لقد سبق وأن كتبتُ عدة مقالات عبّرتُ فيها عن معاناة المواطنات السعوديات المتزوجات من غير سعوديين، ومعاناة أولادهم وأزواجهم، وطالبتُ فيها منح المواطنة حق منح جنسيتها لزوجها وأولادها،

وبذلك نغلق هذا الملف المليء بمعاناة عشرات الألوف من بنات الوطن وأسرهن، وهذه المرة سأدع المواطنة وزوجها ،وأبناءها وبناتها يتحدثون عن معاناتهم من خلال رسائلهم التي بعثوها لي عبر بريدي الاليكتروني، أضعها بين يدي المسؤولين ليضعوا حدًا لمعاناتهم.

     فهذه رسالة من مواطنة، تقول فيها : « نحن السعوديات المتزوجات من غير سعوديين نعاني معاناة لا يعلم بها إلّا الله، ما الفرق بيني كمواطنة تزوجت من أجنبي بموافقة من وزارة الداخلية وبصفة رسمية، وبين ذلك المواطن الذي تزوج شغالته الأجنبية وبدون تصريح؟ لماذا يمنح أبناءه وزوجته جنسيته، وأنا لا أستطيع أن أمنح جنسيتي لأبنائي وزوجي؟ هل ارتكبت جرمًا لأنّي تزوجت من أجنبي، فلو كان جرمًا فلماذا تمت الموافقة على الزواج أساسًا؟ ولو كان جرمًا فماذا يسمى ما فعله ذاك المواطن الذي تزوج شغالته ؟ 
أعذريني لا استطيع أن أكمل لأنّ ضغطي قد ارتفع، وأصبحتُ ارتجف من الغضب الذي بداخلي.
ومواطنة أخرى « ترى زوجها الشاب الطموح الذي يشع قوة ونشاطًا قابعا في البيت ممنوعا من العمل لأنّه أجنبي لسعودة الوظائف، حيث فصل من عمله قبل 8 أشهر، وترى ابنتها الأجنبية التي ليس لها علاج مجاني في المستشفيات الحكومية إلاّ بمقابل 50 ريالا، ولا يقبلون بي في الضمان الاجتماعي لأنّ زوجي أجنبي، ولا قروض، ولا منح ولا أي شيء.. لماذا ؟ زوجك أجنبي .
عقاب ليس بعده عقاب، أموت في اليوم 100 مرة ،وأنا أرى هذه المعاملة ،وأنا في بلدي ووطني وبين ناسي وأهلي، هل أرحل من هذا البلد لعلي أجد من يعاملني المعاملة السوية المنصفة ؟ ولكن إلى أين أرحل فزوجي مولود بالسعودية ،أجداده عاشوا وماتوا ودفنوا في السعودية ،وأخواته وإخوانه وأبناء عمومته سعوديون، حتى هو الآخر ليس لديه أحد بالخارج حتى نذهب إليه، ولم يسافر قط خارج السعودية، ولا يتكلم إلاّ بلغة أهلها، فما الحل ؟
وكتب لي زوج مواطنة ،قائلًا: أنا متزوج منذ أربعة وعشرين عامًا من سعودية وبموافقة الجهات الرسمية وتعلمون بالطبع كيف هي أوضاع الشريحة التي أنا منها في المجتمع، وما أفرزته تلك الأوضاع من حالات لا يوجد مثيل لها بأي جهة في العالم إلى حد جعل المواطنة السعودية تكفل زوجها الأجنبي (إن لم تكن تملك مؤسسة خاصة) كسائق دون أي اعتبار رسمي للعلاقة الشرعية التي تربط بينهما، ناهيك عن حالات عديدة منها كفالة الأم السعودية لأبنائها من أجنبي أو كفالة الأبناء لآبائهم غير السعوديين، وعلى الرغم من ذلك فإنّني أعتبر نفسي محظوظاً حيث تمكنت وبتوفيق من الله من نقل كفالتي على زوجتي (كمحرم لها) بأمر من المغفور له بإذن الله صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله وقد استطعت في بداية زواجي من العمل بجهة رسمية وبصورة تعاقدية موثقة من الجهات المختصة إلا أنّ الأحوال تبدلت بعدها في ظل سياسة السعودة ، وبصرف النظر عن كافة التصريحات والأخبار التي تعفي زوج المواطنة السعودية من شرط السعودة، فما زالتْ عبارة (غير مصرح له بالعمل) تُزيّن إقامتي وكأّنها عنوان لصورتي بها! .
لست ممن ينظرون للحياة من خلال منظار أسود ولكنني أسائل نفسي أحياناً كثيرة فيما لو كنت أمضيت هذه السنين التي مضت في بلدي أو في أي مكان آخر بالعالم ألم يكن وضعي سيكون أحسن حالاً، فعلامات استفهام كثيرة تؤرقني وتثير سخطي منها:
1. على أية أساس سمح لي بالزواج من مواطنة سعودية ؟هل على أساس أنّ المرأة قوامة على الرجل ،وعليّ أن أتقبل أن تنفق عليّ ؟ 
2. لماذا لم تكن هناك خطوط واضحة للظروف المعيشية التي سيعاني منها كل من هو بحالتي قبل السماح له بالارتباط من مواطنة سعودية، بأن يكون على علم بأنّه لا يحق لهم المطالبة بالحصول على الجنسية السعودية، وبأنّه غير مسموح له بالعمل لإعالة أسرته؟ 
3. لماذا إذا تزوج السعودي من أجنبية تجنس الزوجة الأجنبية وفق معايير محددة بصورة آلية ،أمّا إن تزوجت السعودية من أجنبي تعذب طيلة حياتها كون زوجها أجنبياً حيث لا يحق له مراجعة أية مصلحة لزوجته(كونها سعودية) للتخفيف عنها، ويجب أن تجرى الزوجة وراء مصالحها، بل وفيما يخص الزوج الأجنبي بنفسها والتعرض لكافة مضايقات وتهكمات الموظفين (كونها متزوجة من أجنبي) وتحضرني هنا حادثة ما زالت تسكن عقلي الباطن، عندما تمّ التوجيه باستخراج بطاقات شخصية للمرأة السعودية كان من شروط حصولها عليها أن يراجع ولي أمرها الأحوال المدنية لتوقيع أوراق وهو أحد أقارب الدرجة الأولى إن لم تكن متزوجة والزوج إذا كانت متزوجة فذهبت بحُسن نية بناءً على طلب زوجتي للأحوال المدنية ، وياليتني يا سيدتي لم أذهب فما أن شعر المسؤول بالأحوال المدنية بأنّني أجنبي طردني من المبني شر طردة حتى أنني تمنيت أن تنشق الأرض وتبتلعني. أنا لا أريد شيئًا فقد بلغت من العُمر ثلاثة وخمسين عاماً ولم يتبق من العُمر قدر ما مضى، كل ما يؤرقني سيدتي هو مستقبل بنتيّ فقد علمت ابنتي الكبيرة بأنّها ورغم أنّها تعامل معاملة السعوديات في التعليم الجامعي إلا أنّه لن يسمح لها بالعمل بعد التخرج وستعامل كأجنبية بكافة شؤون حياتها العملية مستقبلًا مما أصابها بإحباط أكاد ألمسه بعينيها كلما نظرت لها …. ستقولين لم لا تزوجها من سعودي ليتحمل هو إكمال المشوار معها، وأقول لا أستطيع أن أفرض زواج ابنتي من سعودي كحل لهذه المشكلة، فقد يكون الزوج غير أهل للمسئولية فضلاً عن عدم تقبل ابنتي للأمر لرغبتها في التفرغ التام للدراسة.
ولا تزال للرسائل بقية.

Suhaila_hammad@hotmail.com
الثلاثاء 2671432هـ 2862011م.
http://www.al-madina.com/node/312349


Leave a Reply