أبعاد تدويل غزة!!
        سهيلة زين العابدين حمَّاد
    الخليج الإماراتية في 127 2007م .
     لست أدري لمَ يصبح التدويل في الآونة الأخيرة  مطلباً لحل ما نواجهه من أزمات ،إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري تعالت بعض الأصوات مطالبة بإنشاء محكمة دولية لمحاكمة المتهمين في اغتياله


، لم التركيز فقط على الحريري ؟ هل لأنَّ أمريكا أرادت أن تستثمر هذا الحادث المدبر من قبلها مع إسرائيل لتحقيق مآرب كبرى ،من ضمنها المحكمة الدولية ،وما ستؤدي إليه؟؟
لقد فات على المطالبين بالمحكمة الدولية أنَّهم بهذا يعرضون لبنان ودول المنطقة لاستعمار قضائي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية له عواقب وخيمة ستؤدي إلى احتلال عسكري لدولة عربية أخرى هي (سوريا ولبنان) .
وإثر انتصار المقاومة اللبنانية على إسرائيل في حربها على لبنان في يوليو/تموز الماضي كان من ضمن قرار وقف إطلاق النار وضع قوات دولية في الأراضي اللبنانية على الحدود الإسرائيلية،واللبنانيون يعلمون جيداً أنَّ مهمة هذه القوات لن تكون حماية لبنان من الهجوم الإسرائيلي ،ورصد اختراقات إسرائيل لقرار وقف إطلاق النار ،وإنما ستكون من أجل مصادرة سلاح حزب الله ،وتصفية عناصره .
  أمَّا طلب رئيس السلطة الفلسطينية قوات دولية لغزة بعد استيلاء حماس عليها ،فوجود هذه القوات ،لن يحل المشكلة بين فتح وحماس ،بل سيزكي الصراع بينهما من جهة ،ومن جهة أخرى لن يحمي الفلسطينيين من الإسرائيليين كما يحاول البعض الإيهام بذلك،ولن يحقق انتخابات مبكرة  تزيهة   ليبرربذلك  مبدأ التدويل ،لأنَّ ليس من المعقول أن توافق الإدارة الأمريكية على إيفاد قوات دولية لجماية الفلسطنيين من الإسرائيليين ،بل من الواضح أن تدويل القدس مطلب أمريكي إسرائيلي جاء على لسان رئيس السلطة الفلسطينية لأنَّ هذا المطلب يحقق أهداف أمريكا وإسرائيل ،فالقوات الدولية ستكون مهمتها قمع المقاومة الفلسطينية للاحتلال ،ومراقبة الحدود الفلسطينية المصرية لاعتقاد إسرائيل وأمريكا أنَّ السلطات المصرية عاجزة عن منع تسرب الأسلحة للفلسطينيين عبر حدودها ، وسيضفي الشرعية على الاحتلال، ويساعد على تطبيق الخطة الإسرائيلية الرامية لفرض حل إقامة كانتونات منفصلة عن بعضها البعض. وإحضار قوات دولية إلى غزة فقط، يؤكد الفصل ما بين الضفة وغزة، ويمهد لتكرار نفس الأمر في الكانتونات المقبلة في الضفة، وبالتالي، فإن القوات الدولية ستأتي في ظل المعطيات الحالية للوصاية وفرض الحلول الإسرائيلية وليست للحماية. وهذا ممكن لأن الشرعية الدولية ،والإرادة الدولية قائمتان  على ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية،فللأسف الشديد لا صوت يعلو على صوت الولايات المتحدة الأمريكية ،فالأمم المتحدة ومجلس الأمن ماهما إلاَّ لإضفاء الشرعية الدولية لما تقرره وتريده الولايات المتحدة الأمريكية لفرض نفوذها على البلاد العربية والإسلامية وضمها إلى امبراطوريتها الكبرى المعني بها الشرق الأوسط الكبير،ولحماية ربيبتها إسرائيل.
 فهل بلغ بنا نحن العرب  الإفلاس في القدرة على حل خلافاتنا ومشاكلنا ،فنطلب قوى دولية لحلها؟؟؟
   إنَّ المطلوب من الأطراف الفلسطينية المتنازعة أن تحترم كفاح الشعب الفلسطيني ،و تحترم دماء شهدائه التي روت التراب الفلسطيني  من أجل حريته واستقلاله  ،فتعود إلى الوفاق الوطني ،وتلتزم بماعاهدت الله عليه في بيته الحرام ،وأن تكون لنا نحن العرب إرادتنا المستقلة في حل نزاعاتنا وخلافاتنا فيما بيننا دون المطالبة بحلها من قبل غيرنا ،كفانا احتلالاً واستعماراً،وكانا وصاية الآخر علينا  ،فالعدو متربص بنا ،وقادم لاحتلال ما تبقى من أراضينا ،فلا نسارع بدعوته لاحتلالنا ،ففلسطين محتلة من عدو شرس لا يرحم  ،فلا ينقصها احتلالاً ،فلمَ نزيد من احتلالها باحتلال آخر ؟؟
  إنَّ غزة بوضعها الحالي  ليست حرة طالما المحتل الصهيوني في يده أن يمنع عنها عصبي الحياة الماء والكهرباء في أية لحظة ،ويغلق عليها معبر رفح وقتما يريد فيعزلها عن العالم ،ويستطيع أن يمنع عنها الطعام والكساء والدواء والمال  وقتما شاء فأي استقلال هذا ؟؟؟
  لمَ لا نكوِن مطالبنا عربية ؟ 
فنطالب جامعة الدول العربية بإنشاء محكمة عربية لمحاكمة المتهمين في اغتيال الحريري ،وأية شخصية عربية تُغتال .
ونطالب جامعة الدول العربية بإرسال قوات عربية إلى غزة بدلاً من القوات الدولية.
 البريد اليكتروني : suhail_hammad@homail.com
علينا أن نسعى لمشاكلنا وخلافاتنا ونزاعاتنا فيما بيننا ،ولا نطلب من الآخر المتربص بنا حلها ،فهو لن يحلها ،بل سيعقدها ويؤزمها إلى أن تصل إلى مرحلة فرض سيطرته العسكرية والاقتصادية والسياسية علينا كحل لها ،وعندئذ ينطبق علينا المثل القائل ” وجنت على نفسها براقش!!
Suhaila_hammad@hotmail.com



Leave a Reply