍ من الأخطاء والمعاصي خارج حدود الوطن.
وممَّا لاشك فيه أنَّ القائمين على نادي مكة الثقافي الأدبي ،ومنظمي هذه الندوة جادين في تغييرِ خطابِنا الثقافي لتحقيقِ الأهدافِ التي وضعوها وذكرتُها آنفاً ،بدليل تكليفي ،وأنا امرأةٌ ـوهذا غير مألوف في خطابنا الثقافي – بإلقاء كلمةِ المشاركين رجالاً ونساءً ،والمعتاد أنَّ رجلاً هو الذي يلقي مثل هذه الكلمة ،فخطابنا الثقافي قائم على تحدِّث الرجلِ نيابةً عن المرأةِ ،لأنَّ مجتمعنا لا يزال يضع المرأة تحت الوصاية فهي في نظره قاصر على الدوام إلاَّ في حالة ارتكابها لجريمة ما عندئذ يعترف المجتمع والقضاء بأهليتها الكاملة ويطبق عليها الحدود والقِصَاص والعقوبات ،ولعلها خطوة رائدة لنادي مكة الثقافي الأدبي ،وبادرة عملية لتغيير خطابنا الثقافي عملاً بقوله تعالى : ( إنَّ اللهَ لا يُغيِّرُ مَا بقومٍ حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم)
وانتهِز فرصة وجود سعادة وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية ،واطلب منه باسم الأديبات السعوديات أن تبادر الوزارة هذا العام بالتغيير في خطابنا الثقافي بدعوة الأديبات السعوديات للمشاركة في مؤتمرات الأندية الأدبية التي باتت قاصرة على الأدباء من الرجال.
شكراً من الأعماق على كل شيء ،وعلى هذه المباردة ،وعلى إنصاتكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته