الخميس, 31 يوليو 2008
سهيلة حمَّاد
إنَّ التي تهرب من بيتها سيكون مصيرها الضياع والهلاك إن خرجت منه إلى الشارع، أو ذهبت إلى إحدى صديقات السوء، وتكون بذلك قد خسرت دنياها وآخرتها، وكذلك التي تنتحر، فإن كانت تعيش في جحيم
، وهي في بيت أهلها، أو زوجها، فإن هربت منه إلى الشارع أو انتحرت، فهي ذهبت إلى جحيم أشد وطأة، ومصيرها النار خالدة فيها، أمَّا التي تحاول الانتحار، وتنجو فعليها أن تتوب إلى الله وتستغفره، وقد تؤثر محاولة الانتحار على صحتها، وتعيش طوال حياتها عليلة مريضة، فالمرأة أو الفتاة إن أغلقت الأبواب في وجهها، ولم تجد من الأسرة من يخلصها ممَّا تعرضت له من عنف بدني، أو نفسي، أو مالي، أو جنسي، فعليها أن تلجأ إلى جهة آمنة كأن تلجأ إلى وحدة الإرشاد الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية، أو إلى إحدى الجمعيات الخيرية النسائية ،أو للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، أو لهيئة حقوق الإنسان، أو لبرنامج الأمان الأسري، فهي في هذه الحالة ستكون في أيد أمينة ستحافظ عليها وتسعى إلى رفع الأذى عنها.
• ولكي تستطيع هذه الجهات رفع الأذى عن المعنَّفات لابد من العمل على:
منح المرأة البالغة الرشيدة الأهلية الكاملة ،لحمايتها من تسلط ولي أمرها الذي قد يُمارس معها شتى أنواع العنف، ويحرمها من حقها في التعليم أو الزواج، أو يجبرها على الزواج بمن لا ترغب، فتضطر إلى الهرب.
• صدار مدونة للأحوال الشخصية تحفظ حقوق المرأة والطفل طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، وأنَّ تعطي المدونة للمرأة حق الطلاق إن لجأت إلى القضاء وطلبته لاستحالة استمرار الحياة الزوجية مع زوجها، فلا يحق لأحد إجبارها على العيش مع رجل مدمن يضربها، ويهينها، وقد يسبب لها عاهة، ويهددها بالقتل، أو فاسق يلزمها على ارتكاب المعاصي، فمن حقها أن تطلق منه، وتحصل على كافة حقوقها، ولكن الذي يحدث في هذه الحالة إن رأى القاضي طلاقها ،فيلزمها في الغالب بمخالعة زوجها، وعند المخالعة تسقط كل حقوقها، بل تُلزم برد مادفعه الزوج من مهر لها، وأحياناً يطالبها بأكثر ممَّا دفعه، والزوجة في حالة عدم امتلاكها للمال الذي به يُطلق سراحها قد تستدين، وإن لم تتمكن من ذلك قد تهرب من بيت الزوجية. مع أن المخالعة لا تكون إلاَّ في حالة وقوع الضرر على الزوج في حالة كره الزوجة لزوجها، وعدم قدرتها على إعطائه حقوق الزوجية، ولا يوجد ما يعيب دينه وخلقه، وحديث زوجة قيس بن ثابت يوضح هذا؛ إذ جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت له عن زوجها: إنَّني لا أعيب دينه وخلقه، ولكن أكره الكفر في الإسلام، فسألها الرسول صلى الله عليه وسلم: “أتردين له حديقته، قالت نعم وزيادة، قال: لازيادة”.
وللأسف الشديد نجد بعض قضاتنا حرموا المرأة الواقع الضرر عليها من زوجها من حق طلب الطلاق، وألزموها بالخلع في كل الحالات. فلابد أن تنص مدونة الأحوال الشخصية على أن لا يكون الخُلع إلاَّ في حالة كره المرأة العيش مع زوجها مع عدم وجود ما يعيب دينه وخلقه.
• من حيث حضانة الأطفال أن تكون للأم إن كانت الأصلح للحضانة، أو لأم الأم مع إلزام الأب بالنفقة عليهم طبقاً لإمكانياته المادية، ويخصم ما يقرره القاضي من نفقة من راتب الأب، ويودع شهرياً تلقائياً في حساب الأم الحاضنة، وإن كان الأب من رجال الأعمال ، فيؤخذ تقرير دخله من مصلحة الزكاة والدخل، والقاضي يقرر نفقة الأولاد بموجب مستوى دخل الأب، لأنَّ ما يقرره الآن معظم قضاتنا من نفقة شهرية للأولاد تترواح ما بين 300 – 500 ريال، وهذا المبلغ يغطي المصروف الجيبي اليومي للطفل فقط، والأم تتحمل مصاريف السكن والملبس والمأكل والمشرب والمواصلات والعلاج والمدارس، وإن كانت الأم غير موظفة، وإمكانياتها المادية ضعيفة تضطر إلى التنازل عن حضانة أطفالها، ويعيشون مع زوجة أب قاسية تمارس معهم
شتى أنواع العنف، وقد جاءتني كثير من القضايا من هذا النوع.
• أن تكون حضانة البنت إلى أن تتزوج، والولد كذلك، لأنَّ الأم التي رفضت الزواج وآثرت تربية أولادها، واحتضانها لهم هل تكافأ بترك ولدها لها عندما يبلغ، وهو رجلها، ويذهب إلى أبيه؟، والمرأة أيَّا كانت فهي تحتاج إلى وجود رجل معها، خاصة مجتمعنا الذي يشترط وجود المحرم في كل كبيرة وصغيرة.
• أن تحتوي المدونة على تجريم العنف الأسري بكل أشكاله وأنواعه، بأن يتعرض للعقاب تعزيراً كل من يمارس أي نوع من أنواع العنف من تعذيب، أوعضل، أو إكراه على الزواج، أو حرمان من الميراث، أو من الراتب، أو من التعليم، أو تحرش جنسي أو اغتصاب أو… إلخ.
• وضع لوائح تنظيمية لدور إيواء المعنَّفات، فهي إلى الآن تعمل بلا لوائح، وللأسف نزيلات هذه الدور يعاملن من البعض، وكأنهن سجينات.
• على وحدة الإرشاد الاجتماعي أن تعمل على علاج المعنِّفين لئلا يمارسوا العنف مرة أخرى عند إعادة المعنَّفة إلى بيتها، كما لابد من العلاج النفسي للمعنَّفة قبل إعادتها إلى بيتها.
• في حالة عدم صلاح البيت، واستحالة إعادة المعنَّفة إليه، لابد من تولي وحدة الإرشاد الاجتماعي توفير السكن الملائم للمعنَّفة، وتوفير لها العمل الذي تعيش منه إن كانت غير موظفة، وتأهيلها للعمل إن كانت غير مؤهلة.
• إيجاد في كل حي مركز للشرطة النسائية تلجأ إليها أية امرأة، أو فتاة، أو طفلة تتعرض للعنف الأسري، ويتولى المركز تحويلها إلى جهة آمنة تؤويها ريثما تُحل قضيتها، ويُرفع عنها ما تتعرض له من أذى، أو عنف أو ظلم، أو سلب حق.
• عمل حملة توعوية للآباء والأمهات عن كيفية تعاملهم مع أولادهم في مختلف مراحلهم السنِّية، عبر جميع وسائل الاتصال من إذاعة وتلفزيون وصحافة وسينما ومسرح، بأن يكونوا أصدقاء لهم يستمعون لهم وإن اعترفوا لهم بأخطاء ارتكبوها لا يعاقبونهم، بل يوجهونهم لعدم تكرار الخطأ، فإن عاقب الآباء أبناءهم على الأخطاء التي اعترفوا لهم بارتكابهم لها، فسيحجم الأبناء من مصارحة آبائهم عما يرتكبونه من أخطاء من ورائهم، كما لابد من توعية الآباء والأمهات على ضرورة معرفة أصدقاء أولادهم وصديقات بناتهم، وأن يتعرفوا على أسرهم، والبيوت التي نشأوا فيها، وتكون هناك زيارات بينهم ،فلا يذهب أولادهم، أو بناتهم لبيوت أناس لا يعرفونهم.
• تعزيز لغة الحوار بين أفراد الأسرة من خلال برامج إذاعية وتلفازية، وأعمال درامية.
• إيجاد وسائل للترفيه البريء التي يفقدها مجتمعنا، فالنوادي الرياضية والحفلات المدرسية مثلاً محرمة على بناتنا، إنَّ وسيلة الترفيه لدى بناتنا في المملكة المطاعم والمقاهي، وهي عبارة عن غرف مغلقة 2×2م، وهن مع أسرهن في هذه الغرف الضيقة والمغلقة يقتحمها أحياناً بعض رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ممَّا يعكر صفو الجلسة الأسرية.
• توفير فرص عمل للفتيات، والإكثار من المعسكرات الصيفية، وإيجاد نشاط مسرحي مدرسي وجامعي.
Suhaila_hammad@hotmail.com
………………………………………………………
المصدر : جريدة المدينة.